جعفر عباس يكتب: افتخار وبوبار في الفاضي والمليان..

البوبار هو الفخشرة، والتباهي بالقول والفعل، وهو وباء شديد التفشي في مجتمعنا نلمحه في الانفاق التفاخري على الأثاث وخلال الأفراح والأحزان، وهناك البوبار الجهوي والقبلي حيث التباهي بالفروسية وأقداح الطعام الضخمة، وهناك من يحسب ان مدينته هي ام المدائن، وكان المطرب بابكر ود السافل متواضعا عندما تغنى: متين يا الله نتهنى يكون في نقزو مسكننا، او يتكلم عن اشتهائه ل”الباوقة اللذيذ تفاحها” لأنه “حِرِق بنار الكماين ديلا”، ولم أكن قبلها اعرف ان الإقامة في نقزو تتطلب فيزا او كفيل، لكي يتسنى له العيش فيها ثم الحصول على التفاح من الباوقة القريبة من نقزو (السافل هو اتجاه الشمال وعكسه الصعيد اتجاه الجنوب، وبابكر ود السافل تغنى بما تغنى عن حب حقيقي لمنطقته، وفي لغة الحب والشعر شطح ونطح بكل اللغات).
ومن غرائب الفخر عندنا التغني بالكرم، برغم ان الكريم الحقيقي لا يتحدث عن كرمه، وأغرب من كل ذلك ان مفهومنا للكرم ينحصر بصورة كبيرة في كمية الأكل المقدم للضيوف، فإذا كنا نقول إن إكرام الضيف واجب فلماذا نتبوبر ونتباهى بكمية الطعام التي نقدمها لضيوفنا: ﻋﻨﺪﻱ ﺭﻓﻴﻖ ﻣﻌﺰﺯ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ﻣﻦ ