عبدالناصر الحاج يكتب: (1) جدل “الدمج”.. العملية السياسية تتوقف في مفترق طرق!!

منذ دخول شهر أبريل الجاري، لم تزل العملية السياسية الجارية الآن في البلاد متوقفة في محطة ما قبل التوقيع النهائي؛ وتأبى أن تفارقها، رغم كل الجهود المبذولة من قبل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية. وكانت ورشة الاصلاح العسكري والأمني قد تعثرت في عدم القدرة على الخروج بوصايا محددة متفق عليها؛ وتصلح لتضمينها في مسودة الإعلان الدستوري الذي كان من المفترض التوقيع عليه في السادس من أبريل، إلا أن خلافاً بين الجيش والدعم السريع حول مواقيت الدمج والتحديث، تسبب في تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي للعملية السياسية إلى حين أن تحسم اللجنة الفنية الخاصة بالدمج والتحديث، موضوع الخلافات بين الجيش والدعم السريع، وتتوصل لصيغة متفق عليها بين الفريقين. وبالطبع ساهم الخلاف والتوتر بين الجيش والدعم السريع في تسريع وتيرة المخاوف والقلق على مستقبل عموم العملية السياسية، سواء لدى المجتمع الدولي،أو بالنسبة للاطراف الموقعة على الاتفاق الاطاري. وبحسب تقارير صحافية، أبدى المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فولكر تروك، قلقه على توتر الأوضاع في السودان، داعيًا الأطراف لمضاعفة جهود استعادة الحكم المدني. وأعرب فولكر تروك، في بيان بحسب “سودان تربيون”، عن قلقه إزاء الوضع الحالي المتوتر في السودان. ودعا جميع الأطراف إلى التخلي عن المواقف الصلبة ووضع المصالح الشخصية جانبا والتركيز على مصالح الشعب السوداني من خلال مضاعفة جهود استعادة حكومة يقودها المدنيون. ولم تتوقف المخاوف من أن يتمدد الصراع بين الجيش والدعم السريع، عند عتبة المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة؛ بل بات الخلاف هو موضوع مادة إعلامية دسمة تحتفي بها كل أجهزة الإعلام والصحف، وتتبارى هذه الأجهزة فيما بينها للظفر بسبق صحفي يكشف عن آخر الاختراقات في هذه القضية الشائكة، حيث كشفت صحف الخرطوم طبقا لمصادر موثوقة أنّ الأطراف العسكرية في السودان، توشك على الاتّفاق على أنّ تكون فترة دمج (الدعم السريع) في الجيش 10 سنوات، بالاستناد إلى أنّ ذات النص الذي تم التوقيع عليه في اتّفاق المبادئ الذي وقعت عليه كل الأطراف المشاركة في العملية السياسية بمن فيها قيادة الجيش. وقالت بحسب “الجزيرة نت” إنّ الخلاف ما زال قائماً حول تبعية قوات الدعم السريع لمجلس السيادة -شخصيات مدنية- أم للقائد العام للجيش، وأشارت إلى أنّ قيادة (الدعم السريع) تتمسّك بالخضوع للمجلس، بينما يقول قادة الجيش إنها يجب أن تأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة مباشرة، وتوقعت حسم الخلاف في أقرب وقت ممكن يلتئم فيه اجتماع بين الطرفين. بالمقابل، كان عضو المجلس المركزي رئيس لجنة السياسات بحزب الأمة القومي،إمام الحلو ، كشف عن مقترح اتفاق يفضي إلى تجميد نقطة الخلاف بين الجيش والدعم السريع وترحيلها إلى مرحلة لاحقة. وأشار إلى أنّ هذا المقترح كان من ضمن الخيارات المطروحة.
