الخرطوم – نبيل صالح
على نحو مفاجئ حطت طائرة وزير الخارجية الاسرائيلي ايلي كوهين في مطار الخرطوم امس الخميس ، في أول زيارة رسمية معلنة من مسؤول اسرائيلي رفيع، بيد أن كوهين نفسه زار الخرطوم في وقت سابق على نحو سري وهو وزيرا للاستخبارات الإسرائيلية، وتأتي هذه الزيارة في وقت يتحسس السودانيون طريقهم لتحقيق استقرار سياسي بعد سنَوات من ازمة سياسية كادت تهدد الوحدة والدولة.
توقيت الزيارة اثار العديد من التساؤلات والمخاوف من ان تؤدي الى نسف الاتفاق الاطاري، والانتقال الديمقراطي بعد سنتين من السلطة العسكرية التي اطاحت بحكومة (عسكرية _مدنية) بينما يعتقد مراقبون انه من رغم حديث الوزير الاسرائيلي عن ضرَورة توصل السودانيَون لاتفاق يفضي الى حكومة مدنية الا ان هذه الزيارة تأتي ربما لتعزيز مشاركة العسكرييون في الحكومة الانتقالية لضمان استمرار الاتصال بين الخرطوم والقدس، الذي يفتح الباب للتطبيع الكامل بينهما.
وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أن السودان وإسرائيل سيوقعان على اتفاق تطبيع العلاقات بينهما خلال العام الجاري، لافتاً إلى أنه قدم، خلال زيارته إلى السودان يوم الخميس، إلى وزير الخارجية (السوداني) “مسودة اتفاق السلام، وتم الاتفاق عليها بشكل نهائي”.
وفي مؤتمر صحافي عقده مساء الخميس، في أعقاب عودته من زيارة للخرطوم، التقى خلالها برئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، قال كوهين إن اتفاق التطبيع يستند إلى مبدأ “السلام مقابل السلام”.
وأردف الوزير الإسرائيلي: “ما يميز الاتفاق حقيقة أنه لا توجد حدود مشتركة مع هذه الدولة، أنه سلام مقابل السلام، الاتفاق سيساعد (الجانبين) في المجال الاقتصادي وسيسهم في تعزيز الأمن والسياحة في البلدين، وأتمنى أن نتمكن خلال العام من زف بشريات أخرى”.
وحسب كوهين، فإن السودانيين “معنيون” بالتوصل لاتفاق التطبيع، لافتاً إلى أن التوقيع على الاتفاق سيتسنى بعد تشكيل حكومة مدنية في الخرطوم. وأوضح كوهين أن اتفاق التطبيع مع السودان يمكن أن يساعد في توفير ظروف تسمح بعودة لاجئي العمل السودانيين الذين يتواجدون في إسرائيل إلى بلادهم. وتعهد كوهين بأن تساهم إسرائيل في “تطوير السودان” في أعقاب التوقيع على اتفاق التطبيع.
وحسب موقع صحيفة “يسرائيل هيوم”، فإن الولايات المتحدة اشترطت أن يتم التوقيع على اتفاق التطبيع بعد أن يتم تشكيل حكومة مدنية في الخرطوم.
وفي تقرير نشره الموقع مساء يوم الخميس، لفت المعلق السياسي للصحيفة أرئيل كهانا إلى أنه “على الرغم من أن كوهين قد تحدث عن التوقيع على اتفاق التطبيع في غضون العام الجاري إلا أنه يمكن أن تمر سنوات قبل التوقيع على هذا الاتفاق على اعتبار أن هذا التطور يتوقف على مخرجات العملية السياسية الداخلية في السودان”.
ويعتقد الخبير الاستراتيجي د. امين اسماعيل محجوب ان هذه الزيارة جاءت في توقيت محدد بدقة لاكمال ما بدأ في عنتبي ثم في واشنطن في توقيع ما يسمى باتفاق ابراهام ويقول اسماعيل ان حكومة اليمين تتعرض لعزلة داخلية وتحاول الخروج من هذه العزلة باحداث اختراقات تاريخية في دول الممانعة، ومن بينها السودان، فيما اضطرت الخرطوم لاستقبال وزير الخارجية الاسرائيلي لتعزيز مساعيها للخرَوج من العزلة الدولية التي عادت اليها بعد قرارات الخامس والعشرون من اكتوبر 2021م ويمضي اسماعيل بقوله بان هذه الزيارة تحدث ربكة في الاتفاق الاطاري، لجهة ان امريكا هي من فرضت التطبيع مع اسرائيل على الخرطوم واسرائيل اعادت الكرة الى الملعب الامريكي للابقاء على العسكر في السلطة، وتابع ان السودان في حاجة لوساطة اسرائيلية لفتح الابواب المغلقة في وجهه.
ويرى المحلل السياسي د. نصر الدين عثمان ان الزيارة جاءت في توقيت مريب في الوقت الذي يسعى السودانيون لبناء سلطة مدنية تنقل السودان الى دولة ديمقراطية ذات سيادة واستقلال سياسي ويمضي عثمان بقوله لـ(النورس نيوز)؛ إن هذه الزيارة تثير الشكوك ازاء نوايا العسكر الخروج من السلطة، خصوصا ان خروجهم قد يعرقل مخطط التطبيع، على خلفية موقف الاحزاب والمدنيين الرافض لعملية التطبيع مع القدس على الاقل في الفترة الانتقالية وتابع ” لهذا يحاول العسكر الاستقواء باسرائيل والتأثير علي واشنطن عبرها للتراجع عن الضغط عليهم للخرَوج من السلطة”.