اعترافات شباب مدمن عائد من عالم المخدرات..(1).. تحذير للشباب .. مخدر (البيسة) أخطر من الآيس
الخرطوم : النورس نيوز
طالب جامعي تحول لحطام إنسان وآخر تحرش بفتاة من محارمه بسبب المخدرات
مخدر (الطحنية) ينتشر بمدن الشرق ويباع بالجرام بميزان الذهب
ماذا تعرف عن (التسقيطة) التي تجعل مدمن المخدرات يلهث بلسانه كالكلب؟!
**عالم المخدرات حافل بالمحن والمآسي أكثرها خطورة الإدمان ..إدمان المخدرات بأنواعها المختلفة يبدأ بجرعة صغيرة مجاملة لبعض الأصدقاء او (الشلة) فتسلل المواد المخدرة السامة للدم محفزة له بالمزيد من الجرعات حتى يتحول المتعاطي إلى مدمن تأسره المخدرات وتطوق حياته بحبالها وتلغي شخصيته وتهدد صحته وتذهب بعقله وتزيل نضارة شبابه وتطفئ بريقها ليتحول بعدها إلى حطام إنسان .. ولكن إدمان المخدرات ليس نهاية المطاف فيمكن للمدمن التحرر من قبضتها وأسرها فقط لو تسلح بالعزيمة والإصرار واتجه نحو الأسلوب العلمي الأمثل للمعالجة من الإدمان والانسحاب بخطوات علمية من عالم المخدرات .. وذلك بالاستعانة بالمراكز العلاجية والمستشفيات المتخصصة في ذلك .. وكثير من مدمني المخدرات بأنواعها المختلفة نجحوا في التخلص منها وغادروا عالم المخدرات والإدمان إلى غير رجعة لينخرطوا في المجتمع مرة اخرى ويمارسوا حياتهم الطبيعية وبعضهم عاد للدراسة بعد أن تركها بسبب سطوة المخدرات.. (الحراك) من خلال هذا التحقيق الاستقصائي تورد نماذج لمدمنين عادوا من عالم المخدرات وتخلصوا منها إلى غير رجعة .. وهم من خلال تجاربهم في التعاطي والانغماس في الدخان الأزرق يرسلون رسائل في منتهى الأهمية لغيرهم من الشباب من مدمني المخدرات بأن العودة من عالم السموم ليست من المستحيلات كما يتوهمون فقط يحتاج للعزيمة والإصرار وقوة الشخصية والمعالجة العلمية بمراكز معالجة الإدمان .. ونشير أن لدينا نماذج كثيرة خلاف النماذج التي ننشرها من خلال هذا التحقيق لشباب كانوا مدمنين للمخدرات لكنهم بفضل إرادتهم وقوة عزيمتهم ومجهودات الأطباء والمعالجين بمراكز علاج الإدمان أقلعوا عنها وعادوا لحياتهم الطبيعية **
مدمن البيسة
شاب في مقتبل العمر.. هادئ الطباع.. ممتاز في دراسته أحرز نسبة عالية أهلته للالتحاق بجامعة مرموقة ولكن المخدرات جعلته يترك الدراسة بعد أن استولت على عقله تماما وكادت تفتك به.. سجل اعترافاته لـ(الحراك) بصراحة متناهية، مشيرا إلى أنه يهدف لتبصير وتوعية بقية الشباب لعدم الانغماس في عالم المخدرات الذي أحاله لحطام إنسان يعيش على هامش الحياة والمجتمع كل همه البحث عن الجرعة التي تقوده لعالم الوهم والخيال.. فلندعه يحكي على لسانه كيف ولماذا دخل لعالم المخدرات أول مرة والتغيير الذي طرأ على حياته حتى كاد يفقد مستقبله بل حياته.. يقول المدمن العائد من عالم المخدرات والوهم إلى العالم الواقعي:
“وقتها كنت قد التحقت بإحدى الجامعات المعروفة..أول دخولي لعالم المخدرات كان بواسطة بعض أصدقائي المتعاطين، فقام أحدهم بتقديم سيجارة (بنقو) لي بأسلوب (بعزوك)، وهو مصطلح معروف متداول وسط (السطلنجية) ـ حسب تعبيره ـ أي إكراما واعتزازا بي، فأخذت منها نفسا واحدا لكنه كان بداية دخولي لعالم المخدرات وما تعرضت له من ويلات ومصائب.. بعدها أخذت أتعاطى البنقو وأبحث عنه لأشتريه بعد أن سلب تفكيري وإرادتي وأصبح شغلي الشاغل منذ الصباح العثور على جرعة بأي ثمن وتعاطيها حتى أقتل (الخرمة) التي تدور في رأسي وتكاد تعصف بي.. هكذا دخلت عالم المخدرات الخطر!!.
