محمد احمد الكباشي يكتب: (أربعة عجاف) و(تسعة طويلة)..

في العام السابق كتبت هذا المقال بمناسبة مرور ثلاثة اعوام على الثورة، ولأن الوضع تأخر اكثر مما تقدم بل صار أسوأ مما كان عليه في العام السابق، فبالتالي يصلح ذات العنوان مع اضافة عام جديد من التردي والانهيار ليصبح (أربع عجاف وتسعة طويلة)، اربع سنوات عجاف ومازال الوضع يزداد سوءاً في كل مناحي الحياة، فتاهت البوصلة وتأرجحت السفينة بمن فيها وبات الكل يتهدده الغرق، والوطن الجريح يئن من بشاعة صناع السوء وما فعلته الأيادي الآثمة والتخريب الممنهج الذي طال كل شيء في حياتنا، ونضحك من الشعار الكذوب فلا بنيان يسر ولا ايادي تعمر.
نعم لم نجن طوال السنوات التي أعقبت حكم الانقاذ غير الدمار وغلاء المعيشة وفوضى الأسواق وغياب الخدمة المدنية والفوضى ضربت عليها وجعلتها كسيحة بلا معايير وبلا ضابط ولا رابط.

اربع سنوات والخرطوم ما عادت هي الخرطوم في ادنى مظهرها الجمالي والبيئي والامني، والكارثة هنا تتجسد في السيولة الامنية التي تعيشها الخرطوم في مدنها الثلاث، حيث تمددت ظاهرة التفلت الامني، وقد اخذ يزحف الى كل الاحياء بلا استثناء، ومن لم تتعرض له مجموعة ما تعرف بـ (9 طويلة) فمن المؤكد انها نالت من احد افراد اسرته او معارفه او اصدقائه.. وهي جرائم تتم عبر مجموعات مسلحة بسواطير واخرى تحمل الكلاشات والمسدسات وتستخدم سيارات بعضها بلا لوحات، أما المواتر فقد اصبحت وسيلة مشجعة على النهب والخطف، وسقط نتيجة ذلك التعدي ضحايا كثر بين ميت وجريح وفاقد للوعي بسبب اصابة في الرأس، وعندما لم تجد العصابات وهؤلاء المجرمون من يردعهم لجأ كثير من المواطنين للبحث عن سبل تكفل لهم حق الدفاع عن انفسهم واموالهم، وهذا تطور خطير في ظل التراخي من الاجهزة الرسمية للقيام بدورها، وكما نعلم فإن الامن مسؤولية الجميع، فهنا تتحمل المسؤولية الجهات السياسية والنشطاء الذين يتبنون تسيير مظاهرات مبرمجة بحجة المطالبة بحكومة مدنية، ولكن باطن هذه المسيرات لا يعدو ان يكون محاولات لصب مزيد من الزيت على النار امعاناً في التخريب والتدمير وتشويه الطرقات وتعطيل مصالح المواطنين، واسوأ من ذلك فقدان ارواح وسط المتظاهرين وآخرين من الاجهزة الامنية، مع عدم معرفة القاتل حتى الآن، وسط تبادل الاتهامات بين اطراف الصراع، والا فما هي المحصلة على ارض الواقع غير الذي نشاهده؟

خرجت (أربعة طويلة) مرغمة بباب (25) اكتوبر بعد ان فشلت في إدارة شؤون الدولة، ولكن خروجها لم يكن آمناً وهي تحاول بكل ما أوتيت من قوة خارجية وداخلية، مع تبدل مواقفها وانكفائها على شعارات ظلت تتشدق بها للعودة للسلطة بعد داست عليها والقت بها في سلة المهملات.

ومن المؤسف ان محصلة السنوات الأربع وضعت الوطن في مفترق طرق أو بالأحرى على حافة الهاوية، وما ذاك إلا نتيجة الغباء السياسي لأولئك النشطاء وهرولتهم نحو الاجنبى حد الإملاء، بتنفيذ أجندة خبيثة من بينها المساس بقواتنا المسلحة وتفكيكها بدعوى الإصلاح الكذوب، لكن كل هذه المحاولات البائسة كان لا بد ان تصطدم بجدار أصحاب الوجعة ابناء الوطن الاوفياء والقابضين على جمر القضية. ونقول ان أربع سنوات كفيلة بأن ترمي (قحت) في مزبلة التاريخ.

Exit mobile version