الأزمة المكتومة بين الأجهزة العسكرية والأمنية بولاية النيل الأبيض من جهة وأهل منطقة الجزيرة أبا من ناحية أخرى.
هذه الأزمة لن تنقشع غيومها ولن تتوقف إرتدادتها إلا بمواجهة ومناقشة صريحة تضع مخاوف الأجهزة الأمنية في جانب وهموم ومشاغل مواطني الجزيرة أبا بجانبٍ آخر.
هذا هو الخيار المتاح لفك الإحتقان أو أن يكون مصير الجزيرة أبا كلها مشابهاً للواقع الحزين الذي تعيشه منطقة طيبة جنوب الجزيرة.
بتاريخ 11 يوليو الجاري أصدرت اللجنة الأمنية بولاية النيل الأبيض قراراً بتقييد ومنع حركة المواعين والمراكب البحرية.. وألقى هذا القرار بظلال اقتصادية وإنسانية قاسية على مواطني منطقة طيبة التي يربطها بمدينة كوستي تاريخياً منفذ بحري وحيد كان يتم الوصول عبره عن طريق بنطون طيبة التاريخي.
رفضت اللجنة الأمنية لولاية النيل الأبيض المقترحات التي قدمها أهل طيبة لمعالجة المشكلة التي أضرت بمنتجي الخضر والفاكهة وشلّت الحركة من وإلى كوستي ومن ذلك تعطيل الدراسة للطلاب الجامعيين ومعاناة مرضى غسيل الكلى ومضاعفة قيمة تذكرة الوصول إلى مدينة كوستي إلى 50 ألف جنيه بدلا عن ألف جنيه فقط قبل اتخاذ القرار.
تتكتم اللجنة الأمنية بالنيل الأبيض على دواعي قرارها الصارم.. وبذات طريقة مسح الدهن على الصوف لم يتطرق اللقاء الجامع الذي انعقد أول أمس بالقاعة الكبرى لكلية الشريعة والقانون بشمال الجزيرة أبا وضم الإجتماع قادة الأجهزة العسكرية والأمنية بالنيل الأبيض بقيادة اللواء حيدر الطريفي منسق العمليات العسكرية بمحور بحر أبيض واللواء سامي الطيب قائد الفرقة 18.. ومن الجانب الآخر تنادي القطاع الأهلي بالجزيرة أبا بقيادة العمدة مصطفى حلاتو.
ناقش المجتمعون جملة هموم الأمن والمعاش بالجزيرة أبا مع التركيز ضرورة تعاون أعيان الجزيرة أبا لضمان بداية ونجاح الموسم الزراعي بمنطقة قفا وما حولها كما تم الإتفاق على التنبيه المبكر لأي مخاطر تهدد الإستقرار الأمني بمدن الوسط.
ماخرج به إجتماع قاعة كلية الشريعة لم يخرج من طريقة معالجة الأمور بمسح الدهن على الصوف.. حتى لا تلحق بقية أحياء وقرى الجزيرة أبا بما جرى ويجري لأهل منطقة طيبة لابد من طرح مخاوف الجهات الأمنية بولاية النيل الأبيض من جهة ومصالح وهموم أهل الجزيرة أبا من الناحية الأخرى
هنالك حديث علني في مجالس الأمن والسياسة ببحر أبيض عن وجود خلايا نائمة داخل الجزيرة أبا.. هذه الخلايا تتبع لمليشيا التمرد .. والجهات التي تقول بهذا الإتهام لا تملك دليلا ملموساً لكن الوقائع والشواهد تؤكد هواجسها الأمنية.
ترى الجهات السياسية داخل الولاية أن هنالك تنامي لرأي عام مساند وداعم لمليشيا التمرد داخل الجزيرة أبا.. وأن هذا الموقف تقف خلفه كوادر حزب الأمة القومي التي تجاهر برايها الناقد للجيش والمتماهي مع مليشيا التمرد..
ترصد الأجهزة المختصة حركة سفر منتظمة من أبا إلى الخرطوم وهي ذات حركة السفر من مدن أخرى في الولاية إلى الخرطوم ومدنها وأحيائها التي تقع تحت سيطرة مليشيا التمرد وهو ماينفي شبهة علاقة خاصة بين الجزيرة أبا وهاربين أو متسللين من مليشيا التمرد إلى المدن الآمنة في وسط النيل الأبيض عامة..
جملة هذه المخاوف وغيرها لم تخضع بعد لنقاش واضح وصريح مع العقلاء من القيادات المجتمعية الحية في الجزيرة أبا.. وجملة هذه الهواجس لم يتم بحثها ولا النقاش حولها بواسطة أهل أبا أنفسهم والذين عليهم التأكيد على أهمية أن تكون الجزيرة ابا بعيدة عن دائرة الإتهام بموالاة مليشيا التمرد على أن يكون هذا فعلاً وليس قولاً حتى لاتدفع الجزيرة الثمن مرتين.. الأولى أن يتضرر إنسان المنطقة لأن الإجراءات الأمنية للولاية لا تجامل على حساب الأمن الشامل للولاية من أقصاها إلى أقصاها.. ومن هنا نرجو أن تعيد لجنة الأمن بالولاية النظر في القيود التي فرضتها على حركة دخول مواطني منطقة طيبة إلى كوستي.. ليس من العدالة النظر إلى الضرر الذي يقع على البسطاء من الناس بسبب مخاوف أمنية مشروعة يمكن تجاوزها بطرق لا تعجز عنها سلطات الإستخبارات في بحر أبيض..
أما أهل الجزيرة أبا مجتمعين فعليهم أن يضربوا بيدٍ من حديد على المخربين وضعاف النفوس والموالين لمليشيات وعصابات التمرد السريع.. عليهم أن يفعلوا هذا حتى لا نجد موطننا الحبيب وقد صار محاصراً بدعوات لهدم جسر الجاسر لتشديد الخناق على الجزيرة أبا كما كتب أحدهم مطالباً قبل أشهر بخنق من أسماهم بداعمي عصابات المتمردين بالجزيرة أبا.