آراء و مقالات

ما وراء الخبر … الحرب .. صمود الشعب و الدولة … محمد وداعة

ما وراء الخبر

الحرب .. صمود الشعب و الدولة

محمد وداعة

رغم المآسى و الاحزان قدم السودانيون مشهد من التضامن و التكافل لم يسبق له مثيل

*الحرب فضحت ضعف القوى السياسية و المدنية ، و غياب منظمات المجتمع المدنى*

قوى الاطارى لم تعترض على خطاب المليشيا القائل ان هذه الحرب فاتورة يجب سدادها لاستعادة التحول الديمقراطى*
*بعض بنى جلدتنا عملاء و مرتشين ، دفع بهم سوء التربية و ضعف الوطنية الى احضان الاجنبى*
*هذه الحرب كشفت افضل ما لدينا و اسوأ ما فينا*
ستة اشهر من الحرب ، اظهرت افضل ما فينا ، و كشفت عمق الشعور الوطنى للشعب السودانى ، و قدرته على التكيف مع الاوضاع الكارثية التى فرضتها الحرب ، و عن عبقرية فى ادارة الموارد الشحيحة ، خاصة وان الملايين تعرضوا للسرقة و النهب و سلب الممتلكات ، نزح الملايين الى الولايات ليس الى معسكرات اللاجئين و كنف المنظمات الاجنبية ، احتضنهم الناس فى بيوتهم او فى مراكز الايواء تحت رعاية الحكومة و المنظمات الوطنية ، و بعضآ منهم الى دول الجوار، رفضوا الاقامة فى معسكرات المنظمات الدولية وهم الغالبية ، الا قلة لم تسعفهم ظروفهم المادية ، رغم المآسى و الحزان قدم السودانيون مشهد من التضامن و التكافل لم يسبق له مثيل ،
فى غضون ايام من بدء الحرب ، انتظمت الاف اللجان من السودانيين فى الداخل و الخارج لتوفير الادوية و محاليل غسيل الكلى ، و توفير الاعانات المالية لطالبى العلاج و العمليات الجراحية ، آلاف الاطباء يعملون متطوعين فى المناطق التى تتوفر فيها المراكز الصحية و المستشفيات، و التحق المهنسون باقرب مرفق يستطيعون فيه تقديم المساعدة الفنية و الهندسية خاصة فى قطاع المياه و الكهرباء ، وكان لافتآ التحاق مئات الالاف من الشباب بمعسكرات التدريب مساندة للقوات المسلحة ، و انضم الالاف من المتقاعدين من الجيش و الشرطة و الامن الى الوحدات العسكرية و فى الصفوف الامامية ،
ستة اشهر من الحرب اظهرت تماسك جهاز الدولة و استعادته لقدرته فى تقديم الخدمات فى وقت وجيز ، فتم استعادة غالب المعلومات الخاصة بالشرطة و السجل المدنى و السجون و المرور، و تم استعادة السجل القضائى ، و سجلات الاراضى ، و التعليم العالى ، و اعادة خدمات المياه و الكهرباء و تحسنت الاتصالات و خدمات الانترنت و الخدمات المصرفية ، مع ملاحظة وفرة فى السلع الاستهلاكية و الوقود ،

 

هذه الحرب اظهرت اسوأ ما فينا ومما يلينا مظاهر ضعفنا، فامتلأت الاسافير بالغث و السمين ، و ظهر المئات من المحللين العسكريين ، و مثلهم من المحللين السياسيين و الخبراء دون خبرة ، يتحدثون دون معلومات و دون قدرة على التحليل ، و غابت مراكز البحث و الرصد الرصينة ، مع ضعف الاعلام المسؤول ، او المستقل ، هذه الحرب فضحت ضعف القوى السياسية و المدنية ، و غياب منظمات المجتمع المدنى ، مع ضمور الافكار و الفشل فى تقديم مبادارت سياسية و مجتمعية موثوقة او ذات جدوى ، ومع الاسف انحصر تحركها فقط فى كيفية استعادة السلطة تحت لافتة استعادة التحول الديمقراطى ، فبينما لم تستنكر بعض هذه القوى ، ومن بينها قوى الاتفاق الاطارى الانتهاكات و الجرائم التى ارتكبتها قوات الدعم السريع ، لم تعترض على خطاب المليشيا القائم على ان هذه الحرب فاتورة يجب سدادها لاستعادة التحول الديمقراطى ، فلم تتعلم شيئآ من الحرب فتنادت نفس الوجوه الى الجبهة المدنية لايقاف الحرب ،

 

هذه الحرب كشفت ان الغدر و الخيانة هى فطرة البعض و مصدر فخرهم، الغنائم فى عرفهم هى نهب ممتلكات المواطنين ، واحتلال بيوتهم و اغتصاب الحرائر، يسرقون و ينهبون ، ودون خجل يعرضون المسروقات علنآ فى الاسواق ، لم يتغيروا و لن يتغيروا ، وان بعض بنى جلدتنا من العملاء و المرتشين ، دفع بهم سوء التربية و ضعف الوطنية الى احضان الاجنبى ، فقدموا مصالح الاجنبى على مصالح بلادهم ، يبخسون الناس اشياءهم و يستهينون بقدرة ابناء الشعب السودانى فى التضحية و الصمود ، و يراهنون على اوهام الحل الاجنبى، فشلت حربهم و سقط مشروعهم فى الانقضاض على السلطة بالقوة ، لم يحدث قط ان احتلت قوة متمردة عاصمة اى دولة و لم تسقط السلطة و تنهار الدولة ، هذه الحرب كشفت افضل ما لدينا و اسوأ ما فينا ، الافضل فينا سينتصر ولا عودة للوراء ،
22 اكتوبر 2023م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *