دارفور واتفاق جوبا.. استمرار نزيف الدّم
الخرطوم- نبيل صالح
دارفور تشتعل ولا إتفاقية عصمت مواطنيها من القتل ، هكذا أبتدر أحد آدم رجال المتحدث الرسمي لتنسيقية النازحين بدارفور عقب الأحداث المؤسفة التي سقط فيها نحو “12” مواطناً في جنوب دارفور جراء اقتتال أهلي أمس ، أغلبهم تجاوز الـ “70” من عمره ويبدو أنهم عجزوا عن الهروب من نيران المهاجمين ، وتعيش دارفور منذ بداية الألفية الجديدة في حروب أهلية أفرزت واقعاً أمنياً كارثياً ، وتعتبر من أكثر المناطق التي تنتشر فيها الأسلحة بكل أنواعها الجزء الأكبر منها في أيدي القبائل والأفراد وعصابات النهب ، وقدر تقرير رسمي عقب ثورة ديسمبر المجيدة أن نحو “مليون ونصف المليون” قطعة سلاح توجد في دارفور وحدها الأمر الذي يعتبره الأمنيون بأن المنطقة ليست على فوهة بركان فحسب بل داخل عواصف بركانية لم تهدأ منذ أن بدأت في 2003م .
وعول السودانيون على اتفاقية جوبا للسلام في إنهاء مشاهد الاقتتال والدماء اليومي الا أن الأمور إزدادت سوءاً ، ويعتقد آدم رجال – المتحدث الرسمي لتنسيقية النازحين بدارفور أن كل الاتفاقيات التي ابرمت لاحلال السلام في دارفور لم تكن أكثر من صفقات للوصول الى السلطة وهذا ما أثبته الواقع بعد اتفاق جوبا الذي لم يزد الأمور الا تعقيداً ، وقال رجال لـ “النورس نيوز” ما زالت الانتهاكات والقتل مستمر في أجزاء واسعة من دارفور وهذا دليل ان الاتفاقيات السابقة واتفاق جوبا لم يكن للسلام ، ويمكننا ان نطلق عليه إسم آخر غير اتفاق سلام ، ويرى رجال أن ما يحدث في دارفور جماعات تتآمر على السكان الأصليين ويسعون للتغيير الديمقرافي وما حدث من تهجير قسري دليل قاطع ، وتابع ” لا حل لمشكلة دارفور ما لم تتغير العقلية القديمة التي تدير هذا الملف” .
وحسب زعيم أهلي مسئول عن استقبال جثث وجرحى أحداث قرى محلية بليل بمستشفى نيالا التعليمي بجنوب دارفور أن حصيلة قتلي المواجهات القبلية إرتفعت الى 12 قتيلاً بعد وصول 6 قتلى آخرين اليوم السبت، بينما قالت لجنة أمن الولاية ان عدد القتلى بلغ 7 قتيل.
وتحصلت “النورس نيوز” على الإحصائية الأولية من قائمة الضحايا قبل ارتفاع حصيلة القتلى حسب مصادر محلية الى “12” قتيل وهم السمبي – ارباب ابكر محمد 63 عاماُ ، ضوالبيت احمد بخيت 72 عاماً ، سليمان حسن أحمد 75 عاماً ، عبدالحميد حامد عبدالعزيز 54 عاماً، محمد عبدالله ادم 55 عاماً ، الطفل ابكر احمد موسى 11 عاماً (تم حرق داخل المنزل ) ، عثمان داؤد محمد 54 عاماً ، محمد خميس عثمان محمد 59عاماً ،وقالت المصادر أن هناك مئات المواطنين، ما زال محاصرين من قبل المليشيات المسلحة وجزء منهم حوالي 100 أسرة وصلوا إلى معسكر كلمة للنازحين ليلة البارحة، ولا وجود لأجهزة الدولة الأمنية والسياسية ، فيما كشفت مصادر إعلامية عن حرق “9” قرية وهروب سكانها
واندلعت مواجهات مسلحة بين رعاة وسكان محليين في عدة مناطق شرقي مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور، على خلفية مقتل شخص وجرح آخر على أيدي أحد الرعاة يوم الأربعاء الماضي، وتطورت الأحداث الى أعمال عنف واسعة أدت الى مقتل 9 أشخاص بحسب الزعيم الأهلي المسئول عن استقبال جثث وجرحى الأحداث بمستشفى نيالا التعليمي.
وقالت لجنة أمن الولاية أمس الأول في بيان انها ارسلت قوات حكومية مشتركة للفصل بين الأطراف المتنازعة، فيما سمع أصوات الرصاص فجر أمس ، لكن مصادر أكدت حسب “دارفور24” ان أصوات الرصاص صادرة من القوات الحكومية بغرض التأمين بسط هيبة الدولة ، فيما اعلن قائد الفرقة 16 مشاه اللواء ركن ياسر الخضر حالة الطوارئ بمحلية بليل شرق مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور التي تشهد أحداث عنف منذ الاربعاء الماضي راح ضحيته 12 قتيلاً وعشرات الجرحى وحرق 7 قرية.
وقال قائد الجيش امام عشرات المحتجين من أهالي المناطق المتأثرة بأعمال العنف القبلي ان حكومة الولاية أعلنت حالة الطواريء في المحلية وسوف تتعامل القوات الحكومية بالحسم مع المتفلتين بالمنطقة، في وقت لم يستطع والي الولاية حامد التجاني هنون مقابلة المحتجين بسبب رفضهم، فأرسل نائبه وقائد الجيش ومدير الشرطة لمخاطبتهم.
وحمل عشرات المحتجين جثث عدد من القتلى بعد استلامها من مشرحة مستشفى نيالا الى مقر حكومة الولاية، احتجاجاً على أعمال القتل والنهب التي تعرضت لها مناطقهم، واتهم المحتجون حكومة الولاية بعدم الجدية في التعامل مع الأحداث.
وأغلق المحتجون كبري مكة الذي يربط جنوب المدينة بوسطها وشمالها، كما أغلقوا الطريق بين أمانة الحكومة وقيادة الجيش وقال مدير شرطة الولاية اللواء محمد احمد الزين خلال مخاطبته المحتجين ان قوات الشرطة احتسبت قتيلاً من عناصرها في الأحداث، وأكد- وسط هتافات استهجانية للمحتجين- ان قوات الأمن قادرة على حسم المتفلتين، واعادة الاستقرار للمنطقة.
وطبقاً لـ “دارفور 24” شهدت عدد من القرى بشمال شرق مدينة بليل شرقي مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور مواجهات مسلحة بين الرعاة والسكان المحليين أسفرت عن مقتل 12 شخصاً وجرح العشرات في احصائيات غير رسمية.
ويعتقد عضو هئية محاميي دارفور الأستاذ الصادق علي حسن أن غياب أجهزة الدولة الفعلية وراء أحداث القتل والدمار التي تحدث في دارفور وقال الصادق لـ “النورس نيوز” ما توجد في دارفور عبارة عن مراكز قوى في الأطراف تتحكم في مصير المنطقة ، بيد أن الصادق حمل المركز جزءاً مما يحدث في الإقليم .
ويرى الصادق أن الخلافات القديمة تؤجج الأحداث والمشاكل الصغيرة التي تقع بين المجموعات ، مستشهداً بالعديد من الأحداث الشبيهة وقال ” أن أحداث بليل حسب المعلومات التي وردت اليه بدأت بحادث نهب وتطور الى اقتتال سقط فيه العشرات .