تقرير إخباري- هبة علي
برغم الترحيب والدعم الدولي والإقليمي الذي وجده الإتفاق الإطاري بين قواه في الخامس من ديسمبر الماضي والولوج إلى المرحلة الثانية من العملية السياسية وصولاً للتوقيع النهائي قبل نهاية يناير الجاري ، إلا أن التعقيد حاق بالعملية سيما بعد طرح جمهورية مصر العربية دعوتها للحل التي أصبحت مبادرة لاحقاً والتي أيضا وجدت الترحيب والرفض القاطع في الوقت ذاته من أطراف الخلاف المحليين..
إنسحاب البرهان
وفي بارقة امل لانفراج وشيك بشر رئيس حركة العدل والمساواة جبريل ابراهيم بإتفاق يمكن أن يكون بديلاً للإتفاق الاطاري ، اتى نتاجا لتفاهمات جرت مع قادة الجيش، ولكن سرعان ما تلاشى الامل بحسب مصادر متطابقة قالت لـ “سودان تربيون” الاثنين، إن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان قرر التخلي عن الوساطة التي كان يقودها لتقريب الشقة بين الحرية والتغيير والكتلة الديمقراطية.
ويجئ قرار البرهان بعد فشله في جمع الطرفين على مائدة واحدة رغم عدة محاولات بذلها خلال الاسابيع الماضية، حيث يرفض ائتلاف الحرية والتغيير الاعتراف بالكتلة الديمقراطية ويقول إنها مصنوعة.
وعمق الاتفاق الاطاري خلافات التيارين حيث امتنعت الكتلة عن الانضمام للاتفاق برغم تأييد قادة الجيش وتوقيعهم عليه؛ وبحسب المصادر فإن البرهان أبلغ ممثلي الكتلة الديمقراطية ليل الاثنين “سحب الوساطة بين الكتلتين”؛ وأضافت ” الحرية والتغيير متمسكة بضم أفراد من الكتلة للعملية السياسية دون البقية”؛ وحضر الاجتماع مع البرهان حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، حيث كان ذات الاجتماع مقررا الأحد لكنه أرجأ بطلب من الكتلة إلى اليوم الاثنين.
وكان البرهان طلب في وقت سابق من الطرفين تسمية ثلاث ممثلين لكل طرف للتشاور حول الأجندة التي يمكن أن تجسر هوة الخلافات بين الطرفين لكن ائتلاف الحرية والتغيير تجاهل تسمية ممثليه.
تجاوزها الزمن
يُذكر أن كشف جبريل عن بديل الإطاري أتى بالتزامن مع رفض قوى الحرية والتغيير المشاركة في ورش القاهرة تحت مبرر أن الإتفاق الإطاري قد وضع أساساً جيداً لعملية يقودها ويمتلكها السودانيون، وأنها شكلت اختراقاً في مسار استرداد التحول المدني الديمقراطي، مما يجعل الورشة متأخرة عن هذا السياق، وقد تجاوزها الزمن فعلياً؛ و أعتبر بيان التغيير الذي صدر قبل ايام ؛ أن الورشة المزمع عقدها تشكل منبراً لقوى الثورة المضادة المرتبطة بالنظام البائد الذي أضرت سياساته بالبلدين وشعبيهما.
فيما غرد الناطق الرسمي باسم العملية السياسية المهندس خالد عمر يوسف قائلاً: “حديث الدكتور جبريل إبراهيم لا أساس له من الصحة ولا يوجد إتفاق جديد”.
الشارع لن يصمد
وتعقيد الازمة الحالية لا يأتي فقط من تمترس جميع أطراف الحل في مواقفها تجاه الخروج من الأزمة الراهنة، بل في سلك طرق مغايرة بكل مرحلة الأمر الذي يجعل الوقت يمضي والأزمات تتفاقم وهو ليس من مصلحة الجميع كما يرى ذلك مراقبون.
فالمحلل السياسي د. وائل أبوك قطع بحديثه لـ”النورس نيوز” بأن الشارع لن يصمد طويلاً لينتظر الحل بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد وكذلك بسبب حالة السيولة الأمنية.
وقال أبوك إن رؤية الحل الآن غير واضحة لجهة أن المجلس المركزي للحرية والتغيير لن يقبل ببديل للاتفاق الاطاري، في وقت أربكت به المبادرة المصرية المشهد، وكذلك ترفض حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان التدخل الخارجي بالاتفاق الإطاري وترحب بالمبادرة المصرية التي هي أيضاً أجنبية.
و عزا ابوك رفض الحركتين للاطاري لسبب فقدهما للامتيازات التي نالتاها بموجب اتفاق سلام جوبا واللتين ترفضان تعديل الإتفاق، مشدداً على أن هذا قفزة من الحركتين في الظلام حالياً بيد أنهما ستعودان في آخر المطاف وتنضمان للإتفاق.
تكملة الإتفاق
المحلل السياسي أحمد خليل يرى ان المخرج يكمن في الاتفاق الطاري وتكملته وصولا لتشكيل الحكومة ، لافتا الى ان الحل بالعملية السياسية اقل تكلفة من بقية الحلول الجذرية في سبيل انهاء الانقلاب والعودة للمسار الديمقراطي؛ ونوه خليل بحديثه لـ”النورس نيوز” إلى أن الإطاري عمل انساني قد ينحج او يفشل بيد أنه الحل العقلاني الذي يحظى بتأييد الغالبية المحلية فضلاً عن الدعم الإقليمي والدولي له.
المضي بالتشكيل
البروفيسور صلاح الدين الدومة اتفق مع خليل، واكد أن المخرج يكمن في تنفيذ الاتفاق الإطاري وتشكيل الحكومة وعقد مؤتمر دستوري يناقش جميع القضايا المرجأة أو التي لم يتم الإتفاق حولها؛ وشدد الدومة بحديثه لـ”النورس نيوز” على أن حكومة الإتفاق ستصمد رغم محاولات الاسقاط التي ستطالها من الفلول وذلك بسبب الدعم الذي ستجده من الجذريين.