هناك سلوكيات وممارسات كثيرة معيبة في حياتنا، ولكننا لا نتكلم عنها بنفس الحماس الذي نتكلم به عن خصالنا وسلوكياتنا الطيبة حقيقية كانت ام مفترضة، ولا أعني فقط قيامنا بإلقاء النفايات يمنة ويسرة في الشوارع والساحات، ولا عدم احترامنا للمواعيد، ولا جعل سرادقات العزاء أندية اجتماعية للأنس والاستطعام، ولا تشجيع الاتكالية لأننا نفرط في التكافل فلا تكاد عائلة تخلو شخص أو أكثر لا يؤدون أي عمل حتى داخل البيت
هناك ممارسات وسلوكيات تبدو بسيطة وعادية جدا ولكنها مؤشر الى استخفافنا بالوقت، فهناك من يعتبر ممارسة لعبة الكنكان يوميا سنة مؤكدة، وفي يوم الجمعة فرض عين، ولا بأس في الترويح عن النفس من حين الى آخر، ولكن استهلاك الكثير من ساعات العمر في الترويح بلعب الورق إهدار للعمر (مارست الكنكان كثيرا بل وفنان في سرقة الجوكر إذا توليت توزيع الورق، كما كنت أجيد الويست والهارت وشلعت والبصرة وكش الولد وحكم الشايب، ولكنني لم أمسك بورق لعب (كشتينة) منذ 35 سنة يعني اعتزلت اللعب وعمري 4 سنوات)، ثم صار الليدو وبائيا، وهذه ألعاب لا تحفز العقل كما الشطرنج مثلا لأن الفوز فيها يرتهن بنسبة 50% على حظ اللاعب في الحصول على الورق / الرقم الصحيح
وبعد الطواف في أكثر من عشرين دولة انتبهت الى أن شعوب الدول “التعبانة” فقط هي من يمارسون قزقزة حب البطيخ (التسالي) والسودان من اكبر منتجي اللب/ التسالي، وذلك بزراعة نوع من البطيخ يمتاز بكثرة البذور، ومصر تستورد منه سنويا بملايين الدولارات، وأن يظل انسان جالسا او واقفا يضع حبة في حجم البعوضة في فمه المرة تلو الأخرى ليحصل على مادة وزنها عُشر الجرام ناثرا قشورها هنا وهناك فهذه (شنو؟)، خذ في الاعتبار أنها لا تسمن ولا تغني من جوع (بذور القرع غير المحمصة تقضي على ديدان الأمعاء) ولا ضير في القزقزة بين حين وآخر، ولكن مزاولتها بانتظام في حلقات أنس وأماكن عامة لا يكون إلا عند ناس “همها فاضي” ولا تعرف ماذا تفعل بالوقت (عندنا في الشمالية نبتة من عائلة البطيخ تنتج بذورا اسمها جُرُم لا تصلح إلا للقزقزة، ولكن المشكلة ان ثمرتها وبذورها تشبه تماما ثمرة الحنظل)
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي، أي أنه كان يدعو أصحابه أن يصارحوه إذا رأوا في سلوكه ما يعيب، لا أن يتستروا عليها وينافقوه، ونحن بحاجة الى التحدث عن عيوبنا كبيرها وصغيرها بصراحة كي نتفاداها ونتخطاها وليس في هذا جلد للذات بل سعي لتقويم بعض مظاهر الاعوجاج في مجتمعنا