جعفر عباس يكتب: هذه هي الرومانسية المتاحة..
مقال كتبته ونشرته في جريدة عكاظ السعودية في فبراير 2010، ورأيت أن أعيد نشره هنا لأن الشيخ فالنتاين ومعه د. علي بلدو يتهمان الرجل السوداني بأنه غير رومانسي، وأبدأ بحكاية العريسين، الكويتيين اللذين قررا إجراء مراسيم زواجهما في مدينة اسطنبول التركية. جميع المدعوين حصلوا على تذاكر سفر من الكويت الى تركيا وبالعكس، وألف دولار أمريكي نثريات لـكل واحد من المدعوين ال200؟ يا بلاش. وأقام الضيوف في فندق خمس نجوم في المدينة. وكل هذه النفقات، تم تكبدها لأن حفل الزواج كان في نفس الفيلا التي تم فيها تصوير مسلسل نور التركي. قطيعة تقطع نور وسنين نور.. صرت من فرط كرهي لـ«نور» ابتعد عن الأماكن التي فيها نور «إضاءة».. ويا ويل من يقول لي صباح الـ«نور».. وقبل أيام كنت أناقش موضوعا ما مع زميل مصري عندما أعجبه رأيي وقال لي: عليك نور.. فصحت فيه: عليك نور ومهند وأتاتورك، أنت يا قليل الذوق.
استأجر العريس فيلا مسلسل نور بحديقتها لثلاثة أيام بلياليها، ومن حق كل من يتزوج ان يختار مكان الاحتفال حسب إمكاناته المادية، ومن المؤكد ان العريس الكويتي ميسور الحال، وكان بإمكانه إقامة الحفل في مدينة ديزني في فلوريدا، أو حتى جزيرة بدين! ومن المؤكد أيضا ان الفيلا التي يعيش فيها في الكويت أكبر وأفخم وأجمل من فيلا مسلسل نور. وقد كتبت كثيرا مستخفا بهوس جماهير التلفزيون بالمسلسل التركي “نور”، وعجبت من التعقيبات التي وصلتني من بعض النساء على وجه خاص: يعجبنا في المسلسل الرقة والعذوبة في التعامل بين مهند وزوجته.. تعجبنا الرومانسية التي نفتقدها عند رجالنا! طيب يا بنات الناس، دعوني أصارحكن بأن حياتي الزوجية خالية من الرومانسية من يومها الأول ولكنها صمدت وستظل صامدة بإذن الله.. والتقصير في الرومانسية ليس فقط من جانبي بل إنني متأكد من أنه لو دخلت يوما على زوجتي وقلت لها: هيا بنا يا حبيبتي نذهب الى فندق «الشمس الباردة» لنحتفل بمرور كذا سنة على زواجنا، لاتصلت بالإسعاف لنقلي الى مستشفى الأمراض العقلية. الرومانسية هذه «شغل سينما» وشغل «خطوبة» وتتحول بعد الزواج الى احترام وود متبادل. نعم فينا نحن معشر الرجال قدر لا يستهان به من الجلافة والغلظة، ولكنها غير متعمدة لأنها جزء من ثقافتنا التي تمجد التكشير والعبوس، وأهون على بعضنا أن يشرب زيت الخروع على الريق من أن يقول لزوجته كلمة حلوة، ولكن الرومانسية لا تنتقل بالعدوى عبر شاشة التلفزيون، بل كثيرا ما يكون التعبير عنها صامتا. أي بالأفعال: أن يصر الزوج على اصطحابك للطبيب لأنك شاحبة.. أن يقول لك لا تطبخي لأنك تعبانة.. أن يحرص على ارتداء ملابسه في هدوء صباحا كي لا يوقظك.. هذه هي الرومانسية المتاحة، وهذا آخر كلام عندي نيابة عن الرجال.. عجبكن أهلا وسهلا.. ما عجبكن؟ عندكن الحائط والبحر.
هل أنا غلطان ومتخلف جدا؟ هل تتفق أم تختلف معي ولماذا؟ بعدين يا شباب أعرف سلفا أن النساء سيفتحن النيران علينا، ولهذا أدعوكم إلى وحدة الصف ودفاعكم عني دفاع عن أنفسكم، بس ما تشطحوا.. يعني نعترف بأن فينا شوية غلظة وجلافة ولكن معظمنا يعبر عن عواطفه تجاه من يحب بالأفعال، وربما علينا أن نكون أكثر سخاء بالكلمات. وشخصيا استخدم الكلام الطيب كثيرا ولكنني فاشل في مجال العبارات الرومانسية والباريسية