الخرطوم – هبة علي
تصادف الذكرى الـ”٦٧” لاستقلال السودان أوقات عصيبة ومعقدة تمر بها البلاد كنتاج لازمات تاريخية تراكمت بتعاقب الأنظمة الحاكمة والأفراد على فترات سوادها الأعظم كان حكماً ديكتاتورياً، فالبلاد اليوم تبحث عن مخرج لتلك الأزمات عبر إتفاق بين العسكريين والمدنيين يجد دعماً ومباركة بذات مايجده من رفض ومحاولات إسقاط بمبررات انه يحمل بين طياته خطر العودة لذات الدائرة عبر إنقلاب عسكري ربما يكون قادماً أو رفضه بمبرر أنه اقصائي..
الفرصة موجودة
عضو مجلس السيادة السابق صديق تاور قال إن الفرصة للخروج من دائرة التسلط موجودة طالما ان الارادة موجودة في نفوس السودانيين، لافتاً إلى أن أكثر من ٨٠٪ من عمر الاستقلال تعاقبت عليه انظمة دكتاتورية مستبدة وحكم افراد ابتداءاً من عبود ثم نميري والانقاذ والان البرهان، ومشدداً على أن تلك الديكتاتوريات هي من عطلت المشروع الوطني الذي يحقق كرامة السودانيين وانساينيتهم في ارضهم وعلى مقدرات بلادهم ومواردهم وان يملكون قرارتهم على بلدهم.
وأوضح تاور من خلال حديثه لـ”النورس نيوز” ان الاستقلال السياسي هو ما اعلن في 56 وتحقق أيضآ ولكنه يُعتبر ناقص في المضامين الحقيقية التي تحققه وهو أن يكون البلد مستقل اقتصادياً ويمتلك قراره بارادته الوطنية بعيداً عن المحاور وعن كل السياسات التي تتقاطع مع مصالح الشعب.
وشدد تاور على أن الاولوي اعطاء الاستقلال السياسي مضمونه الوطني في حق دولة سودانية تليق بشعب السودان وتطلع اهله الفرصة متوقرة في اتقاد جذوة ثورة ديسمبر واستمراريتها وتحقيق استقلال حقيقي.
ونوه تاور إلى أن انقلاب البرهان امتداد للديكتاوريات بسبب التفريط في سيادة البلاد والاتفاقيات المجحفة واهدار ثورة البلاد في سبيل ارضاء بعض المليشيات، وتابع: يجب اسئناف مسيرة التحول المدني الديمقراطي بما يحقق تطلعات الشعب.
أصل الدائرة..
المفكر د. النور حمد قال لـ”النورس نيوز” مجرد خروج القوى الأجنبية من البلدان التي جرى استعمارها لا يعني أن تلك البلدان قد استقلت حقيقة؛ فالاستقلال يعني الحرية والانفلات من قبضة التسلط، سواء كان ذلك التسلط تسلط قوة خارجية او تسلط قوة داخلية من ابناء البلد انفسهم، مشيراً إلى أن التسلط وتكبيل القوى المدنية وتعطيل طاقات الناس أمور لها نفس النتائج الكارثية، سواء أن حدثت من جانب سلطة استعمارية خارجية او سلطة قهرية شمولية من أهل البلد انفسهم.
وأوضح حمد أن كثير من الشعوب التي نالت استقلالها حوالي منتصف القرن الماضي ابتليت بنمطين من انماط التعطيل تحت ظل حكم البلدان بواسطة أبنائها أنفسهم؛ هذان النمطان هما تزييف الديموقراطية والانقلابات العسكرية، قاطعاً بأن سنوات استقلال السودان السبع وستين، بلا إنجاز يذكر، ضاعت بسبب هاتين العلتين.
وأضاف: عاش السودان عقب استقلاله ثلاث فترات ديموقراطية اتسمت بعدم الانجاز والانخراط في الثرثرة والنزاعات والائتلافات وفض الائتلافات بسبب الحرص على المناصب؛ بل انخرطت القوى الحزبية في تزييف الديموقراطية،وبطبيعة الأحوال ليس من المتوقع أن تجري ممارسة الديموقراطية بصورة سليمة في بلدان تسيطر فيها الطائفية السياسية والبنية القبلية والعشائرية على وعي المواطنين، منوهاً إلى أن هذه العوامل أدت إلى جعل الديموقراطية أداة غير فاعلة في بناء الدولة وتطويرها.