*🔴 فيما أرى*
عادل الباز
حميدتي مجرم الحرب.. بطلا للسلام.!!!
1
أي سلام ذاك الذي بطله مجرم.؟ هو السلام الذي يحاولون فرضه علينا الآن وبيوتنا محتلة وأموالنا منهوبة ونسائنا مغتصبات.!!. هذا هو دائماً السلام الذي يسعى إليه المجرمون عبر القهر والقتل في كل عصر. كان مناحيم بيجن مجرماً قاد عصابات (الأرجون وشتيرن) في مذبحة دير ياسين عام 1948، تم تنصيبه في كامب ديفيد بطلاً للسلام ونال جائزة نوبل!!… بوش مجرم حرب وكثيرٌ من مجرمي الحرب في العالم من لدن شمعون بيريز وإسحق شامير، وبعض الذين الذين رضيت عنهم أمريكا، أمثال الرئيس الكيني وليام روتو الذي وجهت له اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية فيما يتصل بدوره في تنسيق موجة من أعمال العنف اجتاحت كينيا بعد انتخابات عام 2007. هكذا تحول مجرمو الحرب أولئك بقدرة قادر بين يوم وليلة إلى دعاة سلام وحملة جائزة نوبل كمان.!!. المافي شنو؟
2
مجرمنا هذا الذي يسعى وتسعى أبواقه وحلفائه لتقديمه للسودانيين وللعالم كداعية للسلام وحريص على إنهاء الحرب رغم أن كل يوم يثبت كذب إدعائهم هذا وآخرها ظهوره كجتة أو خيال مآتة يطوف دول الإقليم ويلتقط الصور ويهرب من لقاء الرئيس البرهان.!! فداعي السلام الذي تجول كسائح في مزارع رؤساء الايقاد وصوالينهم كان أولى به أن يذهب إلى حيث اللقاء ليتوقف القتل والنهب الذي تمارسه قواته في كل قرى الجزيرة.
3
على أن مجرمنا هذا يعاني من إشكالات عديدة تحول بينه وبين الهيئة الجديدة التي يريدون أن يظهروه بها.. داعية للسلام.
أولها أن له تاريخ طويل في القتل والنهب والاغتصاب، فقوات الجنجويد اكتسبت أسوأ سمعة لقوات متمردة في القارة الأفريقية في عصرها الحديث، إذ أنها لم تترك موبقة أو فعلاً محرماً في الحروب إلا وارتكبته، وهذه الصورة تكرست في الإعلام والضمير العالمي لعقود مما سهل استدعائها سريعاً مع اندلاع الحرب الحالية وأضيفت إليها الإبادة والفظائع التي جرت وتجري في ديار المساليت اليوم.
كانت في السابق كل قصص الجرائم تروى على شفاه شهود عيان يكذبون ويصدقون، الآن العالم كله تحول لشهود عيان على جرائم الجنجويد إذ يرونها مبثوثة على الهواء مباشرة وفي الأسافير بل ويا للعجب مبثوثة بواسطة الجنجويد القتلة أنفسهم بأجهزتهم الجوالة مما لم يدع مجالاً للمزيفين من أبواق الجنجويد للإنكار أو تأليف أي نوع من السرديات الكاذبة. عرف العالم وتيقن من إجرام مليشيات الجنجويد بما لا يمكن لكل مساحيق الأرض غسلها. فاضت كبريات الصحف والقنوات الفضائية والأسافير بالقصص والتحقيقات الاستقصائية والتي لم تترك جانباً في إجرام قوات (بطل السلام) إلا وكشفته ووضعته تحت الأضواء.
4
الإشكال الثاني الذي يواجه مجرم الحروب حميدتي إن القوى التي يعول عليها (أمريكا) لن تستطيع أن تقف في وجه الحملة الجارية الآن لتقديم قيادة الجنجويد أمام المحكمة الجنائية الدولية.
أمريكا التي يعلو صوتها الآن تصدر عقوباتها ضد جرائم زعماء وآل دقلو لم تفعل ذلك لأن ضميرها صحى فجأة أو لأنها تؤمن بأي قيم إنسانية، بل هي مضطرة تحت ضغط الإعلام الداخلي وبسبب السياسة الداخلية التي تتعلق بمخاوف الحزب الديمقراطي من أن يفقد أصوات الأفارقة في الانتخابات المقبلة باعتبار أن مجرم الحرب(حميدتي) ذلك يوجه آلته العسكرية نحو القبائل الأفريقية لإبادتها في دارفور وقد شهد العالم نموذجاً حياً في الجنينة وغيرها.
والسبب الآخر أن ضغوط مجموعات نشطة من المجتمع المدني السودانية في أمريكا وأوروبا تتظاهر أسبوعياً داعية لوضع مجرم الحرب حميدتي في منصات العدالة الدولية، وبدأت هذه الضغوط تثمر بعد أن رافقتها حملة شرسة في الصحافة الغربية. بالأمس في تقرير استقصائي حديث لرويترز قدمت فيه أكثر من خمس من قيادات للجنجويد كمتهمين بالابادة والاغتصاب في دارفور.
أول أمس كتب كاميرون هدسون على حسابه الرسمي في منصة إكس – وهو مقرب من داوائر كثيرة في الغرب ويعتبر خبيراً في الشأن السوداني – تغريدة قال فيها (إنني على ثقة تامة بأن المحكمة الجنائية الدولية ستوجه الاتهام عاجلاً وليس آجلاً لحميدتي على جرائمه الفظيعة التي ارتكبها على مدى عقد من الزمن، وستصبح مثل هذه الزيارات إلى الدول الموقعة على المحكمة الجنائية الدولية أكثر صعوبة، كما أنه سيغير طبيعة الحرب بأكملها.).
5
والإشكال الأكثر تعقيداً أن حميدتي الذي عمم جرائمه على كافة أرجاء السودان بصورة لم يسبقه عليها أياً من المتمردين السابقين في تاريخ السودان، بدأت صورته كمجرم حرب ترسخ في أذهان السودانيين بالفظائع التي ارتكبتها قواته، مما يجعل التعامل معه خارج إطار تلك الصورة مستحيلاً، كما لا يمكن قبوله أو إعادته للمسرح السياسي والعسكري تحت أي معادلة أو اتفاق، أما محاولات تقديمه من حلفائه القحاته أو من ثلة المرتشين في المنظمات الأفريقية كداعية للسلام… فهو مثير للضحك والسخرية، فأيديه التي غرقت في دماء السودانيين وأعراضهم لن تغسلها مياه المحيطات، وستبقى صورة مجرم الحرب حميدتي في الأذهان بصفتها تلك لعقود قادمة، بل سيدخل في إطار تلك الصورة معه الذين طبلوا له وساندوه ومولوه، وستظل إلى يوم يبعثون.. يوم لا ينفع مال بنون ولا ذهب ويوم يقال لهم ما سلككم في سقر.. فيقولون كنا من الجنجويد!!… إن فرعون وهامان وجنودهما…