في مؤتمر القاهرة.. السودانيون يتعثرون في طريق السلام
القاهرة: هبة علي
إنطلقت صباح أمس بالعاصمة المصرية القاهرة؛ جلسات مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية؛ بدعوة من الدولة المضيفة وبهدف إنهاء حرب السودان وبناء السلام عبر حوار وطني سوداني سوداني على رؤية سودانية خالصة؛ وأتي المؤتمر بمشاركة واسعة من القوى المدنية السودانية والحركات المسلحة و بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين بيد أن الانقسام والاختتام المُبكّر القيا بظلالهما على نجاح المؤتمر في تحقيق غايته..
أسباب الانشقاق وانعكاسه
نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار ووزير المالية جبريل إبراهيم وحاكم دارفور منّي أركو منّاوي رفضوا عقد لقاء مباشر مع رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” د. عبدالله حمدوك ، الأمر الذي أدى إلى عقد المؤتمر وسط كثير من التحفظات والانقسامات بين المشاركين فيه، ورغم ذلك دخل المؤتمرون في جلسات حوار ونقاش مغلقة عبر ثلاث مجموعات عمل، الأولى خاصة بورقة حول وقف الحرب والثانية تختص ببحث المسار الإنساني والثالثة لموضوع الرؤية السياسية.
وانعكس انقسام المشاركين من الكتلة الديمقراطية في رفض المسؤولين الحكوميين الثلاث التوقيع على البيان الختامي.
وأتت مبررات ممثلو الحكومة تحت مظلة اتهام رئيس الوزراء السابق والتنسيقية بأنهم واجهة لقوات الدعم السريع، حاضين “تقدم”على “إدانة فظائع” قوات الدعم السريع و”فض الشراكة” معها.
بنود بالبيان الختامي
البيان الختامي الذي خرج ممهوراً بتوقيع تقدم وشخصيات عامة وجزء من الكتلة الديمقراطية، شدد على ضرورة الوقف الفوري للحرب بما يشمل آليات وسبل ومراقبة الوقف الدائم لإطلاق النار ووقف العدائيات، إضافةً إلى الإلتزام بإعلان جدة والنظر في آليات تنفيذه وتطويره لمواكبة مستجدات الحرب.
ودعا البيان الدول والجهات الداعمة لأطراف الحرب، للتوقف عن إشعال المزيد من نيران الحرب في السودان، كما دعا إلى حماية العاملين في المجال الإنساني وتجنيبهم التعرض للخطر والملاحقة والتعويق من قبل أطراف الحرب وفقاً للقانون الدولي والإنساني، مؤكداً مواصلة دعم جهود المجتمع المحلى والدولي للاستمرار في استقطاب الدعم من المانحين وضمان وصوله للمحتاجين.
البيان قطع بضرورة المحافظة على السودان وطناً موحداً، على أسس المواطنة والحقوق المتساوية والدولة المدنية الديمقراطية الفدرالية، لافتاً إلى اتخاذ اجتماع القاهرة مناسبة وفرصةً قيمةً للبناء في المسار السياسي كونه جمع لأول مرة منذ الحرب الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية، وشخصيات وطنية وممثلي المجتمع المدني.
وأضاف: (تجنيب المرحلة التأسيسية لما بعد الحرب كل الأسباب التي أدت إلى إفشال الفترات الانتقالية السابقة، وصولاً إلى تأسيس الدولة السودانية)، وتابع: تشكيل لجنة لتطوير النقاشات ومتابعة هذا المجهود من أجل الوصول إلى سلام دائم.
الفشل على مرحلتين
المحلل السياسي د. الفاتح عثمان يرى أن
مؤتمر القاهرة نجح في جمع الفرقاء السياسيين السودانيبن في مؤتمر واحد لأول مرة منذ اشتعال الحرب في السودان، مشيراً إلى أنه مثَلَ فرصة هائلة لوضع أسس لإنهاء الحرب في السودان بحكم أن المؤتمر تكون من ثلاث مجموعات الاولي وهي تقدم الكتلة الديمقراطية و مجموعة الشخصيات المدنية وهي طيف واسع من الشخصيات لا يوجد ما يجمع بينها.
وأوضح عثمان من خلال حديثه لـ”صدى السودان” أن جرائم الحرب الفظيعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع تسببت برفض الكتلة الديمقراطية الجلوس مع حليفة الدعم السريع تقدم في قاعة واحدة، وأيضاً لرفض الكتلة الديمقراطية للبيان الرسمي للمؤتمر كونه لم يدين جرائم الدعم السريع ضد الشعب السوداني في الجنينه وود النورة والفاشر وغيرها من مدن وقري السودان.
ولفت إلى أن المؤتمر شهد حضور دولي مرموق تمثل في الرباعية الدولية والأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي، إلا أن المؤتمر لم يشهد حوار بين القوى الدولية التي تدعم الحرب في السودان، أي لم تدير الرباعية الدولية حوار مباشر بين الإمارات وحلفائها مع مجلس السيادة ومصر وإريتريا.
وأردف: بذلك أظن أن تجاهل البعد الدولي للصراع تسبب في فشل المؤتمر في تحقيق إختراق ينهي الحرب ويؤسس لمرحلة ما بعد الحرب .
وأضاف: (أثبت المؤتمر أن الإمارات هي من يجب على مجلس السيادة والقوى السياسية الداعمة له التحاور معها لانهاء الحرب لأن تقدم اثبتت أنها عاجزة عن إتخاذ موقف مستقل) .
وشدد عثمان على فشل المؤتمر في التوافق و في اقناع الفرقاء السياسيين السودانيبن بالجلوس معاً في قاعة واحدة، وانتهى بالفشل بالخروج ببيان متفق عليه.
إلى حين إشعار آخر
من جانبها قالت المحلل السياسي رشا عوض أن سردية تقدم ذراع الدعم السريع هي سردية سدنة الحكم العسكري وعلى رأسهم الاسلاميين ، والغريب ان من يطلقونها يقلبون الحقيقة رأسا على عقب لانهم هم جناح سياسي للجيش، مشيرةً إلى مبررات الانقسام حديث لا قيمة له ، ويأتي في اطار الممانعة للديمقراطية عبر اغتيال التحالف الذي يرفع الأجندة المدنية الديمقراطية).
و أوضحت “عوض” بحديثها “لمنصة وقف الحرب”أن غاية المؤتمر المعلنة هي ايقاف الحرب وما زالت هذه الغاية بعيدة الى حين إشعار آخر ، لافتاً إلى أن المؤتمر خطوة في الجهد الاقليمي لإيقاف الحرب ولكنها تحتاج إلى جهود أخرى وضغوط دولية، منوهةً إلى احتمالية أن يُطور إجتماع الإتحاد الأفريقي خطوة مؤتمر القاهرة.
وأردفت: الإيجابي في المؤتمر هو في هدفه المعلن إيقاف الحرب ، ولكن انقسام الكتلة الديمقراطية تجاه التوقيع وخصوصا الفصيل الحكومي ممثلاً في جبريل ومناوي بالاضافة الى عقار يؤكد عدم وجود ارادة سياسية لدى الجيش في اي خطوة نحو السلام ، ومؤكد هذا يخصم من نجاح المؤتمر لأن الهدف كان إنضمام مؤيدي الحرب لبيان يطالب بايقافها، هذا الاختراق لم يحدث، الاختراق في البيان الختامي جزئي وهو تصدع جبهة الحرب بتوقيع بعض افرادها.