ما وراء الخبر
التعليم .. فى زمن الحرب
محمد وداعة
قرار وزير التعليم العالى يدمر العملية التعليمية
قرار الوزير غير قانونى و غير مدروس و من دون حيثيات كافية
هل قامت الوزارة بتوفير مرتبات الاساتذة و العاملين فى الجامعات الحكومية
الجامعات تستعين برسوم القبول الخاص لسداد مرتبات الاساتذة
على هذا الوزير ان يتقدم باستقالته لانتفاء الحاجة اليه
اصدر وزير التعليم العالى المكلف الاستاذ محمد حسن دهب قرارآ بتاريخ 13 اغسطس قضى بايقاف الدراسة فى الجامعات و المعاهد و الكليات السودانية ، و اعقبه بقرار سماه قرار( عقوبات عدم تنفيذ قرار ايقاف الدراسة) ، قضى بمعاقبة الجامعات و الكليات الحكومية و الخاصة الغير ملتزمة بالقرار ، و ذلك ( بعدم اعتماد و توثيق الدراسة او اى نشاط اكاديمى بعد صدور قرار ايقاف الدراسة ، عدم اجازة اى برامج جديدة على مستوى الدبلوم و البكلاريوس او الدراسات العليا ، تجميد القبول لمستوى الدبلوم و البكلاريوس و الدراسات العليا 2023/2024 ) ، القرار يشمل مؤسسات التعليم العالى الحكومى و الخاص و الاجنبى ،
القرار شمل (34) جامعة حكومية، و(20) جامعة أهلية وخاصة، بجانب (80) كلية جامعية خاصة، ويبلغ عدد طلاب هذه المؤسسات وفقاً لإحصاءات غير رسمية حوالى (800) الف طالب و طالبة ، منهم حوالى (500) الف فى الجامعات الحكومية ، بينما (300) ألف طالب و طالبة يتابعون تحصيلهم العلمي في الجامعات والكليات الخاصة والأجنبية، نصف الجامعات السودانية الحكومية تتواجد فى الخرطوم و منها الجامعات الكبيرة ( الخرطوم ، النيلين ، السودان ) ، وتوجد فى كل من الولايات الـ17 الأخرى جامعة حكومية واحدة على الاقل ،
منذ عام 2018م اقفلت الجامعات السودانية أبوابها عدة مرات ، لأسباب تتصل باجراءات مكافحة جائحة كورونا (مارس 2020 – مايو 2021)، والاضطرابات و الاحتجاجات السياسية التى صاحبت ثورة ديسمبر و أطاحت بنظام الرئيس المعزول عمر البشير في الفترة من (ديسمبر 2018 – أبريل 2019) ، و بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021م ، و تسبب دخول أساتذة الجامعات في إضراب عن العمل احتجاجا على عدم وفاء السلطات بالهيكل الراتبي المجاز منذ عام 2018 م و تعديلاته اللاحقة فى توقف الدراسة فى بداية 2023م ، و بسبب هذه التوقفات المتكررة فان طلاب الدفعة 2014/2015 و الذين يفترض تخرجهم فى عام 2020م لم يتخرجوا حتى الان ، هذا بالاضافة الى وجود اكثر من دفعة فى المستوى الدراسى الواحد ، مع شح فى القاعات الدراسية و نقص فى الاساتذة ، وطبقا لنتيجة الشهادة السودانية في 2022م ، فإن حوالى (150) الف طالبا وطالبة، مؤهلون لدخول الجامعات السودانية خلال العام الجاري 2023م ، تعطلت دراستهم فى المستوى الاول بعد حوالى شهرين على دخولهم الجامعات ،
بعد حرب 15 ابريل اجتاحت قوات الدعم السريع المتمردة كافة الجامعات الحكومية و الخاصة ، و اتخذت منها مقرات عسكرية ، و حرقت و اتلفت القاعات و المعامل و المراجع العلمية بصورة لم يشهد لها التاريخ مثيلآ ، ونهبت اموالها و اغلقتها بالقوة الجبرية ، و فقدت الجامعات موارد مالية للابقاء على الاساتذة و الادارات ، خاصة و ان الجامعات الخاصة و الاهلية تعتمد بالكامل على تسيير العملية التعليمية على ايرادات الرسوم الدراسية ، بالاضافة إلى آثار اقتصادية أخرى متمثلة في حدوث فجوة محتملة فى بعض التخصصات العلمية، وزيادة نفقات الصرف على التعليم داخل الأسر جراء تطاول أمد الدراسة، و آثار اجتماعية مدمرة للشباب من الجنسين و الاسر من حالة الإحباط لطول سنوات الدراسة ، كل هذا سبب و يسبب انحرافات خاطئة كإدمان المخدرات وانتشار ظاهرة الزواج العرفى ، و انتشار البطالة و زيادة معدلات المشاكل داخل الاسرة الواحدة ،
فى الوقت الذى اكملت فيه معظم الجامعات مجهوداتها لاستئناف العملية التعليمية ، و اجرت بعضها امتحانات لطلاب المستويات النهائية ، و حققت بعضها نجاحات فى استئناف الدراسة عن بعد ، و حصل البعض منها على استضافة فى جامعات فى الولايات ، جاء قرار الوزير بايقاف الدراسة ، دون حيثيات كافية ، و دون مراعاة لمستقبل حوالى مليون طالب و طالبة ، و بينما لم يشتمل القرار على اى التزام واضح بصرف المرتبات على الاقل للاساتذة و العاملين فى الجامعات الحكومية ، فالقرار الخطير لم يفصح عن اى امل لاستئناف الدراسة فى الامد القريب ، من الواضح ان هذا القرار لم يخضع لدراسة وافية ، و لم يتحسب الى انه يتسبب فى تدمير التعليم العالى ، و لم يضع فى الاعتبار الآثار الاقتصادية و الاجتماعية على ملايين الطلاب و الطالبات و اسرهم ، هذا القرار يحتاج لمراجعة سريعة من المختصين و المسؤلين ، هذا القرار لا تقل اثاره المدمرة عن آثار الحرب التى تجرى منذ 15 ابريل ،يجب اعادة النظر فى القرار و يتطلب ذلك اشراك ادارات الجامعات و ممثلى الطلاب و مجالس الامناء ، يجب ان تتجه كل الجهود لاستئناف الدراسة الجامعية ، هذا الوزير اغلق كل مؤسسات التعليم العالى ، فماذا يفعل فى الوزارة ؟، ربما كان الافضل له و لمستقبل بلادنا ان يتقدم باستقالته لانتفاء الحاجة،
19 سبتمبر 2023م