السودان.. جوع وانفلات أمني.. سيناريوهات محتملة
الخرطوم – نبيل صالح
تتصاعد حدة الازمة الامنية والاقتصادية في متوالية هندسية، مع انسداد افق الحلول، وازدياد وتيرة الجرائم بأشكالها المتنوعة، ويعتقد المراقبون ان ما يحدث في السودان مؤشرات اَولية لانقلاب عسكري محتمل او ثورة جياع عارمة.
وفي تقرير اممي ارتفعت نسبة الجوعى الى معدلات كبيرة ويقول التقرير ان نحو ثلث سكان السودان البالغ عددهم حوالي 45 مليون نسمة، يواجهون أزمة جوع متصاعدة. فبحسب أرقام وإحصاءات الأمم المتحدة، يعاني قرابة ثلاثة ملايين طفل في دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد.
وفي هذا السياق، أكدت مسؤولة الاتصال في برنامج الأغذية العالمي في السودان ليني كينزلي أن “أكثر من 100 ألف طفل معرضون للموت نتيجة سوء التغذية إذا تُركوا من دون علاج”.
ويعتقد المراقبون ان استشراء نسبة الفقر بهذه الصورة المذهلة من اكبر المؤشرات لانهيار الدولة الى جانب تفشي الجريمة وانفراط عقد الامن َوجزم وزير الداخلية السابق بشارة جمعة أرور أن التفلتات الأمنية الحالية مصنوعة ومقصودة، مشيراً إلى أن هنالك من أدخل في المجتمعات سلوكيات معادية لـ(البوليس)، مشدداً بأن الصراع بين البرهان وحميدتي سيفضي إلى تأجبج حالة الانفلات،ونوه أرور طبقا لـ(الحراك) بإن الأوضاع الأمنية إذا استمرت بهذه الوتيرة لشهرين “ممكن يحصل انقلاب”، وأضاف أنا “ذكرت الكلام دا للبرهان مرتين وقلت ليهو ألحق البلاد قبل ماتغرق.
ويرى خبراء الامن والاقتصاد ان انهيار الامن والاقتصاد كان سببا اساسيا في اندلاع الثورات والانقلابات العسكرية في السودان ويقول الخبير الاقتصادي د. رفعت خليل ان اولي الانتفاضات الشعبية في السودان لم تكن لاسباب سياسية او الحريات بل لاسباب اقتصادية وامنية، بدءا من انتفاضة اكتوبر المجيدة وانتفاضة رجب وثورة ديسمبر المجيدة التي اندلعت جراء التردي الاقتصادي قبل ان تتحول الى فعل سياسي، فيما ان قادة انقلاب 25 اكتوبر برروا قراراتهم للتردي الاقتصادي والامني، الا ان الأخير سيواجه نفس المصير اذا استمر الوضع الاقتصادى علي هذا النحو المريع، وتابع رفعت بقوله لـ(النورس نيوز): ” كل المؤشرات اليوم متوفرة لثورة جياع عارمة او انقلاب عسكري من ضباط من الرتب الدنيا لجهة ان اغلب الرتب العليا في المؤسسة العسكرية منشغلون بصراعاتهم السياسية ومصالحهم، ولم يعروا اهتماما للوضع الامني والاقتصادي الراهن.
وعبر المحلل الامني د. محمد عبد الجابر عن قلقه من ارتفاع وتيرة الجريمة في السودان وقال ( اذا افترضنا ان هذه الجرائم مصطنعة من بعض الجهات الممسكة بالسلطة فهذا يعني بان هؤلاء لا يقرأون التاريخ ولم يتعظوا بتجارب الآخرين) وتوقع عبد الجابر سيناريوهات عديدة اذا استمر الوضع الامني والانهيار السياسي على هذا النحو وقال لـ(النورس نيوز): لا استبعد اندلاع ثورة اكثر قوة من ثورة ديسمبر المجيدة ولكن لم تكتمل حلقاتها بعد لتراجع حماس الشارع بعد عمليات القتل للمحتجين وجلوس الاحزاب السياسية مع قادة الانقلاب نفسهم، واضاف ” ان الكتلة الحرجة الان في وضع تريث في انتظار ما تسفر عنه الايام القادمة ولكن السيناريَو الاكثر واقعية هو انقلاب عسكري من ضباط خارج صندوق الصراع الدائر الان داخل المؤسسة العسكرية نفسها).