رشان أوشي … الدبلوماسية السودانية… كُن حراً
رشان أوشي
الدبلوماسية السودانية… كُن حراً
لا شك أن التحولات الدولية التي شهدها العالم مؤخراً، وضعت السيادة الوطنية كمفهوم على المحك، بل باتت تشكل وضعا خطراً بالنسبة له، ولكن رغم تقسيم العالم إلى أقطاب قوة تتبعها بقية الدول، إلا أن هناك فئة من الدول ما زالت قادرة على أن تختلف مع الإرادة الأمريكية دون أن تختفي من خريطة العالم.
فالصين وبعض الدول الأوروبية، ما زالت قادرة على التعامل مع تلك التقاطعات بحسابات رشيدة، ومعقدة تجعل القيود على سيادتها في حدها الأدنى، أو على الأقل ترسم خطاً أحمر أمام المصالح الحيوية لتلك الدول لا يمكن أن تتجاوز القيود على السيادة.
وهو السبيل الذي يجب أن تتبعه الدبلوماسية السودانية، بالا تتقاطع المصالح الحيوية للمجتمع الدولي مع مبدأ سيادة السودان، والجدير بالذكر أن الدبلوماسية السودانية تتوكأ على إرث تاريخي وتجارب ثرة مما يؤهلها لاختيار الطريق الصحيح الذي يجب أن يسلكه السودانيون تجاه الخارج.
رغم أن المسرح الدولي تسوده التناقضات، والتساؤلات وعدم اليقين، إلا أن مبدأ الحرية يجب أن يظل ثابتاً، إذا قرار استعادة العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية “إيران” هو قرار صائب، وصدر في الوقت المناسب؛ خاصة وأن الحرب قد أزاحت الستار عن فصول المؤامرة الدولية ضد السودان، والتي لعب فيها النظام الأمريكي دوراً لا يخفى على أحد.
ستنال الحكومة السودانية قدراً أوفر من الرضا الشعبي أن سحبت جنود وضباط القوات المسلحة من حرب اليمن، فبلادنا ومعركتنا الوطنية أولى بالقوات التي تحرس حدود السعودية والإمارات، بينما تمد الأخيرة المتمردين بالعتاد والسلاح وتنفق الأموال في سبيل تركيع السودان.
عودة العلاقات مع إيران خطوة في الاتجاه الصحيح، ويجب أن يستمر المشوار إلى التحرر من محاولات الغرب تركيع السودان ونهب خيراته، لجمهورية إيران أدوار إيجابية في السودان عبر حقب مختلفة، كانت صديقاً وفياً عندما حاصر العالم بلادنا.
على الصعيد الأمني، وخلال سنوات حصار السودان لعبت إيران دورا محوريا في تماسك الدولة وعدم سقوط البلد بيد التمرد المسلح في جبهات الجنوب والشرق .
أنباء تتحدث أيضا عن زيارة مُرتقبة لرئيس مجلس السيادة الانتقالي “البرهان” إلى “بكين”، وقد سبقتها مشاركة مشهودة في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أسابيع، وصاحبتها لقاءات مع عدة أطراف.
زيارة “البرهان” للصين تعني أن العقل الدبلوماسي قد أصبح يفكر خارج الصندوق، وأنه استفاد من تجربة الأعوام السابقة التي دفعت ببلادنا إلى أن تصبح ساحة حرب نفوذ دولي وإقليمي.
كما أن الابتعاد عن التبعية العمياء لسياسة المحاور يعني توطيد العلاقة مع الأطراف المتنافسة في المحورين، وجعل السودان في منطقة توازن بإمكانه ممارسة دور الوسيط إن طلب منه ذلك..
محبتي واحترامي