عبدالماجد عبدالحميد يكتب.. في وجه العاصفة وهدير المدافع
* بلّة .. شاب في مقتبل العمر من أبناء قرية النوراب بولاية الجزيرة .. التقيته يوم أمس في قلب مدينة بورتسودان التي تشهد هذه الأيام أصعب أيام طقسها الساخن حيث تسجل درجات الحرارة ارتفاعاً قياسياً .. لم تسبق لي مقابلة بلة كفاحاً لكنه كما قال لي يتابع ما نكتب .. وجدت مناسبة هذا اللقاء العفوي فرصة لأسأل الشاب بلة عن ظروف أهله في قرية النوراب ..قال لي بنبرة حزن سبقتها تنهيدة لم يستطع حبسها : ( والله الأهل صابرين وشاكرين وصامدين .. ظروفم صعبة .. الحاجة المهمة بالنسبة ليهم في الوقت الحالي أن يتمكن الجيش من فتح الطرق عشان تصل المواد التموينية للناس .. أهلنا في الجزيرة ما محتاجين إغاثة .. عايزين الطرق تفتح ) ..
* الشاب بلة ابن قرية النوراب تخرج في كلية الاقتصاد جامعة أم درمان الإسلامية .. ويعمل حالياً في محل تجاري بمدينة بورتسودان وهو نموذج شاخص لآف الشباب الذين يرقبون مستقبلهم بقلق لكنه يقابل الظروف بالتفاؤل والصبر الفاعل .. يستغل فرصة العمل أمامه لحين الفرج القادم بحول الله ..
* وبلة النوراب مثال لالاف الشباب من أبناء ولاية الجزيرة الذين رمتهم تصاريف الحياة في بلاد وبقاع أخري بحثاًعن حياةٍأفضل ..
* وما قاله الشاب بلة هو بعض المطلوب والمأمول عند أهل الجزيرة.. في مثل هذه الظروف لن يستطيع أي والي أو حاكم يجلس علي كرسي الولاية بالجزيرة أن يفعل أكثر مما يفعله الوالي الحالي الطاهر إبراهيم الخير ..
أن يسخّر الدعم الرسمي والشعبي لدعم الجيش والأجهزة الأمنية والمقاومة الشعبية للمحافظة علي القري الآمنة وحمايتها من همجية عصابات مليشيا التمرد .. وأن توظف حكومة الولاية الدعم الحكومي والشعبي لإسناد المتحركات القتالية في الصفوف الأمامية والعمل مع الخيرين لمداوة وعلاج جرحي العمليات ومواصلة التعبئة والاستنفار ..
* هذا هم أول لاينكر إلا مكابر الجهود التي بذلها أهل الجزيرة بقيادة الوالي الحالي ومن يقفون معه مساعدين ومساندين في هذه الظروف الصعبة ..
* ليس مطلوباً من ولاة الولايات غير الآمنة تبديد الجهود في غير ثلاث أو أربع جبهات تتقدمها جبهة إسناد الجيش والأجهزة الأمنية الأخري .. وجبهة تأمين الوضع الاقتصادي المتاح والمعاش للمواطنين .. وجبهة العمل في المحافظة علي الحد الأدنى من خدمات الصحة للمواطنين .. وجبهة تسيير دولاب العمل الحكومي في المناطق الآمنة وفي حال الجزيرة نعني محليتي المناقل ومحلية24 القرشي ..
* بشهادة القريبين من هذه الجبهات بولاية الجزيرة فقد حقق والي الجزيرة المكلف الكثير من الممكن وبعض المستحيل .. ويكفي الوالي والمحيطين به من أبناء ولاية الجزيرة أنهم باقون وصامدون حتي اللحظة مع أهلهم داخل المناقل ويتابعون يوميات الحرب وهموم أهلهم عن قرب .. ويعملون في ظروف غير طبيعية ومع هذا يقدمون مبادرات سياسية عجزت عنها حتي أكثر الولايات أمناً واستقراراً.. ونشير هنا إلي التظاهرة الرمزية التي سيّرتها القطاعات السياسية بالمناقل رفضاً لمفاوضات جنيف المشوهة ..
* ومن باب الوفاء لأهل العطاء لن ينسي أهل الجزيرة عامة وأبناء المناقل خاصة الجهد المخلص الذي يقدمه عدد من رجال المال والأعمال من أبناء الولاية الذين فضلوا البقاء وسط أهلهم ولم يغادروا كما فعل ويفعل غيرهم من أهل الدثور الذين آثروا السلامة ..
* من صور ومشاهد الخلاف والتناحر السياسي الغريب والموروث في ولاية الجزيرة أن ترتفع أصوات محدودة تطالب بتعيين والي من أبناء الجزيرة لقيادة الولاية ..
من حق هذه الأصوات أن تطالب بوالي جديد للجزيرة لكن عليها ملاحظة أن أي والي للجزيرة مهما كانت قدراته وخبراته لن يستطيع تجاوز ما قدمه ويقدمه الوالي الحالي لأن كل الولاة الحاليين هم ولاة ( لفك الحيرة ) .. وليسوا ولاة الشالات والجلاليب الأنيقة .. إنهم ولاة مأطرون بسقف تفويض محدود لايستند علي أرضية سياسية أو جماهيرية .. سقف ينتهي بنهاية الحرب ويومها يحق لأبناء الجزيرة الذين يطالبون حالياً بتعيين والي من أبناء الولاية وهم يقيمون حالياً نازحين في ولايات آمنة أو يتابعون الأحداث من خارج السودان ..
عندما تضع الحرب أوزارها يمكن للمجموعة التي تنادي بوالي من داخل الجزيرة أن تنصب خيمة داخل قصر الضيافة بمدني وصيوان حدادي مدادي وسط المناقل وترفع صوتها للمطالبة بوالي من أبناء الجزيرة.. أما الآن فليس لأهل الشاب بلة في قرية النوراب وغيرها من قري الجزيرة الوادعة وقت لمتابعة ترف السياسيين في وجه العاصفة وهدير المدافع ..
* نصرٌ من الله .. وفتحٌ قريب ..