ما وراء الخبر
محمد وداعة
جنيف .. الموقف التفاوضى
*الحكومة لن تذهب الى جنيف ما لم ترد الادارة الامريكية على استفسارات الخارجية السودانية
*التمسك باتفاق جدة و تنفيذه قبل اى مفاوضات جديدة يلبى الحد الادنى لمصالح و مطالب الشعب السودانى
*الحكومة يجب ان تدعم موقفها التفاوضى بتعديل ميزان القوة على الارض
واجب الحكومة ان تعمل على كسب حليف قوى وفقآ لقاعدة المصالح المشتركة مع الحفاظ على سيادة البلاد و استقلالية قرارها الوطنى ،
بعد ايام من تقديم وزارة الخارجية الامريكية الدعوة لمفاوضات جنيف ، حاول المبعوث الامريكى توم بريليو تلطيف غطرسته و غروره و التى وردت فى تصريحات سابقة و لاحقة للدعوة ، بتقديمه تبريرات لطلبه ان يلتقى القيادة السودانية فى المطار ، و لم يصبر على هذا الموقف الا قليلآ ، فعاد مهددآ بأن حكومته ستبحث خيارات أخرى فى مواجهة الطرف الذى سيتخلف عن تلبية الدعوة ، بريليو الذى تجول لحوالى عشرين شهرآ فى دول جوار السودان ، و اراد زيارة السودان بفرض شروط تمس سيادة البلد و تمثل تقليلآ من شأن قادته ،و قد تبقى له شهران فى وظيفته ، و بافتراض فوز كمالا هاريس فى الانتخابات وهو امر يبدو بعيدآ ، فان فوز ترمب يضع اى اتفاق فى مهب الريح ، فالاخير الغى الاتفاق النووى مع ايران بجرة قلم وسط معارضة شركاؤه الاروبيين ، و سيقلب فوزه موازين القوى فى اروبا وفى الحرب الروسية الاوكرانية ، و يضع المنطقة العربية امام خيارات جديدة ، و مع ذلك فالمبعوث الامريكى يعلم انه ليس فى موقع املاء الشروط
،
ردت حكومة السودان على حكومة الولايات المتحدة بشأن الدعوة لعقد مفاوضات في جنيف للتوصل لوقف إطلاق النار ، مرحبة بكل الجهود المخلصة لإنهاء الحرب التي شنتها مليشيا المتمرد محمد حمدان دقلو الإرهابية على الشعب السوداني، وجدد الاستعداد للإنخراط في أي مفاوضات لإنهاء احتلال مليشيا التمرد الإرهابية للمدن والقرى ومساكن المواطنين والمرافق العامة والخاصة وفك الحصار عن المدن وفتح الطرق للمساعدات الإنسانية ، وأوضحت الحكومة في ردها أن أي مفاوضات قبل تنفيذ إعلان جدة، الذي ينص على الانسحاب الشامل ووقف التوسع، لن تكون مقبولة للشعب السوداني الذي يتعرض للتشريد والتقتيل والإغتصاب والتطهير العرقي ونهب ممتلكاته ، ولفتت النظر إلى أن طرفا واحدا يعتدي يوميا علي المدن والقري والمدنيين، وبدلا من فتح منابر جديدة، طالبت الخارجية بإجبار المتمردين والمرتزقة على وقف عدوانهم المستمر علي المدن والقرى وفك الحصار عن المدن وفتح الطرق وذلك بفرض العقوبات التي تردعهم وداعميهم، إذ ان اطراف المبادرة هم نفس اطراف منبر جدةوالموضوعات هي متطابقة لما تم الاتفاق عليه ، وأشار الرد لضرورة التشاور المسبق مع الحكومة السودانية حول شكل وأجندة أي مفاوضات والأطراف التي تشارك فيها أوتحضرها، مع التأكيد على أن يكون منبر جدة وما تم فيه من اتفاق هو الأساس ، وطلبت الحكومة السودانية في ردها بعقد إجتماع مع حكومة الولايات المتحدة للتمهيد الجيد لمفاوضات السلام بما يحقق الفائدة التي يتوقعها الشعب السوداني ،
بهذا فان الحكومة تكون قد حددت موقفها التفاوضى من جنيف ، بدءآ من اهمية التشاور المسبق مع امريكا صاحبة الدعوة حول شكل و اجندة المفاوضات و الاطراف المشاركة فيها او تحضرها ، مع التأكيد على تنفيذ اتفاق جدة و اعتباره الاساس للمفاوضات ، وهو ما يتوقعه الشعب السودانى الذى اكتوى بنيران هذا العدوان ، و ان الحكومة لن تكون طرفآ فى اتفاق لا يحقق مصالح و تطلعات شعب السودان ،
عليه اولآ ، متوقع ان لا تذهب الحكومة الى جنيف ما لم ترد الادارة الامريكية على استفسارات الخارجية السودانية و بما يلبى تهيئة الاجواء لمفاوضات جادة ، لا سيما التمسك باتفاق جدة و تنفيذه ، و الحقيقة ان الحكومة لا تستطيع ابرام اى اتفاق لا يمكن المواطنين من العودة لديارهم و منازلهم و استرداد ممتلكاتهم و الاقتصاص من القتلة و اللصوص والمجرمين ،
ثانيآ : ربما تذهب الحكومة الى جنيف بعد تلقيها رد واضح على استفسارات الحارجية ، وتفاجأ فى جنيف بغير ما اتفق عليه ، ومحاولة فرض سياسة الامر الواقع ، و بهذا لن يكون امام الوفد الحكومى الا الانسحاب مهما تعاظمت عليه الضغوط ،
ثالثآ : ان تستجيب الادارة الامريكية بوضوح لاشتراطات الخارجية السودانية بما يمكن من تهيئة البيئة لمفاوضات جادة و حقيقية ،
رابعآ : ان يتم تأجيل مفاوضات جنيف او الغاءها بالعودة الى جدة او بدونها ،
واضعين فى الاعتبار ان الاستعجال الامريكى لعقد هذه المفاوضات تمليه ضرورات انتخابية و مصالح استراتيجية ، فالواقع يقول ان افضل ما تتوقعه الحكومة السودانية لجهة مطالبها المشروعة يواجه صعوبات حقيقية ، ربما فى مقدمتها الوضع الميدانى ، و لذلك لا بد ان تدعم الحكومة موقفها التفاوضى بتعديل ميزان القوة على الارض ، و تأكيد قدرتها على اجهاض الطوحات الاقليمية و ردع المليشيا و دحرها و ردها على اعقابها ، و الاستثمار فى الاستقطاب الدولى الحاد لكسب حليف قوى وفقآ لقاعدة المصالح المشتركة و الحفاظ على سيادة البلاد و استقلالية قرارها الوطنى ، الحكومة ان لم تفعل ذلك فلن تكون جنيف الا محطة فى طريق تقديم تنازلات لن تجد اى قبول من الشعب السودانى ، ومن الخير الا تذهب ، اما ان كانت الامارات حاضرة و بأى صفة فالقرار الصحيح الا تذهب الحكومة الى جنيف مطلقآ،
4 اغسطس 2024م