عبدالناصر الحاج يكتب: وكأن “الشرق” خيطاً مُعلقاً في عُمامته..
(1) من يُحرر الإقليم الكبير من حاكمية الناظر ترك الأحادية؟
يجمع غالبية أهل السودان بأن ناظر الهدندوة محمد الأمين ترك، وعبر المجلس الأعلى لنظارات البجا، كان هو سبباً رئيسياً من أسباب وقوع انقلاب ٢٥أكتوبر، ولأنه وأنصاره هم من لعبوا دور تطويق الخناق على رقبة حكومة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، عندما قاموا بإغلاق الشرق في سبتمبر ٢٠٢١ محرضين العسكر باستلام السلطة كاملة وحل حكومة حمدوك وإلغاء مسار الشرق في سلام جوبا. وكان واضحاً ومنذ بداية التغيير في أبريل ٢٠١٩ ، بأن الناظر ترك يكن عداء واضحاً ضد الثورة وحاضنتها السياسية من قوى الثورة الممثلة آنذاك في الحرية والتغيير. ثم وجد الناظر ترك السانحة مواتية لتشكيل جبهة ضغط من الإقليم الشرقي، بعد نجاح مفاوضات السلام في جوبا في ٢٠٢٠؛ والتي فتحت في الاتفاقية مساراً للشرق وضمنت بنوده ضمن اتفاق سلام جوبا المعترف به دوليا واقليميا. برز الناظر ترك رافضاً مسار الشرق في اتفاق جوبا، ورافضاً لأية نداءات تدعو إلى عقد مؤتمر لمكونات الشرق تكون توصياته بمثابة تعزيز لمسار الشرق في الاتفاق. مراقبون ونشطاء وصفوا وقتها، بأن الناظر ترك ترتبط مصالحه مع المنظومة البائدة ولذلك هو يقف بشدة ضد إحداث أية متغيرات تعيد تشكيل الخارطة المجتمعية والسياسية القديمة لشرق السودان. وأن الناظر ترك استفاد من حالة التساهل والدلال التي ظهر بها المكون العسكري حيال تعامله مع أعمال التصعيد التي يقوم بها الناظر ترك وأنصاره، وفي وقت لم تتوانى قوات ذات المؤسسة العسكرية من إنزال كل أنواع القمع والبطش لأية حراك ثوري سلمي داخل الخرطوم وبقية المدن رافض لتوجهات المؤسسة العسكرية. اشترك الناظر ترك وأنصاره في كل الأعمال التصعيدية الهادفة لإسقاط حكومة حمدوك والداعية لتفويض المؤسسة العسكرية لاستلام السلطة . وكان آخرها قيام الناظر ترك وأنصاره بإغلاق الشرق في سبتمبر ٢٠٢١ ، ثم تأييدهم المطلق لاعتصام القصر المعروف باعتصام “الموز”؛ والذي منح الغطاء السياسي لانقلاب ٢٥ أكتوبر. وبالطبع ساهم انقلاب ٢٥ أكتوبر في إفشال الدولة السودانية على كافة المستويات على نحو لم يكن مسبوقاً من قبل، وهو ذات الانقلاب الذي أعاد السودان لخانة العزلة الدولية، وعجز قادته من تشكيل حكومة تنفيذية بعد أن اغرقوا البلاد في بحور من دماء السودانيين، بلغ فقط قتلى التظاهرات نحو ١٢٥ شهيدا. وها هو الناظر ترك لم يجد له مقعدا في معاداة قوى الثورة غير مقعده في مجموعة الكتلة الديمقراطية التي ترفض العملية السياسية وتهدد باسقاطها. حيث قرر المجلس الأعلى لنظارات البجا ــ جناح ناظر قبيلة الهدندوة محمد الأمين ترك، إغلاق شرق السودان بالتزامن مع توقيع الاتفاق الإطاري السبت المقبل، وعقد مجلس البجا، الثلاثاء، اجتماعا، في بور تسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر، شرقي السودان. وقال في بيان، اطلعت عليه ” الجريدة”، إنه قرر إبلاغ وكلاء الترحيل والسفريات والمؤسسات بأنه سيغلق كافة مداخل ومخارج إقليم شرق السودان، ليوم واحد، في الأول من أبريل. وشدد على أن العملية السياسية الجارية لا يمكن أن تمضي دون حل قضايا شرق