الأبعاد الخارجية وتوجه السودان نحو الشرق عقب فشل مشاورات جدة
تقرير: سليمان عبدالقادر- الحرب التي تدور رحاها بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ الخامس عشر من أبريل من العام 2923م عقب إعلانها الحرب على الجيش السوداني بحجة رغبتها فى أحداث التحول الديمقراطي وتطبيق الاتفاق الاطارى.
أحدثت اضرارا بالغة بالمواطن السوداني الذى لاقى صنوفا من المعاناة نزوحا ولجوء من قبل قوات الدعم السريع التى انتهجت نهجا يتنافى وقوانين الحرب عندما عاثت فسادا باحتلالها لمنازل المواطنين والاعيان المدنية وتحويلها لسكنات عسكريه ونهب الممتلكات العامة والخاصة وانتهاك العروض و تدمير البنية التحتية وتشريد المواطنين وقتل الآلاف الأبرياء العزل من النساء والاطفال وكبار السن وارتكابها لجرائم ضد الإنسانية ضاربة عرض الحائط بالأخلاق والمثل وقيم الإنسانية و قوانين الحروب وهذا ما اكدته التقارير المنظمات الدولية وخاصة تقرير الخبراء الأمنيين للأمم المتحدة.
الازمة السودانية منذ عهود هى أزمة مفتعلة والبعد الخارجى حاضر فيها بشكل كبير ، فتعدد الازمات السودانية وكثرتها ونموها يعكس تعدد فاعلين الخارجيين اقليميين ودوليين ومعظم الإشكالات السودانية المتسبب فيها هى صراع وتنافس المصالح الغربية وبعض الدول العربية ودول الجوار ويرى الدكتور عبد الرحمن احمد ابو خريس أستاذ السياسات الخارجية بمعهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية أن تعقيدات الازمة ليست وليدة البيئة الداخلية السودانية إنما نتيجة لتدخلات العوامل الخارجية حيث استفادت تلك الدول من التباينات والاختلالات الداخلية لاثارة الازمات لتحقيق مصالحها.
ويشير إلى أن مفاوضات جنيف لم تأتي الا لعدم وجود أى جهد سياسي وطني أو دولي مساعد ومسهل لتعثر تنفيذ اتفاق جدة لمدة اكثر من عام الذي تم توقيعه فى مايو ٢٠٢٣ إضافة إلى أن القوى السياسية لم تساعد أو تبذل الجهد الصادق للاطراف الموقعة على الاتفاق والعمل على تقريب وجهات نظرها، بل كان هناك استقطاب ودعم لاطراف الحرب من بعض القوى المدنية فلم تكن هناك رؤيه مدنية مشتركه جاده لانجاز الاتفاق، او انتاج مبادرة سودانية الكل كان ينتظر الحل من الخارج واضاف ان الامريكان يسعون لجنيف لتحقيق كسب سياسي لصالح الانتخابات الأمريكية القادمة التي يتطلع الحزب الديمقراطي التجديد له باعتبار الحرب فى السودانية قضية إقليمية تغطي علي ما يحدث من انتهاكات إنسانية افرزتها الحرب الإسرائيلية على غزة ولم يكن تحقيق سلام فى السودان كاولولية سياسية لإدارة بايدن لذلك تم سحب الوفد الامريكى فى نهاية مفاوضات جده وتجميد الجهد الأمريكي طيلة الفترة السابقه فى هذا الملف وادخاره للاستفاده منه للانتخابات ٢٠٢٤ ويتضح هذا الامر بعدم رغبة امريكا الضغط على الاطراف لتنفيذ اتفاق جدة أو إجبار الامارات لوقف دعمها للتمرد و عزا د. ابو خريس فشل اتفاق جدة مايو ٢٠٢٣ لتداخل المصالح الأجنبية فى الشأن السوداني وأن دخول امريكا مجددا فى الازمة السودانية وذلك لعدة عوامل لحاجتها الماسة لانجاز خارجي لادارة بايدن.
يحسب لسياستها الخارجية بالاضافه إلى ان انتهاكات الدعم السريع المستمرة حركت الرأى العام فى أمريكا وأوروبا، فضلا عن تقارير المنظمات الدولية ولجنة الخبراء الامنيين التابعه للأمم المتحدة والادانات التى وجهت للدعم السريع وتقارير السودان لمجلس الأمن حول الانتهاكات وتلك التى تحمل اثباتات قطعية حول دعم الإمارات وبعض دول الجوار الافريقى فى دعم قوات الدعم السريع جملة ما تقدم من مسائل شكلت ضغطا على ادارة بايدن للاعتراف بمؤسسة الجيش السودان ودورها التاريخي واهمية التعاطي معها كصمام امان للمصالح الغربية وباعتباره جيشا قوميا كتعبير عن المبادئ الدستورية الأمريكية فى عدم دعم المؤسسات العسكرية غير الرسمية وعلى الرغم من أن امريكا بدات فى استيعاب الازمة السودانية من خلال تقارير استخباراتها ودبلوماسيها والتقارير الاممية و المادة المنتشرة فى السوشال ميديا التى وثقت انتهاكات الدعم السريع ودخولهم للقرى والمدن وتدميرها البنى التحتية إضافة للعوامل الخارجية ممثلة فى التقارب السودانى الروسى هذا جعل الادارة الامريكية تسير فى اتجاه تسمية الاشياء بمسمياتها بالاعتراف بالفريق البرهان كرئيس لمجلس السياده والاعتراف بأهمية الجيش كضامن للأمن القومى والاقليمى بالنسبة لدول الجوار التى تاثرت اقتصادياتها كثيرا باعتبار أن ذهاب الجيش السوداني أو اختفاءه أو اضعافه كما حدث فى ليبيا والعراق واليمن ستتهدد مصالح حلفاء أمريكا فى المنطقة.
