يوسف عبدالمنان… يكتب….
دولة العطاوة وأوهام النقاء العرقي (1)
بدات أمراض الصراع على السلطة في الدولة الإسلامية بعد ٢٨ عاما من انبثاق في الإسلام حينما حلت بالمسلمين محنة وفتنة مقتل الإمام الثالث عثمان ابن عفان رضي الله عنه وذلك بعد بيعة الإمام علي ابن أبي طالب الذي بايعة بعد الصحابة على الاقتصاص من قتلة عثمان قبل أن يبدأ في نسج ثوب الأمة الممزق وكان عمر ابن العاص الأكثر تشددا في ذلك بينما ابطئت خطي سيدنا علي بلملمت جراح الأمة ومحاولة توحيدها
ولكن الدكتور خليل إبراهيم وهو مفكر مصري معاصر اعتبر بداية الدولة القريشية بعد وفاة سيدنا عمر بن الخطاب الذي أوصى وهو على فراش الموت يحتضر بتكوين لجنة تختار من بين الصحابة خليفة ووضع سيدنا عمر ابنه عبدالله في مرتبة المرجح صوته إذا تساوت كفتي الميزان اي إذا وقف ثلاثة على مرشح وثلاثة آخرين على مرشح فإن الثلاثة الذين من بينهم عبدالله بن عمر يعتبر خيارهم هو الراجح ولكن الدكتور خليل نظر إلى لجنة المحكمين بعين أخرى في انهم جميعا من قريش ولم يشارك معهم الاوس والخزرج وهو من الأنصار البدريين واعتبر تلك الحادثة هي بداية الدولة القريشية ولكن المفكر الآخر رشيد رضا يقول ان دولة الأمويين هي أول بزرة في تراب الإسلام التي أدت لشعور قوميات عديدة بالرغبة في تكوين إمبراطوريات أساسها العنصر لا العقيدة
إذا كانت تلك هي سنوات الدولة الإسلامية الباكرة فإن حالة الضعف والوهن التي يعيشها العالم الإسلامي اليوم مردها ليس لعصبيات القبائل فحسب ولكن لحالة التوظيف السياسي للطائفية الدينية مثل العلويين في سوريا والسنه والشيعة في العراق واليمن تلك بلدان حضارات قديمة لاتماثل بالسودان حديث العهد بالدولة المدنية وهو دولة طرفية وللمفكر الاجتماعي والعالم الفقيهه نظرية عن الأطراف ومدى تاهليها لقيادة العالم الإسلامي
والعرب في السودان وبغربه بصفة خاصة حيث محور الحديث هنا ينقسمون إلى عرب جهينه وفزارة حسب المؤرخ هارولد مكمايكل (تاريخ العرب في السودان) وهو كتاب من عدت أجزاء يتحدث عن بعض تاريخ السودان وليس كل تاريخ السودان والجهنيين هم رفاعة والكبابيش ودار حامد ورفاعة والقواسمه والشكريه ودار حامد والزيادية وبني جرار والبزعه والشنابلة والمعاليا ودويح والمسلميه والمحاميد والماهرية والجبابرة والأحمر وهؤلاء جدهم عبدالله الجهيني وهو مولود في بطاح ينبع بالمملكة العربية السعودية الآن ويقول المؤرخ محمد عمر التونسي أن قبائل فزارة هي دارحامد وبني عمران والمسيرية
ولكن في احاجي وقصص بطولات الاسلاف وهي قصص في كثير من الأحيان تمتزج فيها الأسطورة بالحقيقة وتعظيم الكيانات العرقية التي ينتمي إليها الفرد على حساب الآخر وماقصة( ناقة العريقي فنا) الا مثال وسناتي للحديث عنها في سياق البحث والتنقيب عن بواعث دعاة دولة العطاوة في بعث مافي القبور من التاريخ ومحاولة توظيفه في الصراع السياسي الراهن ويقال في التاريخ الشفاهي غير المكتوب أن عرب غرب السودان ينحدرون من أبناء( جنيد) وهم عطية وحيماد والأخير تصغير لاسم حماد وأبناء عطيه هم الرزيقات بكل فروعهم والمسيرية والحوازمة بينما أبناء أبناء حيماد هم الهبانية وبني حسن وبن حسين بني هلبه و التعايشه وخزام وأولاد راشد لكن فرضية انتماء خزام وأولاد راشد والبنى هلبه إلى جدهم حيماد تقدح فيها ماافرزته أدبيات الصراع بين خزام وأبناء عمومتهم الآخرين في فتنة الناقة التي قيل أن مالكها احد عرب العريقات وهو جدود اللواء عبدالله صافي النور الطيار العريقي قيل أن أحد ملوك قبيلة خزام قد استولى عليها وقصة الناقة بها كثير مما هو غير عقلاني ويتنافي حقائق الجغرافيا بزعم أن الناقة اصلا سليل لجمل خرج من جوف البحر إلى يابس الأرض والجمال حيوانات برية وليس بحرية وثم أن جغرافية الصراع في شمال دار أو شمال تشاد وتلك المناطق لم تغشاها البحار بعد وثم قيل أن الناقة التي ابيد بسببها خزام تدر لبنا مقداره خمسة براميل بمقاييس اليوم فاي ناقة هذه؛؟؟
