تنصل العسكر من الإطاري.. سيناريوهات مخيفة
الخرطوم – نبيل صالح
يترقب الشارع السوداني بقلق ما ستسفر عنه الأيام القادمة بعد تلميحات العسكر بالتراجع عن الاتفاق الاطاري ، ووصفه بأنه لا يشكل الحل الأمثل للأزمة السياسية ما قد يعيد المشهد الى مربع المواجهة بين العسكر والمدنيين ولكن هذه مرة قد يتغير تكتيك القوى المدنية من المقاومة السلمية الى المقاومة المسلحة حسب المراقبين، وأطلقت قيادات بالحرية والتغيير المركزي تحذيرات شديدة اللهجة من مغبة تنصل العسكر من الاتفاق الاطاري ، وكان عضو السيادي الفريق شمس الدين كباشي قال في معرض خطابه لجمع من عشيرته بجنوب كردفان في منتصف الأسبوع الماضي بأن الاتفاق الاطاري لن يقود الى حل سياسي وأن المؤسسة العسكرية لن تحمي دستوراً وضعته (5) أحزاب سياسية ومضى في قوله أن الاتفاق الإطاري وقّعته بعض القوى السياسية، ولا يمثل ذلك الحد الأدنى المعقول والمقبول لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني وغيره.
واعتبرت قوى الحرية والتغيير المركزي الطرف الآخر من الاتفاق الاطاري هذه التصريحات توطئة للتنصل من الاتفاق الذي قطع شوطاً بعيداً ، بيد أن البعض حذر من مغبة خروج العسكر من الاتفاقية ، وتوقعوا تحول المواجهة بين القوى المتصارعة من البيانات والفعل السياسي الى فعل عسكري .
وتوقع المحلل السياسي سعد محمد أحمد تنصل العسكر من الاتفاق الاطاري بناءاً على خلفية البرهان وبقية المكون العسكري في خرق العهود ، وقال سعد لـ “النورس نيوز” لم أتفاجأ بحديث الكباشي عن الاتفاق الاطاري والتقليل منه ، وأضاف ” أن تاريخ اللجنة الأمنية للنظام البائد في التعامل مع المدنيين منذ سقوط البشير يعضد توقعات المراقبين ” بيد أن سعد أعرب عن تخوفه من لجوء المكونات المدنية الفاعلة في الثورة السودانية الى تغيير تكتيك مواجهة الانقلاب ومخطط العسكر بفعل مسلح مع انتشار كبير للسلاح ، بعد أن يئسوا من التعامل مع الشق العسكري بالوسائل السلمية التي لا يعترف بها المكون العسكري” ” وتابع ” أعتقد أن الكباشي قال ما قاله مناصرة للشق الآخر من القوى المدنية المجتمعة في القاهرة لفرض عملية سياسية جديدة يكون المؤتمر الوطني المحلول جزء منها”
ومن جهته قال الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” إن الاتفاق الإطاري هو المخرج للأزمة ولا تراجع عنه مطلقاً، وأضاف خلال لقاء شمال بحري اليوم “لو دايرين البلد ما تتفرتق امشوا في الاتفاق الإطاري دا”، ونوه حميدتي إلى ان الاتفاق الإطاري “بجيب الدولار عشان مدعوم دوليا”.
ومن جانبه أكد أحمد بطران الناطق الرسمي بـأسم القوى المشتركة للحراك الثوري أن القوى المدنية لن تترك مجالاً لتنصل العسكر من الاتفاق الاطاري وأضاف ” إذا حدثت انتكاسة فـ”لقوى الثورة” أدوات أخرى سلمية لاسقاط السلطة العسكرية وسيلاقي قادة الانقلاب مصير القذافي وعلى زين العابدين ، واستبعد بطران تغيير تكتيك المواجهة بين العسكر والمدنيين حال تراجع العسكر عن الاتفاق الاطاري بالوسائل المسلحة ، وقال لـ “النورس نيوز” : ” بدأت ثورة ديسمبر المجيدة بوسائل سلمية وستستمر بنفس وسائلها الى أن تحقق أهدافها” .
