حديث السبت
بين دموع هاشم صديق على القرنتيه وجفافها في الكلاكله
جنيف فخ آخر لاصطياد الحكومة وزبح الجيش
هل عطلت أبوظبي طائرة البرهان قبل إقلاعها لموسكو
كتب؛ يوسف عبد المنان
لن ينسى الشعب السوداني تلك الدموع التي سالت يوم ان خرجت فرس البحر القرنتيه من عمق النيل لتموت في شواطي المدينة المترفة حينذاك ونثر الشاعر هاشم صديق قصيدة بصفحة كاملة نشرتها صحيفة المجهر وأثارت جدلا واسعا في الساحة بين من فسر الحديث عن القرنتيه كخطاب معارض للنظام حينذاك الذي حشدت المعارضة كل حروف الرثاء والنحيب على القرنتيه وللمفارقة أن معارضة تلك الأيام هي معارضة هذه الأيام أيضا ولكن المعارضة التي تبكي بدموع تهطل كالمطر في شهر أغسطس على روح القرنتيه هي ذات المعارضة التي لم تزرف دمعة على أرواح البشر في السودان كان دموعهم قد جفت وقلوبهم عليه اقفالها وفي الأسبوع الماضي نشرت مأساة أسرة عريقة في منطقة الكلاكله القبه أحفاد الشيخ النزير احد أنوار تلك المنطقة وجاء في الخبر ان أسرة قتلت جميعا الأم وعمرها تجاوز الثمانين عاما وابنتها في عمر الخمسين عاما وأبنائها الاثنين قتلوا برصاص الدعم السريع جملة واحدة وخرج الجاني القاتل إلى الفضاء يحدث الشعب السوداني عن الديمقراطية والحرب على دولة حدود ١٩٥٦ والحكم المدني ودولة العطاوة وكثير من المتناقضات التي تحتشد بها مفردات خطاب المليشيا وهي سادرت في غيها ومن المخزي أن المعارضة التي تعرف نفسها بقوى تقدم قد اختارت الصمت وتحت بصرها جريمة لم يشهدها قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة منذ أكتوبر الماضي ولكن الجيش الإسرائيلي لم يستهدف عجوزا تتكا على عصاة لتخرج للشارع ولم يبيد أسرة بكاملها مثلما حدث من قبل قوات الدعم السريع التي لم تتمادى في القتل علي اساس الهوية في دارفور والجزيرة الا بالدعم والتشجيع الذي وجدته من الجناح السياسي الممثل في تحالف قحت سابقا وتقدم حاليا ولم تبكي قحت مأساة أسرة النزير وصمت المجتمع السوداني العريض ولم تتعدى ردة فعله كتابات متناثرة هنا وهناك وكأن المجتمع قد تعايش مع مثل هذا القتل المروع ووحشية التمرد الذي غض المجتمع الدولي نظره عن الفظائع التي ارتكبت في الجزيرة والجنينه لأن الدعم السريع ومن خلال القوى السياسية والداخلية والخارجية الداعمة له قدم نفسه كحامي حما العلمانية في أرض السودان وشاهر السلاح في وجه الإسلام كعقيدة وتيار وطني ومنذ أن واجه سفراء الرباعية في أخريات ايام حمدوك قائد الدعم السريع وهددوه بملفات فض الاعتصام والتطهير العرقي في دارفور أن لم يفض تحالفه مع الجيش ويبرم تحالفا آخر مع قوى الحرية والتغير بدل الرجل جلبابه القديم ووجد الرضا والدعم من الرباعية وهي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والإمارات والمملكة العربية السعودية ولكن ان يتنكر حميدتي لماضيه شيئا وإن يخون المثقف ضميره الإنساني ويبيع ملابسه الداخلية بحفنة مال واسفار وفنادق ووعود بالسلطة لهو أمر آخر فأين بكائيات الشعراء والأدباء للطفلة مرام التي اغتصابها زئب بشرى في الخرطوم وكم من مرام اغصبت في الجنينه والجزيرة ولم يبكي عليها باكي
2