وشدّد بامتلاك قوى الحرية والتغيير خيارات سياسية أخرى بديلة في حال لم يتوصّل العسكر لتوافق يفضي إلى توقيع الاتّفاق السياسي. ونوّه الحلو بحسب صحيفة الحراك السياسي الصادرة، الأثنين، أنّ الخيارات المطروحة سلمية يتمّ تدارسها في إطار البدائل وقطع بأنّ القرار في اتّخاذ البدائل قرار مجموعة وليس حزبًا. وأوضح بأنّ العملية السياسية لن تتوقف في هذه المرحلة.

(2) عادوا للواجهة عبر إفطارات رمضان..
“الفلول” .. هل ترتوي عروقهم من ظمأ السلطة المفقودة!!
تشهد الساحة السياسية خلال شهر رمضان الكريم هذا، نشاطاً كثيفاً من قبل جميع ألوان الطيف السياسي والمجتمعي في السودان؛ والذي يتخذ قالباً اجتماعياً تجسده أنشطة الافطارات الرمضانية الراتبة لمختلف المجموعات. ولم تنشط لجان المقاومة وحدها في إقامة افطارات الشهداء، وكذلك لم تقتصر حركة الافطارات على رموز المؤسسة العسكرية أو الحركات المسلحة أو الواجهات المدنية أو النقابية أو المهنية؛ بل ما يثير دهشة السودانيين، هو إصرار منسوبي حزب المؤتمر الوطني المحلول إلى العلن عبر ذات الافطارات الرمضانية، ليتخذ منها مناسبة تاريخية لتدشين أنشطته التنظيمية على الأرض، ومن ثم العودة إلى واجهة الأحداث و منصات الصحف والإعلام. وبالطبع يأتي واقع الاندهاش عند غالبية السودانيين، من كون أن هذا التنظيم قد تم حله بالقانون بعدما قامت ضده ثورة شعبية كاملة مهرها أبناء وبنات شعب السودان بالدماء الغالية، وبالتالي ووفقا لهذا الرأي، يتساءل السودانيون عن ماهية المنطق الذي تستند عليه السلطات الحاكمة الآن في السماح لمنسوبي الحزب المحلول بالتجمع والتجمهر على مرأى ومسمع أهل الشهداء والضحايا، وهم يكيلون الشتائم للثورة والتغيير وكل قواها الحية، بل وهم يهددون بنسف المرحلة الانتقالية كلها في حال تم اقصائهم من المشهد السياسي السوداني. بالأمس أعلن القيادي بالحركة الاسلامية أنس عمر أن التيار الإسلامي أمام تحدي واحد وقضية مهمة واحدة وهي استرداد المشروع الإسلامي وعودته لقيادة البلاد بقوة وسطوة على حد قوله . وقال مخاطبا إفطار المنظومة الشبابية بالحركة الإسلامية أن البلاد مختطفة من الأجانب وأن من يحكمون الان فشلوا واذلوا الشعب السوداني وانهار الاقتصاد وانفرط الأمن ولم يتحقق سلام فيجب ان يغادروا المسرح السياسي فورا عبر ثورة شعبية عارمة يشارك فيها كل الشعب السوداني و يصطف لاسترداد المشروع الوطني وإنهاء حالة الفوضى التي تحدث الآن في السودان، وأضاف لن نسكت لن نسكت ابدا وفق تصريحاته . ومن جانب آخر، قال حسن رزق القيادي بالتيار الإسلامي أن الحركة الإسلامية باقية متمددة ومتفرعة ولا يستطيع احد أن يقتلعها وزاد أن كنا حكمنا 30 سنة نستطيع أن نحكم ثلاثمائة سنة وعبر الانتخابات التي تخيف الكثيرون وقال الحركة الإسلامية ستتمدد وستعود الإنقاذ بصورتها النقية البهية. تصريحات أنس ورزق ينظر إليها أنصار الثورة، بأنها تأتي في توقيت يكشف تماما مدى حقيقة الهوان والاستخفاف بالثورة ودماء الشهداء، بعد أن نجح العسكر في قطع الطريق أمام التحول المدني الديمقراطي بانقلاب ٢٥ أكتوبر. ولم يستبعد أنصار الثورة بأن يكون ظهور الفلول للعلن في هذا التوقيت، هو مرتبط بحجم المؤمرات التي يقودها قيادات الجيش لتعطيل أية محاولة لاستعادة المسار المدني الديمقراطي. وفي ولاية نهر النيل شمالي الخرطوم ، سخر مواطنو ابو حمد من دعوة المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية للإفطار والتي تمت الدعوة إليه عبر مكبرات الصوت بالمساجد . وقال عضو لجان مقاومة ابو حمد ، ياسر بيناوى بأن الدعوة تحمل رسائل توحي في ظاهرها بوعودة الكيزان للمشهد، وأكد في حديثه لـ(الجريدة) بأن المتابع للاحداث يرى أن الأمر برمته عبارة عن كرت ضغط حتى تقبل قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي بحلفاء العسكر ، بيد انه عاد مؤكدا أن “الكيزان” خارج الحسابات واعتبر عودتهم من المستحيل.

