اسامه عبد الماجد … يكتب… اعلم مكان هارون
اعلم مكان هارون
اسامه عبد الماجد
¤ عندما اقتربنا – دون سابق موعد – من مقر اقامته كان في كامل زيه الرياضي وهو يخوض معركة خفيفة.. رغم اعتياده على خوض المعارك الشرسة منذ سنوات طويلة.. كان والي شمال كردفان مولانا احمد هارون يلعب كرة القدم مع القائمين على تامين المقار الحكومية ومنازل المسؤولين.. كان مثل اي احمد من غمار الناس، يلعب (دافوري) العصر باستمتاع.. سمعنا احدهم (العب هنا يامولانا).. و (يفك) هارون (الباص) بالمقاس وكانه هيثم مصطفى(البرنس) في زمانه وهو موشح بالازرق..
¤ لحظتها كنا قادمين من جنوب كردفان وكان واليها المهندس د. عيسى ادم ابكر هو الآخر ينافس هارون وبقوة في بطولة (المشروعات).. كنت برفقة الزملاء الصادق الرزيقي، الطاهر ساتي وشوقي عبد العظيم (اي ياهو ذاتو شوقي القحاتي الحمدوكي).. كان التمرين الاسبوعي في خواتيمه.. ولكن انسحب مولانا وودع شباب الدافوري من (العساكر)،. تقدم نحونا وكان يتصبب عرقا، قابلنا بابتسامته التي لا تفارقه وحماسه المعهود.. امسك بيده اليسرى شوقي، وبيمينه الرزيقي.. وكأنه يقرأ اتجاهاتهم.. وفي ذات الوقت يتحدث معي وساتي.. فهو يتمتع بصفات القائد حيث يولي الجميع اهتمامه.
¤ دلفنا الى مقر اقامته، غاب عنا لدقائق وظهر اكثر نشاطاً وحيوية بعد ان استبدل ملابسه.. لحظتها وضعت امامنا (صينية) غداء عادي تجدها في اي بيت متوسط الحال.. رد هارون بضحكة مجلجلة على تعليق ظريف لأحد الزملاء بشأن الاكل.. ولم يضيع وقته بعد ان اطمان على احوالنا وعلم اننا سنواصل الرحلة جواً هذة المرة الى الخرطوم.. وقد اعاد بعزيمة منه، الطائرات لتحلق في سماء كردفان.. بعد ان حلق بولاية الرمال في سماء (النماء) و (الرخاء).
¤ قدم شرحاً لسير المشروعات في الولاية.. كان دقيقاً ومرتباً وكأنه يقرا من شاشة امامه.. بعدها ودعنا حتى السيارة واغلق بابها الامامي.. وقال لنا (في امان الله وكان حيين بنتلاقى).. تحركنا صوب المطار ودار حديثنا حول هارون وتعليق ساتي انه في مكان اقل من طاقاته وقدراته.. ولعل (الطاغية الامريكان)، وحدهم من يجهلون مكان هارون ولذلك رصدوا مكافأة مالية لمن باعوا ضمائرهم وخانوا الوطن ليرشدوهم الى مكانه.
¤ استغربت لحشر واشنطن انفها في قضية هارون وهي موصدة الباب في وجة (الجنائية).. كما انه ليس بهارب منها، كان في المعتقل لاكثر من اربعة سنوات.. واصدر بياناً في 2021 طالباً فيه تسليمه للمحكمة الدولية.. وحتى عندما غادر السجن مع اخوانه عقب كسر مليشيا حميدتي ابواب السجون ، اطل انابة عنهم.. واعلن استعدادهم العودة الي المعتقل متى ما وفرت الحكومة الامن والعدالة.. وفي ايام الانقاذ طلب من الرئيس البشير ان يسلمه للمحكمة.. لكن البشير رفض طلبه ورفض تسليم كوشيب او حتى قادة التمرد.. لأن الشهامة لا تتجزأ، والثقة في القضاء السوداني كبيرة.. زرت احمد في المعتقل ستة مرات لم يتغير كل مرة اجده بذات الهمة.. ذات مرة وجدته يعمل بنفسه بعد ان اطلق ونفذ نفير صيانة السجن.
¤ نقول للامريكان ان مكان الرجل معلوم لـ (الاعداء) قبل (الاصدقاء).. هو في قلوب (الكردافة الناس القيافة) كما كان يصفهم.. وفي قلوب كل اهل السودان.. الذين تابعوا بانبهار مشروع (النفير) و(التعمير) .. وكان الشعار (موية طريق مستشفى.. النهضة خيار الشعب)، نغمة على كل شفاة.. ردده (الشيوعيين) قبل (الاسلاميين).. وحزب الامة مع البعث.. كان هارون والياً للجميع.
¤ ان مولانا على طول طريق الصادرات.. وهو الحلم الذي تحقق بعد انتظار قارب السبعين عاماً.. في دعوات كل من يسلك هذا الطريق.. وفي دعوات اهل شمال كردفان بما فيهم القحاته.. وقد اذهب عنهم الاذي الجنجويدي وعافاهم منه.. عندما طرد مليشيات حميدتي من ارض ولاية الخير.. هو موجود في وجدان اهل (الرياضة) قبل (السياسة).. باحيائه الحس الوطني بتشجيع المنتخبات الوطنية من مدرجات استاد عروس الرمال.. موجود ذكرى جميلة في سوق ابوجهل .. في عيون ماسحي الاورنيش عندما كان يجلس معهم.. وعلى ظهر (تكتك) في السوق كان يجلس عليه ويسمع للناس.
¤ هو سم (هاري)في بطن عرمان وامثاله ممن حاولوا قتله في كتمة 2010 في كادوقلي.. موجود في التلال.. في سوق بارا سيرة عطرة.. وفي ام روابه والنيل الابيض، كسلا والشمالية.. مع الغبش في كل مكان.. جندي في صفوف هجانة ام ريش (ساس الجيش البتدق العدو دق العيش) .. احمد في الكنيسة والمسجد.. جنديا تحت إمرة القائد الشهم كافي طيارة.. وإن كان السلطان (كبر) رئيس الا (شبر) فان احمد كاد ان يبلغ (الميس)، (رئيس)
¤ تستوقفني اجابته للزميل ملك الحوارات الصحفية فتح الرحمن شبارقة عندما أجري معه حواراً عقب إصدار مذكرة توقيفه من قِبل الجنائية.. قال انه منذ نجاته من حادث تحطم طائرة الشهيد إبراهيم شمس الدين، لديه إحساس بأنه يعيش في الزمن الإضافي.. ساله شبارقة وهل ترى أن الزمن الإضافي يمكن أن يكون أطول من الزمن الأصلي برأيك؟.. كانت اجابته الواثقة، أن الأعمار بيد الله.
¤ ومهما يكن من امر.. زارت المدعية العامة السابقة للمحكمة فاتو بنسودا السودان مرتين.. ولم تطالب بتسليم (هارون) فما الجديد الان ؟