الأنبياء الكذبة… والاستثمار في أزمة الشعب السوداني (6_10)
رشان أوشي
مافيا ميناء بورتسودان
بينما أنظار السودانيين معلقة بالخرطوم، حيث تشتعل المعارك بين التمرد والدولة، وقلوبهم أسيرة لذكرياتهم هناك، كانت مافيا المال العام تعبث بميناء “بورتسودان”.
جراء الأزمة الاقتصادية التي سبقت الحرب، والفوضى التي اعترت أجهزة الدولة، مع غياب الرقابة، وتركيز الإعلام على حالتي الاحتقان السياسي والصراع المكتوم داخل المؤسسة العسكرية (الجيش والدعم السريع) قبل الانفجار، تكدست البضائع بميناء “بورتسودان”، وعجز التجار عن سداد الرسوم الحكومية المفروضة عليهم؛ وتحولت الآلاف الحاويات المحملة بالبضائع إلى مهملات.
مافيا داخل الميناء، تضم موظفين كبار وصغار، ومنسوبي أجهزة نظامية، تعمل على كشف محتويات المهملات لأشخاص يحملون تصادقين بشرائها من وزارة المالية، حصل عشرات الأشخاص من ذوي الحظوة، على مهملات الميناء والتي تقدر محتوياتها بمبالغ ضخمة، مقابل ثمن بخس، مثلا شخصية بعينها اشترت (3) حاويات بمبلغ (30) مليون جنيه، وقامت ببيعها مقابل (٣٥٠) مليون جنيه.
صرف بذخي ومخصصات مالية ضخمة لموظفين كبار عبر لوائح داخلية، بجانب فوضى عارمة تعطل سير العمل اليومي، كل ذلك تسبب في تراجع إيرادات الميناء، مع ازدياد الظل الإداري.
الوضع الراهن للبلاد لا يحتمل التهاون أبدا، الشعب يعيش مأساته في صمت، تقديرا وعرفانا بمجهودات الدولة في محاربة التمرد، ولكنه لن يصمت أبدا على إهدار حقوقه ومكتسباته، إجراء إصلاحات جذرية داخل مؤسسات الدولة الإيرادية ضرورة عاجلة لا تقل أهمية عن الحرب لإنهاء التمرد.