(3) بوادر نهوض آخر في الشرق..
خروج للضوء من تحت العباءة الداكنة للناظر تِرك !!
لم يعد الناظر ترك بذات الثقل والتأثير الذي كان يظهره المجلس الأعلى لنظارات البجا في التعاطي مع قضايا الانتقال السياسي عموما في البلاد، وبعد ضربته آفة الانقسامات والانشقاقات، ظهر مجلس البجا وهو غير قادر على تحقيق اجماع شعبي وجماهيري كبير في الشرق، إنفاذا لدعوة الناظر ترك بإغلاق الشرق رفضا للعملية السياسية التي تقودها قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي. ورصدت تقارير صحفية كثيرة ، حالة تزمر جماهيري كبير اوساط المواطنين في شرق السودان، رفضا للوصايا التي يبديها الناظر ترك للتحدث انابة عن تطلعات شعب الإقليم، خصوصا بعدما نفذوا غالبيتهم اغلاق الشرق في سبتمبر من العام ٢٠٢١ والذي ترتب عليه انقلاب ٢٥ أكتوبر، إلا أن قضية الشرق لم تحل ولم يقدم لهم العسكر شيئا، على الرغم من رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك وقبيل الانقلاب، كان قد وعد انسان الشرق بتخصيص مؤتمر دولي لمساعدة الإقليم فيما يتعلق بالمشاريع التنموية والاستثمار لصالح شعبه. وبالأمس، أبلغت قوى سياسية من شرق السودان ، الآلية الثلاثية شروعها في تأسيس تحالف داعم للعملية السياسية الجارية الآن، باعتبارها المخرج لأزمة السودان. وقال صالح عمار في تصريح صحفي عقب اجتماع مع ممثلي الآلية الثلاثية أن “قادة القوى السياسية والمدنية في شرق السودان، أكدوا دعمهم الاتفاق الإطاري، وتوصيات ورش الشرق والعدالة الانتقالية والإصلاح الأمن والعسكري، وشروعهم في تكوين جبهة واسعة في الإقليم لدعم التوافق المستند على هذه المرجعيات والتي تمثل المخرج للبلاد من أزمتها الحالية”. وأشار صالح إلى أنهم شددوا على تمسكهم بوحدة السودان ومقاومة مخططات التقسيم والتدخلات الإقليمية الضارة ونهب الموارد المستمر تحت غطاء الانقلاب العسكري. وأوضح بأن المتحدثون أكدوا على أن قضية الإصلاح الأمني والعسكري حيوية وذات صلة بجذور الأزمة في الشرق. ونوه بان القوى السياسية ستواصل لقاءاتها واتصالاتها بكافة الفاعلين وأهل المصلحة بالشرق بهدف تكوين الجبهة المدنية التي تضع مصالح إنسان الإقليم في مقدمة الأولويات وتعمل بجد على وضع حجر الأساس للدولة المدنية الديمقراطية والتي يجد كل السودانيين أنفسهم فيها.

Exit mobile version