السودان، داعيا الجيش والدعم السريع والشرطة وجهاز المخابرات العامة للوقوف على مسافة واحدة من الجميع. الجدير بالذكر أن الاتفاق الاطاري نص على تسليم السُّلطة إلى المدنيين بعد إجراء نقاشات واسعة حول 5 قضايا. وتتمثل هذه القضايا في حل أزمة الشرق وتقييم اتفاق السلام والعدالة الانتقالية وتفكيك بنية النظام السابق وإصلاح القطاع الأمني والعسكري، حيث عقدت ورش لأربع من القضايا. و أوصت ورشة، نُظمت في سياق العملية السياسية، بتنفيذ مسار الشرق وتنظيم مؤتمر سياسي شامل لحل خلافات أطراف شرق السودان برعاية الحكومة المدنية المرتقبة ، لكن مجموعة ترك التي التحقت بالكتلة الديمقراطية رفضت الالتحاق بهذا الاتفاق، وهو ذات الأمر الذي يجعل الآن مجالس المدن في السودان تتساءل عن من يقنع الناظر ترك بأن شرق السودان ليس مملوكاً له وأنصاره دون بقية مكونات الشرق، ومن يقنع المؤسسة العسكرية بأن أهل السودان يستهجنون عدم قدرة الدولة على تحرير إقليم الشرق من حاكمية اوحادية للناظر ترك !!.
(2) بين منصب “المالية” ورئاسة الكتلة الرافضة..
جبريل يُمسك “البيضة” وينتظر سقوط “الحجر”!!
منذ أن غيّر رئيس حركة العدل والمساواة، وزير مالية السودان، رأيه من حضور الإعلان السياسي للحرية والتغيير في أغسطس ٢٠٢١ بحضور رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، ثم اختياره طوعا بأن يكون ضمن مجموعة الميثاق الوطني، رغم إدراكه بأن هذه المجموعة كانت وقتها تمثل أكبر منشطاً جاذباً لكل أنصار المنظومة البائدة وواجهاتها المتعددة للنيل من حكومة الثورة ورئيس وزرائها وتقسيم حاضنتها السياسية. بات واضحا للمراقبين والنشطاء بأن دكتور جبريل لم يعد قادرا على الموازنة السياسية بين وجوده في الجهاز التنفيذي للحكومة وبين دوره السياسي ضمن كتلة تسعى لإفراغ الحكومة من أية عناصر تنتمي حقا لقوى الثورة السودانية. ومنذ أن أصبح جبريل وحركته ضمن مجموعة الكتلة الديمقراطية التي ترفض الاتفاق الاطاري ، بدأ جبريل بالظهور على نحو متناقض وضعيف الموقف، فمن ناحية هو لا يريد الاتفاق أن يمضي للأمام، ولا يريد الالتحاق به ليضمن استحقاقات حركته في المشاركة التنفيذية، ومن ناحية اخرى، وهو وزير المالية ، يهدد باسقاط اتفاق يقف المجتمع الدولي والاقليمي داعما له لإخراج السودان من ورطة العزلة والعقوبات التي ترتبت على تعليق المساعدات الدولية بسبب الانقلاب، ومما يجعل حكومته تبحث عن جيوب المواطنين لتسيير أعمالها ولا تقوى على دفع مرتبات العاملين في الدولة. بالأمس أعلن رئيس ائتلاف الكتلة الديمقراطية جبريل إبراهيم ، تمسكهم بعدم المُشاركة في الحكومة الانتقالية المرتقب تشكيلها قبل الوصول لوفاق بين المكونات السياسية، وكشف عن تحذيرهم لقائد الجيش من مغبة تكوين حكومة دون توافق. وقال جبريل إبراهيم الذي يتزعم حركة العدل والمساواة في تنوير صحفي “لن نكون بأي حال جزءاً من حكومة يكونها المجلس المركزي بعيداً عن مشاركة جميع القوى السياسية”. وأكد على أنهم لن يوقعوا على الاتفاق الإطاري بعيداً عن مكونات الكتلة الديمقراطية مشترطاً التفاوض على الاتفاق النهائي مع الحرية والتغيير وفق قوى متكافئة ومن ثم مناقشة بقية البنود. وكشف عن لقاء جمعهم برئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ابلغوه فيه بخطورة المضي في تشكيل حكومة وفق الرؤية السياسية المطروحة في الاتفاق الإطاري. وتابع “حذرنا البرهان بوضوح أن الشارع سينفجر والأمور ستمضي إلى ما لا يحمد عقباه إذا مضى الاتفاق الإطاري دون توافق بقية القوى السياسية ومكونات الكتلة الديمقراطية، ولذلك قلنا بان كافة الخيارات أمامنا مفتوحة ولا نريد أن نصل لذلك”. وذكر رئيس حركة العدل والمساواة أن استمرار أي حكومة يتطلب مشاركة أوسع من القوى الفاعلة، وقال ” قدمنا تنازلات كبيرة من أجل مستقبل السودان وتحقيق آمنه وان كل ما هو مطلوب هو التوافق الوطني وتحقيق الاستقرار”. وأشار إلى عدم وجود اتفاق واضح على المجموعة التي ستكون الحكومة، وأعلن رفضهم القاطع محاولة الحرية والتغيير التقرير في مصير عموم الشعب السوداني. وتابع “الجميع شارك بالتساوي في قيام الثورة وبذل التضحيات من أجل التغيير، حتى الحديث عن تكوين حكومة موازية غير وارد في الوقت الحالي”. أحد ظرفاء المدينة وصف حالة الدكتور جبريل بانه مثل الذي يمسك البيضة في يده وينتظر سقوط الحجر المقذوف عليها !!
(3) الخواجة فولكر..
“خربشات” دامية على ظهر الفلول وأعداء التحول المدني!!
رغم اختلاف كثير من مكونات قوى الثورة حول أداء رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان، فولكر بيتريس، فيما يتصل بقضايا الانتقال عموما، إلا أن الرجل – من وجهة نظر أخرى- كان أكثر الجهات الفاعلة التي اجتهدت في قطع الطريق أمام عودة فلول النظام البائد للحكم، سواء عن طريق تحريض العسكر للاستيلاء للحكم، أو سواء العمل عبر واجهات سياسية ومجتمعية تسعى لأن تكون هي الحاضنة الفعلية للانقلاب بديلا لقوى الثورة. اتضح ذلك جيدا منذ أن تحرك فولكر في إعادة حمدوك لمنصبه، وعندما عاد بالفعل ووجد معارضة ضارية من قوى الثورة، اتجه فولكر لدفع قوى الثورة نحو الحل السياسي لإنتاج اتفاق دستوري جديد، وفي الاثناء لم يهتم فولكر بكل المبادرات التي طرحتها مكونات سياسية لم تكن جزء من قوى الثورة، رغم ميول العسكر نحوها، إلا أن مجهودات فولكر واحطاته لمجلس الأمن الدولي، هي التي ساهمت لدرجة كبيرة في جعل الاتفاق الاطاري بين العسكر والقوى المدنية بقيادة الحرية والتغيير، واقعا الآن يمضي لوضع لمساته الأخيرة لعملية اتفاق سياسي ينهي الأزمة السودانية ويعيد الدولة إلى مسار الانتقال الديمقراطي. وقال بيرتس في مقابلة أجرتها معه قناة “الحدث، أن القوى المدنية وضعت معايير موضوعية لاختيار رئيس الوزراء الانتقالي المقبل، ونفى بصورة قاطعة سعي الآلية الثلاثية للتدخل في اختيار رئيس الوزراء. وحول العملية السياسية وموقف الكتلة الديمقراطية من الاتفاق الإطاري، قال رئيس بعثة “يونيتامس” إن “العملية السياسية لن تكون واقعية أضفنا 50 أو 100 حزبًا، وهي عملية تتطلب المرونة في كل الجوانب وليست مسألة كتلة تقبل بأخرى، ولكننا كنا نقول دوماً للعسكريين والمدنيين إن كل كتلة يجب أن تحدد من يمثلها لأننا نعرف داخل الكتل هناك فوارق في المضمون” وأردف “لن تكون هناك شمولية ولكن الكُتلة الحرجة من العسكريين والمدنيين إذا توافقوا فإن الاتفاق سيصمد لأن السودان بغيره لا يطاق ورأينا لمدة عام ونصف لا يوجد إي اتفاق سياسي”.