همس الحروف
نداء عاجل للقنصلية المصرية بحلفا و لإدارة معبري أرقين وأشكيت و للمجلس السيادي
✍️ د. الباقر عبد القيوم علي
تتعرض الولاية الشمالية هذه الأيام لأمطار غزيرة غير مسبوقة ، و سيول مدمرة أدت إلى كوارث إنسانية بالغة التعقيد ، و خسائر كبيرة في الأرواح و الممتلكات ، فتدمرت من جرائها الكثير من المنازل و البنى التحتية ، وأثرت بشكل كبير على حياة المواطنين ، و كان تقدير لجان الطواريء في تقاريرهم أن حجم الأضرار التي تم رصدها تقدر بآلاف المنازل المتضررة كلياً و ثلاث أضعافها جزئياً ، و عشرات الآلاف من الأشخاص فقدوا منازلهم ، حتى أصبح الوضع بالولاية مأساوياً ، و يحتاج إلى تدخل سريع و استجابة إنسانية عاجلة لإنقاذ آلاف المتضررين و المساهمة في إعادة الإعمار .
الشيء المؤسف هو تأثر البنى التحتية من جراء هذه السيول و الأمطار ، حيث تسببت في دمار واسع في الجسور و الطرق ، مما أدى إلى قطع الطرق الرئيسية التي تربط مدن و قرى الولاية ، و قد جعلت هذه الكارثة الطبيعية من الصعب التنقل بين المناطق المختلفة ، الشيء الذي أدى إلى إرباك حركة المواطنبن ، و قطع الإمدادات و المساعدات ، و كما أصبح الوصول إلى المناطق المتضررة صعباً للغاية ، الشيء الذي زاد من تعقيد الجهود المبذولة لتخفيف حدة الأزمة .
أود أن أنقل عبر هذه المساحة مناشدة عاجلة للسادة قنصلية مصر العربية بمدينة حلفا من عدد من المواطنين الذين سجلوا أسماءهم قبل عدة أشهر في كشوفات طالبي التأشيرة ، و كانوا على وشك الوصول إلى مواعيدهم ، إلا أن الظروف الطارئة الحالية ، بما في ذلك السيول التي قطعت الطرق إلى حلفا ، منعتهم من القيام لمبتغاهم ، بعضهم مرضى ، و قد تواصل معي البعض ، و طلبوا مني توصيل صوتهم الذي يعبر عن مدى قلقهم الشديد بشأن ضياع فرصتهم في الحصول على التأشيرة ، و يناشدون سعادة القنصل باتخاذ الإجراءات اللازمة لتثبيت حقوقهم في قائمة الانتظار بسبب هذه الظروف الاستثنائية الخارجة عن إرادتهم ، و السعي في تأجيل مواعيدهم حتى يتمكنوا من الوصول إلى حلفا بأمان .
و من جانب آخر أود أن أنقل للسلطات السودانية حجم معاناة سائقي الشاحنات المصرية التي تمر عبر معبري أرقين وأشكيت ، من جراء التكدس الشديد الذي أدى إلى تأخيرهم ، و الشيء الذي فاقم حجم معانتهم هو عدم تجاوب المخلصين الجمركيين معهم ، و ذلك بالتهرب منهم و عدم الرد على إتصالاتهم ، مما زاد في تعقيدات وضعهم ، و لهذا نرجو من السلطات الجمركية بالمعبرين و الحظائر بفتح منافذ لتفعيل إجراءات فعالة لمحاسبة المخلصين الجمركيين المماطلين لضمان تحسين سير الإجراءات الجمركية وتسريعها ، و خصوصاً أن البيئة بالمعابر غير صالحة للحيوان فضلاً عن الإنسان ، حيث لا تتوفر فيها مقومات الحياة البشرية الأساسية من الخدمات مثل المياه ، والمرافق الصحية ، و الظل من حرور الشمس الشيء الذي جعل معظم هؤلاء السائقين يتعرضون لضربات الشمس التي يمكن ان تؤدي الى الوفاة في أغلب الاحيان لا سمح الله ، و كذلك في ظل هذه الظروف الصعبة يتعرض بعضهم أحياناً للتحرش اللفظي من بعض أفراد القوات النظامية هنالك ، و كل هذه الملابسات الصعبة تصنع ضغطاً هائلاً على هؤلاء السائقين ، و تؤثر سلباً على ظروفهم النفسية و المعيشية .
و بعد التوجيهات الصارمة التي أصدرتها اللجنة السيادية التي شكلها المجلس السيادي بعد أيلولة المعابر إليه و التي تم تكليفها لإنهاء حالة التكدس و التأخير في معبري أرقين وأشكيت بدأت الحركة في انسياب سلس و بصورة جيدة ، الآن تسير الأمور بصورة طيبة لإنهاء هذه الحالة ، و من دورنا نحن نرجو من اللجنة الموقرة نقل هذه الصورة البيئية المتهالكة لمجلس السيادة حتى يسعى في توفير بيئة صالحة للعمل ، و لاستقبال الضيوف و توفير الخدمات الأساسية من مياه صالحة للشرب ، و مرافق صحية ، و مرافق علاجية و دفاع مدني ، بصورة تليق بتبعية هذه المعابر لأعلى جهة سيادية بالسودان .
نثمن جهود مصر في إحتواء الأزمة السودانية منذ بداية الحرب مروراً بهذه الأزمة الأخيرة ، و أؤكد أن إستعداد مصر لتقديم المساعدات للسودان بصورة عامة و للولاية الشمالية على وجه الخصوص لم يتوقف و ما زالت مصر على أتم الجاهزية و الإستعداد لتقديم المزيد ، و هذا الأمر في محل تقدير كبير بالنسبة لنا ، لأن مصر ساهمت بشكل كبير في تخفيف حدة الازمة و التقليل من معاناة المتضررين على تجاوز كل هذه الأزمات .
أود أن أعرب عن الشكر العميق و خالص التقدير من حكومة و شعب الولاية الشمالية للشعب المصري و حكومته ، و الشكر الخاص و الخالص للقنصل المصري و أركان سلمه على وقوفهم الميداني في مدينة حلفا على حالة المتأثرين ، و نثمن جهوده التي بذلها في متابعة أوضاع المتضررين ، و مساعيه الجادة لتقديم الدعم المباشر ، و التي كانت محل تقدير كبير عند جميع مواطني مدينة حلفا ، فإن زيارته الميدانية أظهرت التزاماً واضحاً منه و تعاطفاً كبيراً من القنصلية المصرية مع المتأثرين من جراء السيول والأمطار ، و قد ساهمت وقفتهم معنا بشكل فعال في تخفيف الأثر النفسي و تقبل الإبتلاء بصبر و عزيمة .
و الله من وراء القصد