الاتفاق النهائي… هل يكتب له النجاح؟
الخرطوم – نبيل صالح
من المتوقع ان تنطلق الترتيبات للاتفاق النهائي يوم بعد غد الاحد، وسط تكهنات المراقبين بعدم نجاح الخطوة لجهة ان هناك مكونات مؤثرة لم تلتحق بالاتفاق الاطاري الممهد للاتفاق النهائي. وفي ذات الوقت اعرب البعض عن تفاؤلهم بنجاح العملية السياسية التي تتمثل في خروج العسكر عن السلطة، لجهة انها مدعومة ومباركة من المجتمع الدولي والإقليمي.
أعلنت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري بالسودان، عن انطلاق المرحلة النهائية للعملية السياسية بالبلاد في 9 يناير الجاري بمؤتمر تفكيك نظام 30 يونيو 1989 .حسب بيان مشترك صادر عن القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري مع المكون العسكري.
وفي 5 ديسمبر 2022 وقع المكون العسكري “اتفاقا إطاريا” مع المدنيين بقيادة قوى إعلان الحرية والتغيير، وقوى سياسية أخرى (الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، المؤتمر الشعبي) ومنظمات مجتمع مدني، وحركات مسلحة تنضوي تحت لواء الجبهة الثورية لبدء مرحلة انتقالية تستمر عامين. وأفاد البيان بأن “انطلاق المرحلة النهائية للعملية السياسية وبدايتها ستكون بمؤتمر خارطة طريق لتفكيك نظام 30 يونيو (نظام البشير 1989-2019) في الفترة من 9 إلى 12 يناير الجاري بالخرطوم”.
ويستند الرافضين على موقفهم من العملية بحجة ان العسكر طرف في العملية ولا يمكن الوثوق بهم، على خلفية الخروقات التي مارسها المكون العسكري في مرحلتين الاولى عقب سقوط النظام السابق بتعليق التفاوض بعد فض الاعتصام والثانية عندما جمد البرهان ببنود اساسية في الوثيقة الدستورية، بموجبها ألغي وجود الطرف المدني في السلطة في خطوة وصفت بالانقلاب، ويقول المحلل ااسياسي د. مصعب فضل المرجي أن العسكر لم يقدموا نوايا حسنة تجاه الانتقال الديمقراطي بفعلتهم الشنيعة مرتين، مما يهدد اي عملية انتقال السلطة للمدنين، مستشهدا بحديث البرهان بعد توقيع الاتفاق الإطاري واظهر فيه بأنهم كمؤسسة عسكرية سيفرضون سيطرتهم علي الحكومة المدنية طوال فترة الانتقال، ولن تخضع القوات المسلحة لأية هيكلة او اصلاح الا في الحكومة المنتخبة، وقال ( حديث البرهان يظهر نواياهم غير الداعمة للانتقال الديمقراطي) واعرب مصعب عن قلقه من تكرار ما حدث في 25 اكتوبر 2021م والذي اعاد السودان للعزلة وتابع ” ما زالت الحركة الاسلامية تمارس تضليلها للعسكريين وقطاعات من المدنيين لقطع الطريق عن اية حلول للمشكلة السودانية والتي قد تنهي آمالهم للعودة الى السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية).
وجدد البعث موقفه المبدئي بإسقاط الانقلاب ورفضه جهود شرعنته وإطالة أمده بحشد أوسع الجماهير في جبهة الديمقراطية والتغيير لإعلان الأضراب السياسي والعصيان المدني.
وفي السياق أعلن الحزب الشيوعي رفضه للاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه بين المكون العسكري وأطراف مدنية متوقعاً فشل الاتفاق. ودعا علي الكنين عضو اللجنة المركزية والقيادي في الحزب الشيوعي في مقابلة مع راديو دبنقا قوى الثورة الحية والجذرية ولجان المقاومة إلى تنظيم صفوفها وتوحيد خطابها السياسي لمناهضة الإتفاق وصولاً إلى حكم ديمقراطي.
وقال الكنين إن الاتفاق جاء بضغط من المجتمع الدولي خاصة أمريكا على العسكر وبعض قوي الحرية والتغيير من أجل الحفاظ على مصالحها في السودان وتسخير كافة امكانياته لهم وأضاف أن أمريكا والمجتمع الدولي تسعى للسيطرة علي القوة المدنية والعسكرية .
وبالرغم من خلفية العسكر في التعامل مع الانظمة المدنية، والشكوك التي تحوم حول العملية برمتها والتي يعتقد البعض بأنها مفروضة من الخارج الا ان قطاعات واسعة من الشارع السوداني والمراقبين يعتقدون بأنها الفرصة الاخيرة لتحقيق الانتقال المدني للسلطة، وقال المحلل السياسي د. عبد اللطيف محمد عثمان أن الوضع السياسي والاقتصادي والأمني لا يحتمل مزيد من غياب الدولة وهياكل السلطة، ويعتقد عبد اللطيف انه رغم خلفية العسكر الا انه ليس هناك افضل من هذا الاتفاق رغم عدم كمال مثاليته، واضاف (السودان اصبح مرتعا لعناصر الاستخبارات المعادية التي تعمل على زعزعة الامن والاستقرار وكل الظواهر التي نراها بفعل المخابرات ولا يمكن انهاء هذا المشهد الا باتفاق مهما كان ناقصا او معيبا.
وفي تغريدة اسفيرية أعلن بابكر الشريف شقيق الشهيد عثمان الشريف دعمه العملية السياسية المفضية لإنهاء الإنقلاب وإستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي مؤكداً إنها تحقق أحلام وتطلعات الناس بأقل تكلفة دون إزهاق أرواح أخرى، وقال في صفحته على فيسبوك إنه يدعم الحل السياسي مبيناً إنه جزء من الترتيبات لهذا الأمر منذ أن كان في طور تخلقه الأول وأكد إن دماء الشهداء خط أحمر وحق خاص لايستطيع أحد أن يقرر فيه دون رغبة الأسرة، كما نصت على ذلك جميع الشرائع والأديان والتشريعات ولا يستطيع أحد أن يقرر فيه أو يتصرف فيه دون رغبتهم .