فيما أرى … أيام في ساحل الشرق (3) عادل الباز
فيما أرى
أيام في ساحل الشرق (3)
عادل الباز
1
في الحلقة الماضية قلت إن إفادات السيد الرئيس البرهان في لقائنا به تركزت حول ثلاثة محاور، الأول يتعلق بمعلومات تاريخية ُيثار حولها جدل كبير، وتلك تركتها للتاريخ والمؤرخين، ومحور آخر يتعلق بما يجري في الجانب العسكري وقد خصصت له الحلقة الثانية، والآن نستكمل في هذه الحلقة المحور الأخير المتعلق بالجوانب الإدارية التي جرى الحوار حولها في لقائنا بالرئيس البرهان.. من خلال الإفادات تبين لى أن السيد الرئيس يعاني من مصاعب جمة في تلك الجبهة لسببين، أولهما انشغاله بالحرب والتحركات العسكرية وتفاصيلها وهي محط كل خبراته ومعارفه، والثاني طريقته في الإدارة.
2
الرئيس البرهان مشغول لساعات طويلة من اليوم بمتابعة الشأن العسكري، والمعارك الدائرة في أرجاء البلاد المتسعة وعلى مدار الساعة، إذ تخوض القوات المسلحة في اليوم أكثر من ثلاثين معركة في كل المحاور وتصب نتائجها بانتصاراتها وانكسارتها في مكتب الرئيس، الذي مطلوب منه دائماً قرار ما في اللحظة والتو لأن أرواح الناس تتعلق بخيارات القيادة التي عليها اتخاذ قرارات مصيرية وفي وقت وجيز.. تصور أنه مطلوب منك اتخاذ قرار عسكري في المعارك حول امبار وفي أمبدة والفاو في ذات الساعة!! أضف إلى ذلك إمدادات السلاح وتوفير الأموال اللازمة له وإجراء الاتصالات الداخلية والخارجية ثم عليك استقبال صفوف الوفود الأهلية والشعبية (شغلة بلا شغلة عاوزين يقابلوا الرئيس)!! هل يتبقى لمثل هذا الرئيس أي وقت لإدارة الدولة؟
طبعاً لا.. وهنا تطل الأزمة الأخرى وهي طريقة إدارة الرئيس لدولاب الدولة الذي لا يجد له وقتاً كافياً.
3
بدا لي أن الرئيس البرهان اعتاد في كل حياته والمهام التي كُلف بها، على العمل منفرداً دون معاونين. ولذا تتمركز الآن القرارات الإدارية والسياسية والعسكرية بين يديه، فلا تجد مستشارين كثر حوله، لدرجة أن الرئيس البرهان يكتب خطاباته ومذكراته وتوصياته للقادة بيديه ويوزعها عليهم!! مؤكد أن هذه ليست الطريقة المثلى أو السليمة لإدارة دولة بتعقيدات وتنوع مشاكل السودان، إذ أن طريقة الإدارة هذه لا تتيح للرئيس الزمن الكافي الذي يمكنه من اتخاذ القرارات السليمة في كل الملفات، تصور ملف الاقتصاد والعلاقات الخارجية والسياسة الداخلية ليس بها مستشارين، إذن كيف يتخذ الرئيس القرارات الخطيرة والكبيرة؟
لابد من مجموعة من المستشارين يعملون على الملفات ويضعون الخيارات المثلى بين يدى الرئيس لاتخاذ القرارات الصائبة، إدارة بلد معقد ومشاكله عويصة بالطريقة هذه مرهقة للرئيس قاتلة للبلد.. آن الأوان كي يغير الرئيس البرهان طريقته في إدارة البلاد ويستعين بخبراء ومستشارين، تصور أن للرئيس مستشارين اقتصاديين في قامة وجدي ميرغني وسعود البرير ويوسف أحمد يوسف وعلي أبرسي والتجاني الطيب وهشام السوباط ويوسف محمد الحسن ومعاوية البرير، ومعتصم الأقرع، وأستاذي أحمد حسن الجاك، وغيرهم كثير، وهكذا يمكن تشكيل فرق لخبراء على المستوى السياسي والدبلوماسي والعسكري.. وهم موجودون وراغبون كلهم في العطاء. فلماذا لا تتم الاستعانة بهم ودون أدنى أعباء مالية؟ بل وعلى مسئوليتي.. هم مستعدون لإعانة الحكومة بالترليونات وبعضهم قد فعل مسبقاً.
4
طالب بعض الزملاء بالإسراع بتكوين الحكومة، ورأى آخرون ضرورة تشكيل فريق عمل متجانس لإعانته وليست حكومة كما اقترح الأستاذ الخبير الاستراتيجي أسامة عيدروس في اللقاء.. قال الرئيس إنه حاول أن يعمل بمستشارين ولكن التجربة لم تكن بمستوى الطموح ولم يشرح كثيراً… ثم قال إنه طرح موضوع حكومة كفاءات لتتولى المشاكل الأخرى بينما يتفرغ هو للعمل العسكري، ولكن أيضاً هذه لم تثمر بسبب الصراعات السياسية، ثم أضاف (تم دعوة الأحزاب السياسية الداعمة للجيش ليتوحدوا كي يدعموا الحكومة التي نحن بصدد تشكيلها من كفاءات مستقلة ووعدوني بتوحيد أنفسهم وبتسليمي رؤية كاملة لإدارة البلاد قبل نهاية هذا الشهر).. نواصل