وكشف بطران عن مفاجآت تعدها قوى الثورة في السادس من أبريل القادم حال تكونت الحكومة المدنية أو لم تتكون ، مشيرا الى الشارع يقف في خندق واحد مع الأحزاب التي تمثل الثورة ضد الانقلاب “.
وأستبعد المحلل السياسي د.عبد اللطيف محمد عثمان أية مواجهة مسلحة بين المدنيين والعسكر حال تنصل العسكر عن الاطاري بيد أن تراجع الأخير سيكون نهاية وجود العسكر في السلطة السياسية لرفض الشارع بكل مكوناته أي وجود للمؤسسة العسكرية في المشهد السياسي وتوقع خروج الجماهير بشكل أقوى في حالة حدوث أية انتكاسة للاتفاق الذي يعول عليه الشعب السوداني لاحداث الاستقرار السياسي والاقتصادي .
وسخر عبداللطيف من تصريحات الكباشي الذي قلل من الاطاري وقال ” لماذا لم يرفض الكباشي الاتفاق منذ البداية ” وقال لـ” النورس نيوز” الكباشي يحاول اعطاء الشرعية للمبادرة المصرية أكثر من الاتفاق الاطاري ولكن لا يعرفه الكباشي بأن أغلب مكونات الشعب السوداني يرفض ما يجري في القاهرة ولن يقبل به خصوصاً أن أغلبهم من ساندوا انقلاب 25 أكتوبر وتولوا بموجب الانقلاب مناصب دستورية وهدفهم ليس الاستقرار إنما المحافظة على مصالحهم الشخصية والعشائرية “.
وفي السياق أطلق القيادي بالمجلس المركزي للحرية والتغيير، محمد الفكي، تحذيرات شديدة اللهجة من مغبة إسقاط الاتفاق الإطاري، وقال: ” إذا سقط الإطاري ستعود البلاد للمواجهة، مضيفاً: وهي غير مستعدة لذلك في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وعجز الدولة عن الوفاء بمرتبات العاملين”. وتابع “الدولة مُنهارة بالكامل، ولا نرغب في العودة للمواجهة إلا إذا فرضت علينا، وماضون في الاتفاق الإطاري ونتعبره الحل الأساسي لمشكلة البلاد أمنياً واقتصادياً”. وأضاف: لا نرغب في عودة البلاد للحرب وإذا حدثت لن تكون نزهة”، وحمل الفكي حسب صحيفة (الحراك)، الأجهزة الأمنية مسؤولية حدوث مواجهة بين السودانيين.
وأكد الفكي في جلسة حوارية حول العملية السياسية بين القوى الداعمة للديمقراطية، بمركز طيبة للإعلام أمس الإثنين، أن قوى الحرية والتغيير متمسكة بالاتفاق الإطاري حتى لا تتفكك الدولة وتنهار، مشيراً إلى أن الحرية والتغيير تلقت أكثر من ثمانين طلباً للانضمام للتوقيع على الاتفاق الإطاري، وفق موقفها الواضح من انقلاب 25 أكتوبر ودعمها لعمية استعادة المسار الديمقراطي.
وحذر القيادي بحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر، من التنصل عن الاتفاق الإطاري لجهة أن ذلك سيقود إلى تفتيت البلاد، وأبدى مخاوفه من انتشار السلاح في ظلّ وجود الحركات المسلّحة الموالية للمكوّن العسكري ، وقطع عمر، أن العسكر ليسوا على قلب رجل واحد، لا سيما وأن بعضهم مؤيد للإطاري والآخر رافض له ورأى أنّ إمكانية تنصّل العسكر عن الاتفاق الإطاري واردة ، وتابع بحسب صحيفة الجريدة، أنّ الحركات تعاني من انقسامات خاصة وأنّ بعضها مؤيّد للآخر يرفض الاتّفاق الإطاري ، ولم يستبعد عمر في حال التنصل أن تذهب جميع القوى السياسية الموقعة للمناداة والمطالبة بإسقاط النظام عبر الثورة الشعبية