فيما أرى
بلينكن.. الدعوة عندك لكن!!
عادل الباز
1
“ليس من مصلحة أمريكا أن تحل أي مشكلة في العالم، لكن من مصلحتها أن تمسك بخيوط المشكلة وأن تحرك الخيوط حسب المصلحة الأمريكية”.
هنري كيسنجر
2
تذكرت المقولة أعلاه المنسوبة لكيسنجر والتي تعبر بصدق عن سياسة أمريكا الخارجية، ومعها قفزت في ذهني ثلاث قصص أخرى وذلك حين قرأت الدعوة التي وجهتها وزارة الخارجية الأمريكية للقوات المسلحة السودانية للتفاوض مع قوات الدعم السريع، ولكن للأسف القصص الثلاث لا يمكن أن تحكى هنا في منبر محترم!!.
القصة الأولى لكتابنا الكبير الطيب صالح حين حكى عن ذلك الخواجة المتغطرس الذي حاول استفزاز أحد الجعليين الذي كان يسير متبختراً في خلاء الله. والثانية حكاها عن مادبو الكبير شاعرنا الكبير صلاح أحمد إبراهيم في كتابه عن فاطمة أحمد إبراهيم اخته. لنترك قصص كتابنا الآن ونشوف قصص بلينكن.
3
*أرسل السيد بلينكن بطاقة دعوة عاجلة للقوات المسلحة وقوات الدعم السريع تقول تلك الدعوة للحكومة السودانية الآتي باختصار:*
*نحن عينّا أنفسنا وسطاء سوى وافقتم أم لم توافقوا*
ما في مشكلة
*لاعلاقة لدعوتنا بأي منبر سابق، حتى لو كنا أعضاء فيه. نحن لا نحتمل سخانة جدة وجنيف طقسها رائع.*
كويس
*نحن لا نعترف بحكومتكم ولذا ندعو جيشكم فقط!!*
سمح
*نحن قررنا أن تكون هذه المفاوضات يوم 14 أغسطس!!*
ما بطال
*وحددنا مكانها في سويسرا في فندق.. رقم الغرف من 1 إلى 15 سريرين لكل غرفة*
جداً
*هدف هذه المحادثات التي قررناها وحدنا أن يتوقف إطلاق النار فوراً*
طيب
*نحن حددنا المراقبين في هذه المفاوضات وهم الإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأفريقي ومصر (باختصار الإمارات عدوكم هو المراقب* *الأوحد!!).*
يا مرحى
*نحن قررنا استبعاد السعودية من الوساطة التي كانت تشاركنا بها في منبر جدة لتصبح فقط “مضيفاً مشاركاً” زيها وزي سويسرا !!*
على كيفكم
*لا تقدم هذه الدعوة والمحادثات التي تعقبها أية ضمانات بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه بين الأطراف المشاركة تماماً كما حصل في جدة.*
نقول شنو
*هذه الدعوة يحملها هذا البيان فقط ولن نرسل مبعوثاً بها إلى رئيسكم…*
*كيف الكلام دعوة؟*
ياهو كده
*أها رأيكم شنو….*
رأينا نحن السودانيين….
*بتعرف يا خواجة بلينكن أهلنا الرزيقات والجعليين في هذه الحالة بيقولوا للزول الكلامو كُتُر زي ده شنو؟….*
شنو
*كلمتين بس؟!*
…………………………. ( ما في داعي)
ملحوظة: سأترجم لأعضاء الوفد المتوجه لجنيف قصص الطيب صالح ومادبو… والجعلي لتوزيعها على وفد الوساطة الأمريكي.!!
4
على الرغم من النص الدرامي العبثي أعلاه، كاتب هذا المقال يؤيد بشدة أن يذهب وفد الجيش إلى جنيف ليسمع مباشرة من أصحاب الهراء الذي تضمنته دعوتهم وبعده يحكي لهم القصص الثلاثة التي ذكرتها، وسأسلمها لأعضاء الوفد الذي يُفترض أن يحفظها ويقصها عليهم وينسل راجعاً.
5
هل فعلا تود أمريكا أن تحل مشكلة الحرب المعقدة في السودان بهذه الطريقة؟!. مرة بلينكن يتصل بالرئيس البرهان ويأمره أن يذهب إلى جدة فوراً وفي غضون 48 ساعة، ويتوقع أن يستجيب له الرئيس، فإذا بالرئيس يسخر منه ويرفض الذهاب.
6
هذه المرة وصلت الدعوة عبر الخارجية السودانية، حددت فيها أمريكا كل شيء، ولم يتبق لها إلا أن تحدد لون الملابس الداخلية للوفود، ولون كدمول الجنجويد وعمة أعضاء وفد الجيش.!!.
هذه المرة المفاوضات تتأسس على منبره جدة… طيب إذا كان ذلك كذلك لماذا سويسرا وتغيير مراقبين وهيصة فارغة.؟ هذا محض كذب، سويسرا لمحاولة فتح التفاوض مجدداً على ما تم التفاوض والاتفاق عليه سابقاً لإخراج الجنجويد من ورطتهم.
دعا بلينكن لإيقاف القتال فوراً، ويعني “إيقاف القتال فوراً” أن تحتفظ المليشيا بكل ما لها على الأرض من احتلال للبيوت والأعيان المدنية، يعني الجنجويد يستمروا في احتلال بيوتنا ومستشفياتنا وكل مرافقنا المدنية ونرضى نحن بذلك الواقع مشردين في أرجاء الأرض وأمريكا لا تعدنا بأي شيء بل هي تأمرنا فقط بوقف القتال!!.
ما يحيرني في أمريكا أنها ترسل مبعوثها بيريلو إلى جيبوتي لتنسيق المبادرات، وقبل أن يختتم مؤتمر جيبوتي أعماله تؤسّس أمريكا مبادرة منفردة في سويسرا.!!.
بالأمس أعلن السيد بلينكن أنه سيقود التفاوض في جنيف بنفسه… عجز سيادته أن يقود التفاوض بنفسه في غزة وجاء ليستعرض عضلاته علينا في سويسرا باعتبار أنه قادر على إخضاعنا بنفوذه ووجوده… هيهات.
7
طيب.. لو رفضنا هذه التفاهات والسخف الأمريكي.. ماذا في يد أمريكا أن تفعل لنا و بنا؟. تفرض علينا العقوبات؟ وهل هناك عقوبات لم تسمم بها أجسادنا لعقود خلت؟.
تتدخل عسكرياً تحت البند السابع.؟ هب أنها فعلت ذلك وتجاوزت الفيتو الصيني والروسي في مجلس الأمن ماذا ستفعل جيوشها ومرتزقتها الذين يمكن أن تحشدهم من الأنظمة العميلة والمرتشية في القارة للغزو، ماذا سيفعلون أكثر مما فعله الجنجويد بنا؟ “ما أقسى من الموت هذا قد عرفنا سره وبلونا مره ولازلنا نعافر.”!!.” أبعد هذا الذي قد خلفوه لنا …هذا الفناء.. وهذا الشاخص الجلل ….هذا الخراب.. وهذا الضيق.. لقمتنا صارت زعافاً، وحتى ماؤنا وشل هل بعده غير أن نبري أظافرنا بري السكاكين إن ضاقت بنا الحيل؟!”. الله غالب على أمره