لقاء الفريق عبد الرحيم دقلو مع قناة اسكاي نيوز ..وسياسة بسمارك الداخليه
*قراءة من ضفة النهر الأخرى* ———————————————
د. محمد حسن فضل الله
——————-
١. من أكبر ما كسبه الرجل من المقابلة أنها نفت تماما ما شاع عنه من فقدان لقواه العقلية وتعرضه إلى هزة ذهنيةواضطراب نفسي حاد أثر مغادرته ساحة المعركة في الخرطوم ، ومن حسنات اللقاء أن مذيعة البرنامج اشارت بوضوح الى حوارها مع الرجل من (كينيا ) وليس من وسط جنوده فى الميدان وبدأ الرجل في بدله كامله (Full suit) مع نقصان واضح في مستوى الاناقه عما هو معهود سابقا.
٢. لغة الجسد للرجل ظلت هادئة لاتنم عن انفعال ظاهر مثلما هي طريقة الفريق عبد الرحيم في الانفعال والتشجيع فلم يستخدم يديه كثير وقام بعض شفته السفلى عدة مرات وبدأت أسنانه وهو يبتسم في نهاية اللقاء اكثر من مرة.. ويبدو انصياع الرجل بالكامل لنصائح مستشارين والتزامه بها حرفيا .. وبدت هذه النصائح اوضح ماتكون حينما يوضع الرجل في موضع إجابة تحتاج الى تفصيل فيجيب عنها بالاقتضاب ،أو حينما يوضع في موضع إجابة تحتاج الى اجمال فيصر على الاسهاب مما جعل مقدمة اللقاء تشعر بالملل وتقاطعه مرات كثيرة .
٣. الواضح ان المقابلة تم بذل جهد خارق فيها من تحضير الاسئلة على نحو يتناسب مع فهم الضيف، واعدادها بشكل مبسط، إذ خلت من الأسئلة التى تضع من الضيف على صفيح ساخن، أو التى تجعل من الضيف يفكر قبل أن يفصح بكلمه ، فضلا عن أن طريقة تلقي الضيف للاسئلة وسماعه لها لا توحي بأنها هي المرة الأولي التى يسمعها .. وطريقة الإجابات نفسها ليست طريقة الضيف المعهودة في التحدى والغرور التى تميزت بها خطابات السابقه فلا الأذان أذان في منارته، ولا الآذان آذان .. مما يدل بوضوح أن الاسئلة تم تسليمها له من قبل وتم اعداد إجابات من قبل طائفة من المستشارين .. ومن أجمل ما سمعت من تعليق.. كان تعليق السيد اللواء (م) مازن الذي قال أن (طاقم المُلَقِّنين الذين أشرفوا على إعداد عبدالرحيم دقلو لهذه الدقائق ، وطاقم الإعداد والتقديم في القناة ، جميعهم يستحقون تهنئةً كبيرةً فقد حاولوا جهدهم إنجاز مهمةٍ لا تقِل استحالةً عن تعليم البعير القراءة والكتابة ، ولم يكن بالإمكان أفضل مما كان) .
٤. الاجابات نفسها اجاب عنها الفريق عبد الرحيم دقلوا بنظام النكته السودانية المشهورة عن الطالب الذى دخل الامتحان بتوقع السؤال عن (سياسة بسمارك الداخليه) ولكن السؤال كان عن (سياسة بسمارك الخارجية) فاضطر إلى الاجابة بما يحفظ ،وما تم تلقينه لها لابما يسمع ويفهم من السؤال فاجاب عن سؤال أحداث الجنينه بتاريخ الصراع دارفور… واجاب عن سؤال علاقة الدعم السريع فض الاعتصام باطلاق سراح اللواء (الصادق سيد) .. واجاب عن ممتلكات الدعم السريع لدى الولايات المتحدة بعدم اهتمامهم بالقرار وعدم اهتمامهم بمغزاه وهكذا.
٥. رغم اللقاء كان على قناة (اسكاى نيوز) العالمية ورغم اللغة الرفيعه لمقدمة البرنامج التى كانت تدرك أنها تخاطب المستمع العربي بعربية فصيحة وتخاطب الأجانب بلغة سليمة يسهل ترجمتها الى . إن الرجل بدأ غارق جدا في اللهجة المحلية بشكل يصعب فهمه لدى المتلقي غير السوداني وبدأت عبارات غريبة للرجل لا تشبه الحوار ولا البرنامج ولا الحدث ..ويقيناً ان مترجم القناة سيبحث طويلا عن متردافات تعينه على ترجمة هذه الكلمات ولن يجدها
٦. كلما سئل الرجل جاءت اجاباته متطابقة تحمل قاسما مشتركا في ثلاث كلمات (الفلول_ البرهان_ الكيزان) فوردت مفردة البرهان ١٧ مرة والفلول ١٣ مره ، والكيزان ٩ مرات .
٧. بدا الرجل متناقضا جدا عندا يصف البرهان (بالهارب) الذي يتحدث من داخل الاراضي السودانية ، ويلبس زي العمليات وهو يتحدث من كينيا ،ويرتدى ربطة العنق والبدلة الكامله وجنوده في الميدان بين الازقه والحوارى ،وظهر اكثر تناقضا عندما لم يستطيع الاجابة عن الانتهاكات في ولاية غرب دارفور ليقفز إلى حادث تم قبل أربع سنوات ذكر أنه تم التحقيق فيه بمعاونةوفد من الخرطوم ،ذاكرا انه تم رفعه إلى البرهان الذى وضعه(تحت الدرج).
٨. حديث الرجل ظل متأثرا بطريقة قائده فكلما تحدث عن أمر ذكر أنهم يمتلكون فيه(آدلة ومستندات وهناك شهود) دون أن يفصح عنها أو يذكرهم وهي طريقة المحاميين المعروفة في المحاكم ب(ارهاب وتخويف الخصم) .. فلطالما تخطي الأمر الى اصدار عقوبات بحق الرجل فما الذى ينتظره بهذه الادلة والمستندات .. وحينما احتاج الرجل الى تدعيم موقفه في نقطة اخرى ذكر أن من الشهود (فولكر والسفير. الأمريكي وحمدوك).
٩.لم يرتقي فهم الرجل إلى مناقشة الاتهامات التى ادلت بها المذيعة عند بداية اللقاء حينما ذكرت (عبارات القتل بدوافع عرقيه، عمليات تعنيف جنسي- تصفيه).. او لم يكن له استعداد لمناقشتها ، اولربما كان سؤال خارج المقر ،أو لربما كانت فوق مستوى الفهم ..كما ان المشاهد و مقدمة البرنامج لم يستطيعوا فهم موضوع (بكاء الضباط) عشية الانقلاب وموضوع (البرهان قافل حمدوك في بيت الضيافة والمفتاح مع الحرس ) ..وبدأ كأنما أن المنطق في تلك اللحظة الأخرى كان بالضفة الأخرى من النهر .