بعدها قدم لي أحد الأصدقاء مخدر (البيسة) وكنت لا أعرف عنه شيئا، ولاحظت أن حديث المجتمع والدولة والاعلام بنصب حاليا على مخدر (الآيس) ولكن مخدر (البيسة) أخطر بكثير من (الآيس) وأشد فتكا بعقول الشباب.. فهو خليط من مادتين مخدرتين خطرتين بل إنهما غاية في الخطورة، هما (الكوكايين) و(الهيرويين)، بجانب بعض المواد السامة الأخرى والتي لم يتم التعرف على طبيعتها حتى الآن.. ويطلق عليه متعاطيه من الشباب (الطحنية)، وهو عبارة عن عجينة شبيهة بعجينة الدكوة في ملمسها.. يتعاطاها الشباب المدمن عليه بعدة طرق مختلفة، إما عبر الشم بالأنف كالهيرويين او الحقن حيث يتم حله بتعريضه للنار فيسيح ويتحول إلى دخان يتم استنشاقه.. ويتم تعاطيه ايضا بالحقنة عبر الوريد بعد حله بالماء، فتركت البنقو وأصبحت أتعاطى (البيسة) حتى صرت مدمنا لها”.
مخدر (البيسة) الذي تعرض له الشاب العائد من عالم المخدرات
والوهم يعد من أخطر أنواع المخدرات وأحدثها ظهورا في السودان غير معروف ومنتشر بالعاصمة ومعظم ولايات البلاد الأخرى، لكنني علمت أنه ينتشر بكثرة مبالغ فيها ببعض مدن الشرق:(بورتسودان ـ سواكن ـ كسلا ـ عطبرة).. وظهر أولا في مدينة بورتسودان أدخله عام 2019م شخص يمني الجنسية قادم من اليمن ضبط وبحوزته كمية كبيرة من المخدرات (البيسة) و(الآيس) كان في طريقه لترويجها لتدمير عقول شباب الشرق، لكن رجال المكافحة نجحوا باحترافية عالية يشكرون عليها في القبض عليه وحماية عقول شبابنا من خطرها المدمر.
أغلى من الذهب
وحسب المعلومات التي توفرت للصحيفة أن مخدر (البيسة) أغلى من الذهب يباع للشباب ببعض مدن الشرق بالجرام وبميزان الذهب، بواقع الجرام الواحد (5) آلاف جنيه بمدينة كسلا، وفي بورتسودان وعطبرة يصل سعر الجرام الواحد منه إلى (30 ـ 35) ألف جنيه.. وللأسف هذا المخدر الخطير انتشر انتشارا كبيرا بمدن الشرق.. والجرام الواحد يمكن لبعض المدمنين تعاطيه في (قعدة) واحدة فقط، والبعض قد يتعاطاه خلال أسبوع.. وهو مهدئ ومن المخدرات سريعة المفعول والإدمان، ويحدث الإدمان له من أول جرعة فهو أخطر من (الآيس)، لكن مخدر (البيسة) خطير ومدمر يعصف سريعا بعقول وصحة وحياة من يتعاطاه وهناك صعوبة بالغة في الفكاك من أسره، فهو يسيطر تماما على عقلك وحياتك.. والجرعة الكبيرة منه، يطلق عليها مدمني مخدر البيسة (التسقيطة)، وتتسبب في فقدان الوعي، ويخرج لسان المتعاطي خارج فمه، ويلهث تماما كما يفعل الكلب، حيث أن درجة حرارة الجسم ترتفع سريعا ويحس متعاطي (التسقيطة) بالحر والعطش، ويصبح قليل الحركة هذا إذا لم يفقد وعيه بالكامل.. و(التسقيطة) يمكن أن تسبب للمتعاطي التشنج وبلع اللسان ثم الوفاة.. وهناك عدد من الشباب ببعض الولايات توفوا به منهم سائق ركشة تناول جرعة كبيرة منه تسببت في إصابته بالفشل الكلوي وتوفي بعد أيام قليلة من التعاطي!!.. هذا المخدر الخطر تستعمله بعض الفتيات ايضا لدرجة الإدمان..وفي حالة عدم حصول مدمن مخدر (البيسة) على الجرعة يسبب ذلك سيلان في الأنف حيث تفرز مواد مخاطية وكأنها ماسورة، بجانب التبول اللا إرادي في الملابس، والغثيان، والقيء، وألم حاد لا يطاق في الظهر، وآلام حادة بكل أعضاء الجسم.
