دارفور.. هل تصبح أرض الفظائع المنسية؟
الخرطوم- هبة علي
قُبيل تقديم تقريره أمام مجلس الأمن الدولي لم يُخفي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان القول على اللاجئين السودانيين في معسكري فرشنا وأدري “بإن العالم أجمع خيب آمال مواطني دارفور” من جانبهم أبدى اللاجئين خشيتهم لخان أن تصبح دارفور أرض الفظائع المنسية، ويأتي هذا في وقت شهد انقساما دولياً واضحاً حول الموقف من التحقيقات التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم المرتكبة في دارفور..
و بُعيدة لقائه اللاجئين السودانيين بتشاد السبت الماضي عرض المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أمام مجلس الأمن الدولي يوم أمس تقريره قائلاً إن هناك ما يدعوه للاعتقاد بأن طرفي النزاع في السودان يرتكبان جرائم حرب في دارفور.
ووفقا لخان فإن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والجماعات المتحالفة معها يرتكبون جرائم ومخالفات إنسانية تندرج في إطار نظام روما الأساسي، حاثاً الحكومة السودانية على تزويد محققيه بتأشيرات دخول متعددة والاستجابة لـ” 35″ طلبا للمساعدة.
وأضاف خان أنه عام 2005 أحال مجلس الأمن الوضع في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا إلى أن المحكمة لا تزال تتمتع بتفويض بموجب هذا القرار للتحقيق في الجرائم المرتكبة في المنطقة.
وتابع أسد بحسب وكالات: “بناء على عملي فإن استنتاجي وتقييمي الواضح هو أن هناك أسبابا للاعتقاد بأن الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي تُرتكب حاليا في دارفور من قبل كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والجماعات التابعة لهما”.
مؤكدا أنه فيما يتعلق بالنزاع السوداني فإن العالم يواجه “حقيقة قبيحة لا مفر منها” تتعلق بالصراع الأصلي.
وقال: “إن فشل المجتمع الدولي في تنفيذ أوامر الاعتقال التي أصدرها قضاة مستقلون في المحكمة الجنائية الدولية أدى إلى تنشيط مناخ الإفلات من العقاب وتفشي أعمال العنف التي بدأت في أبريل الماضي والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم”.
واردف: “بدون العدالة بشأن الفظائع الماضية، فإن الحقيقة التي لا مفر منها هي أننا نحكم على الجيل الحالي بالمعاناة، وإذا لم نفعل شيئا الآن، فإننا نحكم على الأجيال القادمة بمعاناة نفس المصير”.
وشهدت جلسة مجلس الأمن بعد إحاطة مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، المجلس حول الوضع في دارفور إنقساماً دولياً واضحاً حول الموقف من التحقيقات التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم المرتكبة في دارفور خلال الحرب المشتعلة منذ أبريل الماضي.
فقد أعربت دول في مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا واليابان عن دعمها لتحقيقات المدعي العام، بينما انتقدت أو أعلنت عن تحفظاتها على عمل المحكمة كل من الصين وروسيا والجزائر والسودان.
عضو هيئة محامي دارفور الصادق حسن جزم بأن المجتمع الدولي لم يعد مهتماً بما يجري من إنتهاكات، مشيراً إلى أن أحداث غزة غطت على الإنتهاكات الجسيمة الممارسة بالسودان وغيره وصار الموت الجزافي الممارس بواسطة طرفي الحرب العبثية الدائرة والضحايا مجرد أرقام في الأسافير.
و أوضح حسن بحديثه لـ”النورس نيوز” ان المطلوبين دوليا خرجوا من السجون ولم يهربوا، قاطعاً بأن خروجهم في إطار عمل منظم ومخطط له.
ولفت إلى أن مواصلة التحقيقات لا تتوافر لها الظروف المناسبة من استقلالية وحيادية وتكاد تكون تحقيقيات غير جادة.
وتابع: بالفعل أصبحت دارفور ارض الفظائع المنسية وسكانها الآن محاصرون بشبحي الموت بالسلاح والموت بالجوع.
بشئ من التفاؤل تحدث المحلل السياسي د. الفاتح عثمان لـ”النورس نيوز” قائلاً : الوضع الحالي في السودان ربما يتيح الفرصة للتحقيق بشكل اكثر عدالة عن كل ما جرى في دارفور قديماً وحديثاً إذ أن من المعلوم أن الفظائع التي تم ارتكابها في كلا الفترتين ارتكبها ذات الأشخاص او بالأصح ذات العشائر القبلية ويكمن الفرق فقط في انها اليوم تقاتل تحت قيادة قادتها القبليين بدلاً عن الحكومة السودانية التي اسبغت عليهم الحماية القانونية بمنع المحكمة الجنائية الدولية من الوصول اليهم وهو امر تغير اليوم بعد انتهاء علاقة الحكومة المركزية بهم.
وتوّقع عثمان أن تشهد فترة ما بعد الحرب تعاون غير مسبوق بين الحكومة السودانية والمحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف: من المشكوك فيه وجود صلة تربط بين قادة الإنقاذ وبين جرائم دارفور القديمة وهو امر ظهر في طلب احمد هارون من القضاء السوداني تقديمه للمحكمة الجنائية الدولية وهو مالم تهتم به انذاك المحكمة الجنائية الدولية نفسها في ظل ضعف البينات ضده وعليه لن يواجه السودان ازمة مع الجنائية الدولية بعد انتهاء الحرب لكن اطراف دولية هذه المرة ترفض مواصلة المحكمة الجنائية الدولية عملها في التحقيق في جرائم دارفور الحالية.
يُذكر أن وزارة الخارجية الأمريكية قالت يوم أمس الإثنين إن واشنطن أدرجت وزير الداخلية السوداني السابق أحمد محمد هارون في برنامجها لمكافآت الإرشاد عن المشتبه بارتكابهم جرائم حرب، الذي يقدم مكافآت تصل إلى خمسة ملايين دولار.
وأضافت الوزارة أن هارون الذي كان وزيرا إبان حكم عمر البشير مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنه ارتكبها في دارفور بين 2003 و2004