وقعت مناوشات الحرب واشعارها حيث تباهي احد فرسان أبناء عطية بكثرة جيشهم وعظمة قوتهم فقال
الساير عطيه والمقيم حيماد
والدخان البتلتل راشد الولاد
اليوم وين ملاذك ياالخزامي الداج
الداج بمعنى الذي لا طنا له في تلك الأرض اي القادم من أرض بعيدة وعدد الشاعر مصادر قوة الجيش الذي ينتظر قبيلة خزام في نزال الناقة ولكن شاعر آخر من خزام رد عليه بالقول
لو اجتمعت هاجوج ومأجوج
وجنيد ومجنود
والسلامي والهلباوي ابو شدوق
كرور الغنم مابقابل جبين الدود
وهنا بدأت نبرة التحدي والفخر والاعتداد بالنفس وقد نشبت الحرب وقضى هذا التحالف الكبير على مملكة خزام وشتت شملهم ومزق أحشائهم وفي إحدى جلسات السمر تحت القمر قلت لأصدقاء من الرزيقات في حضور الناظر سعيد موسى مادبو (ابا الناظر كتلتكم لأهلنا دي اول جريمة تطهير عرقي يجب أن ننال تعويضا مجزيا لأسر الضحايا وهم انا الذي أمامك وعمي الفقيه محمود السوار) ضحك الناظر رحمة الله عليه كان حكيما ودودا عميقا في تفكيره ولما بدأ الفريق حميدتي التخطيط للامساك بعنق الدولة أو مافكر فيه أو الذين من حوله تأسيس كيان العطاوة الذي يجمع القبائل الثلاثة الرزيقات والمسيرية والحوازمة ويقال إن هؤلاء جدهم عطية وأبنائه ثلاث رزيق جد الرزيقات ومسير جد المسيرية وحازم هو جد الحوازمة وجاء ميلاد تنظيم العطاوة في السودان خلال عام ٢٠١٧ ويعتبر محمد صالح الأمين بركة ومحمد مختار المنظرين الأوائل للتنظيم ولكنه اتخذ في البدء واجهة اجتماعية ثقافية للتواصل بين هذه المكونات من غير إعلان كيان تنظمي كما حدث عام ٢٠١٩ ومحمد صالح الأمين بركة مثقف وقارئ جيد ورجل علاقات عامة بدأ حياته عروبيا ولكنه انتمي إلى الحركة الإسلامية بعد ذلك إلا أنه كان نقدا لكثير من الممارسات رغم أنه يحسب على المجاهدين في جنوب السودان إبان سنوات الحرب ولكنه لم يحظى بوظيفة كبيرة في الحكومة مع ان عرب البدو من شمال دارفور كان حظهم في السلطة ضعيفا حتى جاءت الإنقاذ التي نفضت عن كثير من المجموعات السكانية غبار النسيان مثل رزيقات الشمال بتعين عبدالله صافي النور واليا ثم وزيرا بمجلس الوزراء وأدم النحله معتمدا ومحمد موسى رئيسا للمجلس التشريعي بشمال دار فور والسنوسي بشر نائبا للوالي بغرب دار وموسى خدام معتمدا لام دخن والتجاني صالح فضيل وزير دولة بالخارجية والمهندس مسار واليا على نهر النيل وزيرا للإعلام وتقلب كاشا في المناصب من وزير بالقضارف إلى التجارة وولايات شرق دار والنيل الأبيض وكان يتقافز من موقع دستوري لآخر كما تتقافز الفراشات بين الأزهار وعادل دقلو وزير دولة ومحمد يوسف التليب وزيرا بالسلطة الانتقالية وبذلك الادعاء بأن عرب دارفور وخاصة الرزيقات تعرضوا للظلم وهضمت حقوقهم مجرد فرية لايسندها منطق
ثم السؤال الان هل حميدتي نفسه الذي عينه الرئيس البشير بلا قانون أو سند دستوري من البدو إلى منصب العقيد في الجيش وجاء بشقيقه الأكبر منه سنا من عريف في استخبارات حرس الحدود إلى عقيد في الدعم السريع ثم ترقى الاثنان معا حتى مرتبة الفريق هل حميدتي ظالم ام مظلوم؛
وهل كان تنظيم العطاوة بمثابة تنظيم الذيدية عن الشيعة؛؟؟نواصل في الحلقة القادمة
يوسف عبد المنان