ومن النماذج التي وقفت عليها حالة شاب مدمن لـ(الآيس) وحبوب (التيمارادول)، والتي حولته لشخص مختلف وألغت عقله تماما لدرجة أنه حاول التحرش الجنسي بفتاة من محارمه، وعندما عاد لعقله وتبين له فداحة ما قام به والذي كان سببا في إقلاعه تماما من المخدرات وعاد سليما معافى بعد أن انتظم في العلاج من الإدمان بأحد المراكز المتخصصة، بل إنه أصبح ناصحا لبقية الشباب المتعاطين وتنبيههم لخطورتها وويلاتها.
الانسحاب والخرمة
مدمن آخر لمخدر (البيسة) و(الآيس) أقلع عنه مؤخرا قال لي:”ظللت مدمنا على مخدر (البيسة) قرابة العام تحولت خلالها لحطام إنسان بلا إرادة ولا هدف، كل هدفي وطموحي عندما أصحو من النوم كل صباح البحث عن جرعة من هذا المخدر الخطير والذي أحالني لحطام إنسان مسلوب الإرادة منطويا على ذاتي كارها لمن حولي حتى أهلي، بل إنه غير شكل وجهي وأحالني لعجوز فقد سلب مني هذا المخدر الخطر المدمر نضارة الشباب من وجهي.. وذات يوم صحوت لنفسي وقررت الإقلاع او الانسحاب منه نهائيا، فأصابتني أعراض (الخرمة) وهي تفوق في حدتها خرمة الآيس والبنقو والحبوب وكل أنواع المخدرات الأخرى القوية مثل الهيرويين والكوكايين.. أصبحت أتبول في ملابسي ـ لا مؤاخذة ـ وألهث كالكلب، وأصبحت غير قادر على النوم، فعندما أحاول النوم ليلا لا أستطيع فكل تفكيري كان ينحصر في العودة للتعاطي مرة أخرى ولا أرى في مخيلتي سوى مخدر (البيسة)، وتظل هذه الفكرة الشيطانية تراودني وتتزاحم داخل رأسي حتى تشرق شمس الصباح وأكون وقتها خاملا لا أستطيع مغادرة السرير.. وكنت لا أتناول أي طعام فقد كانت شهيتي مقفولة تماما حتى أنني أصبحت لا أحس بالجوع!!.. وللعلم فإن مدمن (البيسة) او (الآيس) إذا لم يجد الجرعة في الوقت المناسب فإنه يمكن أن يفعل أي شيء للحصول على الجرعة، يسرق يقتل يتسول لا يهم المهم الحصول على الجرعة وإسكات أصوات العصافير التي يسمعها في رأسه!.
ولما فشلت في الإقلاع او الانسحاب من هذا المخدر الخطر الذي سيطر على حياتي وعصف بتفكيري، خاصة أنني كنت أعمل وأكسب مبالغ كبيرة قبل إدماني للمخدرات بالطبع، لجأت للعلاج بأحد المراكز المتخصصة، والحمد لله أقلعت عنها ولن أعود لها مرة أخرى.. بعد أن جعلت مني المخدرات إنسانا خاملا لا أرغب في العمل.. فالمخدرات عصفت بأحلامي وكادت تنسف مستقبلي وأفلستني تماما من كل قرش جمعته بعرق جبيني وعملي واجتهادي.
