الطاهر ساتي يكتب: إنحراف..!!
:: ومن الأخبار المزعجة، إلقاء القبض على مدير الصندوق القومي الإمدادات الطبية، على خلفية دواء غير مطابق للمواصفات، بحيث كان يجب إبادته بتاريخ 24 مايو 2022، ولكن تم ضبطه يباع في الأسواق بعد عشرة أشهر من تاريخ قرار الإبادة.. المزعج ليس فقط بيع الأدوية غير المطابقة للمواصفات، بل عجز الدولة عن إخراج الإمدادات من الأسواق..!!
:: فالإمدادات الطبية ليست مجرد شركة حكومية، بل هي من المرافق التي أسسها الإنجليز – في العام 1935 – لتكون مخزوناً استراتيجياً للأمصال والأدوية المنقذة للحياة.. وبعد جلاء الاستعمار تسودنت المخازن، وصارت وحدة تابعة لوزارة الصحة، ثم قسماً، ثم إدارة.. ثم إدارة عامة في العام (1990)، ثم هيئة تابعة لرئاسة لجمهورية..!!
:: وكان يجب أن تكون بمثابة مخزون استراتيجي لتوفير وتوطين الأمن الطبي.. ولكن تم تحويلها إلى (هيئة تجارية).. وكثيراً ما ناشد الخبراء الحكومة بالتخلص من الصناديق والهيئات وغيرها من (الزوائد الدودية)، لتعود الإمدادات – كما كانت – هيئة ذات مهام استراتيجية، منها توفير أدوية الطوارئ والأمصال واللقاحات، دون منافسة القطاع الخاص في سوق الدواء..!!
:: وبالمناسبة، نكرر المناشدة بتطبيق مجانية الطوارئ، ليس في المشافي العامة فقط، بل في الخاصة أيضاً، بواسطة التأمين الصحي، كما تفعل الدول من حولنا.. يقولﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﻤﺼﺮي: (ﺗﻠﺘﺰﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﺘﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻮﺍﻃﻦ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻥ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻳﻦ، ﻭﻳﺤﻈﺮ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﺑﺄﺷﻜﺎﻟﻪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻜﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﻄﻮﺍﺭﺉ)، ﻫﻜﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ..!!
:: ﺃﻣﺎ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ، ﻓﺎﻟﻤﺸﺎﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣُﻠﺰﻣﺔ ﺑﻌﻼﺝ ﺍﻟﺠﻤﻴع، أما ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﺑﺎﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﻄﺎﺭﺋﺔ دون السؤال عن المال.. ﻫﻜﺬﺍ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﻣﺼﺮ، ودول كثيرة، ﻳُﻠﺰﻡ ﺍﻟﻤﺸﺎﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ باﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﻄﺎﺭﺋﺔ – إصابات الحوادث وغيرها – مجاناً، وهذا ما يجب أن يكون في بلادنا بالقانون، إن كانت الحكومة حريصة على أرواح الناس..!!
:: والشاهد أن المشافي العامة غير مؤهلة لحالات الطوارئ، والأدوية المنقذة للحياة – وهي المستخدمة في أقسام الطوارئ – غير كافية أو معدومة .. يجب توفير الأدوية المُنقذة للحياة بأقسام الطوارئ العامة (مجاناً)، وهذا لن يحدث ما لم يرجع للإمدادات الطبية دورها الاستراتيجي، بدلاً عن الدور التجاري.. وقد انحرف حتى في التجارة، بدليل هذا الخبر المزعج..!!