الشاعر المجيد والإنسان الشفيف هاشم صديق قد كتب اعزب الأشعار في هجاء السلطة التي لم تقوم بواجبها حتى هلكت القرنتيه في رابعة نهار الخرطوم ولكن الشاعر هاشم صديق لم يأثر لنفسه حينما حاصرته مليشيات الجنجويد في حي العباسية بامدرمان واكرمته القوات المسلحة بعد أن خرج من عمق الحصار على ظهر كارو وكان جديرا بالأديب الاريب أن يقول كلمته عن الشهور التي عاشها في كنف الحصار اللئيم بامدرمان وعن سيد الكارو الذي أخرجه من ظلمات الحصار والجوع إلى فضاء الحرية وقد كانت المغنيه فاطمة ام بده أكثر وفاء لسيد الكارو من هاشم صديق وهي تغني (سيد الكارو ابو وجيها صارو)
ولأن السودانيين أوفياء للمبدعين وجد هاشم صديق الاحتفاء من قبل ملاك شركة تاركو للطيران الشابين سعد وعبدالخالق بتكريم الشاعر بتزاكر سفر إلى القاهرة بل الشركة أعلنت عن تكفلها بطباعة الأعمال الشعرية الكاملة للأديب الإنسان لصالح الشاعر لا لصالح الشركة التي تستحق منا التقدير والاحتفاء وهي تمد بصرها ابعد من الربح في عالم المال والإعلام وتجعل من المسؤلية الاجتماعية التزاما أخلاقيا بالمساهمة في التوعية العامة والتثقيف ونشر المعرفة والاحتفاء بالكتاب والشعراء وبذلك حققت تاركو مالم تسبقه إليها الشركات الوطنية الأخرى بما في ذلك البنوك وشركات النفط التي لم تطبع كتابا واحد عن الاقتصاد ولكنها تهدر ملايين الجنيهات في رضاء وشراء ذمم السياسين
شكرا تاركو التي إضاءة شمعه في ليل السودان الطويل
3
اعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن عقد جلسة مباحثات بين الحكومة ومليشيات الدعم السريع في مدينة جنيف السويسرية في منتصف أغسطس القادم وذلك بعد المباحثات التي جرت في ذات المدينة قبل اسبوع من الآن وفشلت في التوصل لاتفاق حول مسارات توصيل الإغاثة وقبل أن تدرس الولايات المتحدة الأمريكية أسباب فشل جنيف السابقة دعت لجنيف ثانية بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات والسعودية وينتظر أن تنضم إلى المجموعة بريطانيا لتعود الرباعية سيئة السمعة من جديد إلى الساحة وبعد أن استبدل العجوز الألماني فوكلر بعربي مستغرب رمضان العمامرة ومفاوضات جنيف القادمة تمثل حلقة من حلقات التآمر على الحكومة السودانية التي وجدت نفسها بسوء تقديرها تقع مرة أخرى في أحضان الدول الغربية وما مفاوضات جنيف الجديدة الا محاولة لتجاوز اتفاق جده الموقع بين الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع في شهر مايو من العام الماضي ولما كانت تلك الاتفاقية قد نصت صراحة على التزامات الطرفين من بينها خروج قوات الدعم السريع مساكن الأهالي والأعيان المدنية الا ان الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات التي لم تشارك في مفاوضات جده والان أدخلت في معمعة التفاوض الان وهي خطوة في تقدير البعض بأنها مهمة ولصالح التسوية باعتبارها الداعم الرئيس المليشيا وكفيل قوي الحرية والتغير وبالتالي من الأجدى للحكومة التفاوض مع الأصيل بدلا عن الوكيل المحلي وحتى هذه اللحظة لم تصدر الحكومة بيانا تحدد فيه موقفها من مفاوضات جنيف المعلنه ولكن اول الألغام التي وضعتها الآلة الغربية هي تعريف الوفود بتسمية وفد الحكومة بوفد الجيش وتسمية وفد الدعم السريع باسمه دون تعريفه بصفة مليشيا وإذا وافقت الحكومة على ذلك تنزع الشرعية من عنقها ولاينبغي لدولة لها تجارب في التفاوض القبول بهذا التوصيف