رحلة العلاج
وعن تجربته مع رحلة العلاج والتعافي من المخدرات قال الشاب العائد من عالم المخدرات:”بدأت رحلة العلاج طواعية بالسلاح الطبي لكنني سرعان ما انتكست وعدت لتعاطي المخدرات مرة أخرى، فالأعراض الانسحابية للمدمن خاصة (الخرمة) صعبة وقاسية على المدمن المنسحب وتحتاج لإرادة وعزيمة وقوة شخصية.. وأعراض الخرمة التي مررت بها أثناء انسحابي وإقلاعي عن تعاطي المخدرات خاصة مخدر (البيسة) تتمثل في:(استفراغ ـ إسهال ـ كسير في الجسم ـ زهج ـ قلق ـ عدم قبول الآخرين وتحاشيهم حتى الوالد والوالدة).. رغم كل هذه الأعراض الانسحابية إلا أنني صممت على عدم التعاطي مرة أخرى والإقلاع نهائيا عن المخدرات، لكنني تركته مرة ثانية حتى حضرت بنفسي طواعية لأحد مراكز العلاج من المخدرات.. وأول إجراء فعلوه معي بالمركز استخراج السموم التي تراكمت في دمي وأرسلوني لإحدى المستشفيات لهذا الغرض، وبعد حوالى أسبوع أثبت فحص البول خلو دمي من سموم المخدرات لعنة الله عليها وحمى شبابنا منها.. والآن الحمدلله تخلصت من المخدرات تماما وعدت لحياتي الطبيعية.. ونصيحتي للشباب عدم خوض هذه التجربة فهي سوف تقودكم للتهلكة وضياع مستقبلكم”.
طالب الثانوي المدمن
تعاطي وإدمان المخدرات لا يعرف العمر حتى الصغار يمكن أن يتعاطوا هذه السموم، منهم طالب ثانوي من إحدى الولايات، يقول:”دخلت عالم المخدرات (حب استطلاع) بواسطة بعض الأصدقاء المتعاطين، اولا بنفس واحد من سيجارة بنقو، ثم أصبحت بعدها أتعاطى سيجارة بنقو بـ(كرت) وهو مصطلح شائع لدى المتعاطين يقصدون منه نصف سيجارة.. أول جرعة شعرت بارتعاش ولفة راس، وفي اليوم التالي من التعاطي انتابني صداع حاد.. الجرعة الثانية كانت بعد أسبوع من الجرعة الأولى.. بعدها تملكتني المخدرات فأصبحت أتعاطى البنقو باستمرار لأكثر من خمس سنوات وعندما كنت أنظر لوجهي في المرآة لاحظت تغير شكلي تماما وأصبحت مثل الرجل المسن وقتها قررت الانسحاب من عالم المخدرات نهائيا وبمساعدة أخصائي طب نفسي وأحد المراكز العلاجية نجحت بإرادتي وعزيمتي في الإقلاع عن المخدرات وعدت وانتظمت في دراستي والحمدلله.. من هنا نصيحتي لزملائي الشباب عدم الاقتراب من عالم المخدرات والحبوب، ومن ارتاده عليه الإقلاع عنه فهو مجرد (وهم)، والإقلاع عنه ليس بالأمر الصعب فقط يحتاج لإرادة قوية وعزيمة، واللجوء للمراكز العلاجية المتخصصة في علاج الإدمان، فالعلاج متوفر فلديهم علاجات تقضي على (الخرمة) والتي بسببها عاد كثير من المتعاطين للمخدرات مرة أخرى لأنهم لم يقضوا على الخرمة.. اما محاولة العلاج بالمنزل بدون اللجوء للطبيب المختص او المراكز العلاجية المختصة فنتيجتها ستكون الفشل والانتكاسة وبالتالي العودة للمخدرات مرة أخرى.. وما أحزنني عند دخولي عالم المخدرات وجود فتيات مدمنات، إحداهن مدمنة (شاشبندي)، وفتاتين أدمنتا (الآيس) وكما علمت منهما أنهما تتحصلان عليه من بعض زملائهن بالجامعة او من بعض سائقي الركشات.. لكنهما انتظمتا في العلاج ونجحتا في التخلص من الإدمان نهائيا بفضل المستشفيات والمراكز العلاجية المتخصصة في علاج الإدمان.. حماكم الله من هذه السموم”.
تحقيق التاج عثمان / الحراك السياسي