همس الحروف … قوات الجمارك بين التحديات و عبور خطوط الشيطنة … د. الباقر عبد القيوم علي
همس الحروف
قوات الجمارك بين التحديات و عبور خطوط الشيطنة
د. الباقر عبد القيوم علي
الكثيرون تحدثوا عن دور الجمارك السودانية المتعاظم كأحد قوى أذرع الإقتصاد الوطني ، و صحيح ، أنها تلعب دوراً حيوياً في رفد الاقتصاد الوطني ، إلا أنني لا أريد أن الحديث عنها كمصدر للإيرادات ، بقدر ما أريد أن ألقى قليل من الضوء على أدوارها في حماية الصناعة المحلية و ضمان سلامة المواد المستوردة من خلال مراقبة وتنظيم دخول السلع إلى البلاد ، وهي حائط السد المنيع أمام التهريب و دخول المواد الفاسدة و غير المطابقة للمواصفات ، مما يعزز الأمان و الرفاهية العامة .
فهي بلا شك صمام الأمان و خط الدفاع الاول لحماية الاقتصاد الوطني عبر تنظيم التجارة و منع دخول السلع غير المصرح بها ، مما يسهم في دعم الصناعات المحلية و الحفاظ على صحة و سلامة المواطنين ، و من الضروري الإشارة إلى دورها في تسهيل التجارة المشروعة وتعزيز التنمية الاقتصادية عبر تطبيقها للسياسات و القوانين التي تهدف إلى تحقيق الأمان و الاستقرار في الأسواق .
الجمارك مؤسسة ذات (سيرة و مسيرة) متعاظمة ، و يأتي هذا الشرف الباذخ عبر دورها الكبير في تطور الاقتصاد الوطني وحماية المصالح العامة ، و تاريخياً ساهمت في تنظيم حركة التجارة ، وتأمين الحدود ، وتعزيز الإيرادات الحكومية ، فتطورها المستمر يعكس جهود إدارتها في مواجهة التحديات الاقتصادية بتحديث الأنظمة والإجراءات الجمركية لتحقيق فعالية أكبر ، و لهذا يجب التركيز على إنجازاتها و البحث خارج الصندوق عن طرق لتحسين أدائها بصورة تعزز دورها كمؤسسة حيوية و رائدة في الاقتصاد الوطني .
تظل الجمارك هي صاحبة القدح المعلا في الإستقرار العام للدولة بما تقوم به من أدوار جبارة ، و هذه الأدوار الحيوية تعتبر جزءاً أصيلاً من الوظيفة الشاملة للجمارك في دعم الاقتصاد و حماية مصالح الدولة و المجتمع.
بجانب كونها رافداً اقتصادياً أساسياً ، تقوم الجمارك السودانية بعدة مهام أساسية كحماية الصحة العامة من خلال مراقبة وضبط المواد الغذائية والأدوية لضمان سلامتها و هي التي تمنع دخول المواد الضارة أو الفاسدة ، و كما تسهم إسهاماً مباشراً في حماية الأمن الوطني من خلال ضبط المواد المحظورة والممنوعة ، مثل الأسلحة والمخدرات ، التي تؤثر على الأمن الداخلي و إستقرار المجتمع ، و هي كذلك تنظيم التجارة عبر تنفيذ القوانين واللوائح التي تنظم استيراد وتصدير السلع ، مما يسهم في تسهيل حركة التجارة بشكل منظم و قانوني ، و كذلك تشجيع الاستثمار و تسهم في نهضة البلاد من خلال تبسيط الإجراءات الجمركية و تقديم تسهيلات للمستثمرين ، مما يعزز بيئة الأعمال في البلاد ، و كذلك تعتبر الجمارك خط الدفاع الاول في حماية الصناعات المحلية من خلال تطبيق السياسات التي تمنع تهريب السلع و تساعد على حماية المنتجات المحلية من المنافسة غير العادلة .
الجمارك السودانية مؤسسة عريقة و هي ضمن نظام دولي يؤثر على عملياتها و تعتبر جزء من منظومة عالمية واسعة تعمل وفقاً لمعايير دولية تحددها مؤسسات عالمية مثل منظمة الجمارك العالمية (WCO) مما يضمن سير عملياتها وفق الأنظمة الدولية عبر تنفيذ الاتفاقيات الدولية و تطبيق المعايير المتعلقة بالتجارة ، مما يسهم ذلك في تسهيل التجارة الدولية ويعزز التعاون مع الدول الأخرى .
ما أريد تأكيده هو أن إنجازات الفريق حسب الكريم آدم مدير عام قوات الجمارك تقف شاهدة على ما قدمه من نجاحات ملموسة و محسوسة ، و كان ذلك نتاج عصارة سنين خبرة طويلة بهذه المؤسسة ، و خصوصاً أنه أتى في فترة كانت إستثنائية من عمر بلادنا ، و تشاء أقدار الله أن يبتلى في صحته مما إستدعى سفره إلى خارج البلاد لتلقي العلاج نسأل الله له عاجل الشفاء و تمام العافية ، و قبيل مغادرته و وفقاً للتراتبية العسكرية قام بتكليف اللواء صلاح أحمد إبراهيم أحد نمور هذه المؤسسة لإدارة دفة العمل ، و الذي أثبت حنكته الإدارية خلال هذه الفترة القصيرة من عمر توليه لإدارة قوات الجمارك بالتكليف ، و ما هو معلوم بالضرورة أن تكليف المدير للنائب من أجل تسيير العمل لا يمنح النائب كافة الصلاحيات ، علماً أن النظام الإداري يختلف في نطاق صلاحيات النائب الممنوحة له بناءً على مصدر التكليف ، فعند تكليف مدير الجمارك السودانية لنائبه ، فإن النائب يتلقى صلاحيات محددة بناءً على توجيهات السيد المدير ، والتي قد تكون مقيدة وغير كاملة في بعض الأحيان أما إذا قام الوزير بتكليف النائب ، فإن النائب يحصل على صلاحيات كاملة تعادل تلك التي يمتلكها المدير ، هذا الفرق يعود إلى أن الوزير يتمتع بسلطة أعلى و أوسع وقدرة على منح تفويض كامل يشمل جميع الصلاحيات والقرارات المتعلقة بإدارة الجمارك.
في هذه الحرب ظلت الجمارك السودانية تقدم أرتالاً من الشهداء ما فاق عددهم المئتين من الضباط وضباط الصف والجنود و ما زال عدد من منسوبيها في مقدمة محاور العمليات في الصفوف الأولى على إمتداد السودان و ما زالت تقدم النفس و النفيس من أجل حماية للأرض و العرض ، أرجو من الذين تنال سهامهم هذه المؤسسة العملاقة أن يتروكها و شانها فهي قوات نظامية تتبع لوزارة الداخلية تحكمها قوانين ولوائح وصلاحيات لترتيبات ادارية تنعكس ايجابا للمصلحة العامة .
و الله من وراء القصد