ثانيا الالتزام الصارم بما وقع عليه الطرفين في جده وإذا كانت المملكة العربية السعودية التي رعت تلك المفاوضات قد قبلت بمبدأ تجاوز مااتفق عليه لاينبغي لوفد الحكومة الدخول في أي تفاوض الا على أساس اتفاق جده والا أصبح التفاوض لعبا وغشا وتحايلا لامعني له وإذا كان اتفاق جده لم يحترم من قبل الملشيا فكيف يحترم اي اتفاق جديد حتى لو تم توقيعه في قصر الأمم بجنيف بعد أن خرقت الأمم المتحدة ميثاقها واعترفت بالمليشيات وادخلتها مبنى الأمم المتحدة تعبيرا عن رضائها عن مخلوق الدعم السريع حتى ولو كان ذلك على حساب التقاليد المرعية وأخلاقيات الأمم التي تحظر على الأمم المتحدة الاعتراف والتعامل مع الملشيات والجماعات المسلحة والإرهابية
4
قبل أن تقلع طائرة الفريق البرهان إلى العاصمة الروسية موسكو وقبل التوقيع على اتفاقية التعاون المرتقبة مع أهم دولة في العالم الآن تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية بعصاتها وجزرتها وبعثت إحدى مراسليها المعتمدين في المنطقة ابي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي للقاء الفريق البرهان وسحب عدم اعترافه بالحكومة السودانية السابق والترتيب لمهاتفة البرهان ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وبعد تلك المكالمة جرت مياه تحت جسر الحكومة السودانية وبدأت التراجعات من المضي قدما نحو شركات مع دول المعسكر الشرقي روسيا وتركيا وإيران والهند وقطر ومن المفارقات الكبيرة أن أبوظبي التي تسعى لقطع طريق اي تقارب بين الخرطوم وموسكو لها علاقات تجارية مع روسيا ويبلغ حجم التعامل التجاري بين الدولتين نحو 200 مليار دولار في العام ولكنها اي أبوظبي تخشى اي تقارب بين الخرطوم وموسكو ربما بايعاز من الولايات المتحدة الأمريكية التي ترفع العصاة في وجه أي دولة تتعاون مع روسيا والولايات المتحدة تعرف أكثر من غيرها نقطعة ضعف قيادة السودان وفي إدراج وزير الخارجية الأمريكي بليكن أوراق إذا أخرجها تتبدل كثير من مواقف الشخصيات القيادية ليس في السودان فحسب بل لدى دول عديدة في المنطقة
وطائرة الفريق البرهان التي وقفت في آخر المدرج استعدادا للإقلاع بعد ربط الأحزمة واضاءة مخارج الطواري فجأة تدخلت امريكاعبر الوكيل الإثيوبي لإيقاف الإقلاع نحو موسكو واتجهت حكومة السودان مرة أخرى للولايات المتحدة الأمريكية وهي تدرك جيدا انها مرغمة للتعاطي مع الأدوية الأمريكية فاسدة الصلاحية وما لغم جنيف الا محطة أخرى من محطات الابتزاز السياسي الرخيص وقيادة الرئيس البرهان إلى حيث (تلد الكلبة الأمريكية)
5
لماذا يجد القائد جلحه الاعتراف المجتمعي والإقليمي والدولي مثل حكم حميدتي وجلحة يملك الرجال والقدرات التي تؤهله لدور كبير يلعبه في المستقبل وحميدتي لايملك رجالا مثل جلحة ولا لسانا عربيا مبينا مثله ولا تجربة نضالية مثل جلحة فلماذا يبقى القائد جلحه في ظل حميدتي