وحول أداء الدبلوماسية السودانية أشار ابو خريس إلى ضعف الأداء الدبلوماسى العام والذى ارجعه لغياب تشكيل الحكومه المختصه و قلة الموارد المالية وضعف الخطاب السياسي الذى أدى إلى الضعف الأداء المهنى الدبلوماسي وبطأ الاجراءات والقرارات واضاف أن الاستقرار الحكومى الداخلى يدعم العمل الدبلوماسى واستيعاب الوزراء للواقع والذي على ضوءها يتم وضع السياسات الخارجية التى هى امتداد للسياسات الداخلية، وفيما يلى منبر جدة يرى ابو خريس أن فشل الاجتماع التشاورى بين وفد الحكومة السودانية والوسيط الامريكى هو أن الوفد لم يجد الضمانات والإجابات الكافية لأسئلته المشروعة التى تركزت حول أجندة مفاوضات جنيف وبحثه عن ضمانات رسمية لانعقاد المفاوضات على مرجعية اتفاقية جدة واستبعاد كل من الامارات وبريطانيا كمراقبين وعجز الوسيط عن تقديم اجابات مقنعة لوفد الحكومة لاحداث تقدم فى الملف وهذا يعنى -حسب بيان وزير الاعلام ورئيس وفد التشاور- أن الحكومة السودانية لن تستطيع المشاركة فى هذه المفاوضات كما يحتم هذا الامر على الحكومة السودانية اعادة صياغة سياساتها الخارجية واخرى الداخلية لمواجهة مستجدات الوضع الجديد لعدم المشاركه كما يتطلب منها الاعداد الجيد للمرحلة القادمة باعتبار انها سائرة فى طريق استمرار الحرب ومراجعة مسارات العمليات العسكرية والسياسية والموقف الإنساني والاوضاع الاقتصادية والمعيشية للشعب إضافة لمراجعة تحالفاتها السياسية الدولية لمجابهة أى حصار اقتصادي والبحث عن بدائل وفتح مسارات جديدة فى العلاقات الخارجية والتقييم الاستراتيجي للتحالف مع روسيا، على أن لا يقوم التحالف على رد الفعل، لكنه عاد وتساءل حول هل روسيا لديها القدرات الاقتصادية لدعم السودان فى ظل تمدد الحرب الاوكرانية؟
ونبه بأن العلاقات مع روسيا يجب أن تسير فى الاتجاه التحالف السياسى لا الاستراتيجي فى الوقت الراهن الذى يؤمن السيطرة السياسية والعسكرية ولا يخلق عداوات للسودان شبيه بفترة حكم الانقاذ خاصة مع دول الجوار والمنظومة الدولية وأن لا يبني التحالف مع روسيا على موقف ضعف فى توجهه نحو روسيا وهى ذات نفسها لا يمكن أن تمنح السودان أسلحة دون مقابل كما دعا للتعامل الدولى الواسع مع الصين وجنوب افريقيا وغيرها فى اطار خطه لتوسعة العمل الدبلوماسى بشكل أكبر والسعى نحو التعاون مع اصحاب القدرة الاقتصادية فى ظل عدم وجود محاور عالمية وحاجة السودان والبحث عن السلام بطرق اخرى وقيادة مسار دبلوماسى ايجابى والمزج بين العمل السياسي والعسكري باعتبار أن تفعيل المسار السياسى من الادوات الداعمه لايقاف الحرب خاصة فى ظل سقوط المدن والقرى من قبل قوات الدعم السريع وعجز القوات المسلحه فى الحد منها حيث لازالت الفاشر تعاني من الحصار وهنالك مدن وقرى اخرى
كما ان التعامل بشكل دبلوماسى مع القوى الدولية بحيث لا يخسر فيه السودان روسيا ولا يعادى الآخرين أصبح أمرا ملحا ويرى أن هذا الامر يتطلب أعمال الحكمة السياسية لادارتها وتوقع دكتور عبد الرحمن ابو خريس انه وفى حال غياب السودان عن مفاوضات جنيف أن يتم تاجيل الاجتماع لمزيد من المشاورات بخلاف ذلك يكون الاجتماع بمن حضر غير ذى جدوى وأبان ان من حق الحكومة السودانية الحصول على ضمانات والموافقه على الأجندة التفاوضية واختتم ان من الأفضل العودة لتنفيذ مسار منبر جدة مباشرة بتكوين الاليه الدوليه ويكون هذا موضوع المؤتمر المقترح الذي يلزم الطرفين بتنفيذ مخرجات الاتفاق كاملا مثل اخلاء منازل المواطنين والاعيان المدنية الذي تمهد لتنزيل اتفاق وقف اطلاق النار وتكون بذلك أمريكا اظهرت حسن نواياها واوقفت الحرب وكسبت الرأى العام الداخلى الامريكى الذي يدعمها فى الانتخابات القادمه