تمديد العقوبات على السودان … الجزرة والعصا
الخرطوم _ نبيل صالح
على نحو غير مفاجئ مدّد مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، العقوبات الدولية المفروضة على السودان عاماً واحداً، بيد ان السودان بفضل جهوده الدبلوماسية مؤخرا تمكن من احراز نقطة مهمة من التمديد الدائم للعقوبة لتمديد مؤقت، فيما أثار تصويت الامارات لصالح التمديد لغطاً واسعاً في الشارع السياسي والشعبي، ووجه ناشطون بوسائل التواصل انتقادات لاذعة للموقف الاماراتي ووصفوا بالمخيب للآمال، بينما اعتبرت الخارجية تحديد فترة العقوبة أمر جيد.
وجاء قرار المجلس الذي صوت عليه (13) عضوا مع امتناع روسيا والصين عن التصويت ومدد التفويض الممنوح للجنة الخبراء المكلّفة بالإشراف على العقوبات وتطبيقها وعلى حظر الأسلحة، حتى الثاني عشر من مارس 2024.
بفضل التحركات الدبلوماسية المكثفة التي قامت بها وزارة الخارجية وبعثتها الدائمة في نيويورك طوال الشهرين الماضيين من أجل رفع العقوبات الأممية المفروضة عملاً بقرار مجلس الأمن ١٥٩١ الصادر في العام ٢٠٠٥ ، وبسبب الدعم القوي الذي وجده موقف السودان حيال العقوبات من قِبل مجموعة البلدان العربية( ٢٢ دولة)، والمجموعه الأفريقية (٥٤ دولة) ومجموعة دول منظمة التعاون الإسلامي (٥٧)، وتعاطف مجموعة حركةًعدم الانحياز ،
واعتبرت الخارجية السودانية قرار التمديد لأجل محدد أمر جيد وقالت في بيان بأنه فضلاً عن دعم الدول الإفريقية الأعضاء بمجلس الأمن الغابون ، غانا ، موزمبيق ، إضافة الي العضو العربي الامارات وأصدقاء السودان بمجلس الأمن ، تبنّى مجلس الأمن ظهر الأربعاء ٨ مارس الجاري القرار رقم (٢٦٧٢) الذي وضع قيداً زمنياً لرفع هذه العقوبات مدته ثمانية عشر شهراً، لأول مرة منذ فرض هذه العقوبات قبل ١٨ عاماً.
وقال البيان بأنه خلال جلسة اعتماد القرار ، أشار ممثلو الغابون، غانا، موزمبيق، الإمارات، روسيا، الصين، والبرازيل الى أن عقوبات مجلس الأمن التي فرضت بسبب النزاع المسلح في دارفور لم تعد تلائم واقع الحال في دارفور اليوم ، ونوّهت هذه الدول بالجهود التي تبذلها حكومة السودان من أجل تحسين الأوضاع في دارفور، وبالأخص التوصل إلى إتفاقية جوبا للسلام ووقف إطلاق النار بالإقليم وتطبيق الخطة الوطنية لحماية المدنيين وإجراء السلم والمصالحات الأهلية، مما يستدعي رفع هذه العقوبات غير العادلة والتى أصبحت معوقاً لإقامة السلم وحفظ الأمن فى دارفور،
وإعتبرت الدول الإفريقية الأعضاء بالمجلس والأمارات والبرازيل أن ما تحقق يعتبر إنجازاً كبيراً للسودان ويمكن بموجبه العمل على إنهاء العقوبات بعد إدخال فقرة المهلة الزمنية للقرار، وعلى الصعيد نفسه
، وأكدت كل من روسيا والصين على تحقيق السودان لتقدم إيجابى كبير فى دارفور بالتوقيع على اتفاقية سلام جوبا والإتفاق السياسى الإطارى وأن العقوبات لم تعد الوسيلة المجدية لتحقيق الأمن والسلم بل معيقة لفرض الإستقرار والأمن فى دارفور للحظر الذى تفرضه ، عوضاً عن أنها أصبحت وسيلة لخدمة المصالح القُطرية لبعض الدول مما يتنافى مع ميثاق الأمم المتحده .
ودعت الخرطوم مراراً المجلس إلى إلغاء هذه العقوبات ورفع حظر على الأسلحة فرض إبان الحرب التي اندلعت في إقليم درافور في 2005.
وقال نائب السفير الصيني لدى الأمم المتحدة غينغ شوانغ، إنّ العقوبات “عفا عليها الزمن ويجب أن تُرفع لأنّ الأمور تشهد تحسّناً على الأرض” وكان ، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تعهد دعم موقف السودان في رفع العقوبة الأممية .
ويقول الكاتب الصحفي محمد سعيد حلفاوي أن العقوبات التي مددها مجلس الأمن لعام واحد هي غير مرتبطة بمصالح المواطنين لأنها عقوبات على الأفراد وحظر بيع الأسلحة وتابع ” تأثيرها ضعيف لأسباب تتعلق بقدرة القادة السودانيين على التحايل بالتحول الى دول أخرى لعقد صفقات الأسلحة أما بالنسبة للقيود على سفر الأفراد والأصول غير مؤثرة على المعنيين بالعقوبات نفسها نتيجة التحايل عليها وتعدد الخيارات (مصالح خاصة )
ويمضي محمد بقوله ل(النورس نيوز) ” المحير في أن السلطة القائمة علقت آمالها على رفع العقوبات في وقت استولت فيه على السلطة بقوة السلاح وانقلاب عسكري، وعجزها في حماية المدنيين في مناطق النزاعات (النيل الأزرق -الجنينة -بليل نيالا )نموذجا فكيف يستقيم أن يتحمل دافع الضرائب السوداني تكلفة الوفد السوداني الذي طاف الدنيا والعالمين لتجنيس بعض الدول لمساندة الغاء العقوبات
ويستطرد “الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تمسكت بمشروع التمديد وقادت حملة داخل مجلس الأمن لتمديد العقوبات وهي دول مؤثرة في العملية السياسية السودانية وارادت بذلك حمل السلطة الانقلابية على تشكيل حكومة مدنية ذات مصداقية واسعة ومن ثم العمل على رفع العقوبات لاحقا
وتساءل محمد بقوله “من الذي أقنع علي الصادق وزير الخارجية بأن مجلس الأمن يمكن أن يفكر ولو لحظات في الغاء العقوبات في هذا الوقت ؟.. مشيرا الى ان السلطة القائمة عاجزة عن تنفيذ الترتيبات الامنية وبالتالي لا يمكن السماح لها باسقاط عقوبة حظر السلاح.
ومن جانبه يتساءل المحلل السياسي د. نصر الدين عثمان عن اسباب الهجوم الاسفيري الموجه ضد الامارات العربية في الوقت الذي اولت ابوظبي اهتماما كبيرا لملف العقوبات وساعدت السودان في تفادي التمديد الدائم وقال عثمان ل(النورس نيوز) أن الدول التي صوتت لصالح تمديد العقوبة تعتبر هذا الملف احد الكروت التي تستخدمها ضد الانقلاب والضغط على العسكريين ومواليهم من المدنيين لانهاء الحالة السياسية الراهنة لصالح انتقال السلطة للمدنيين حسب الاتفاق الاطاري، وتابع ” اذا استمرت الحالة الانقلابية ستمارس هذه الدول مزيد من الضغوط ولن تكتفي فقط بتمديد القرار، مؤكداً أن المجتمع الدولي حريص على استقرار السودان ولن يتحقق هذا الاستقرار اذا لم ينته المشهد الانقلابي.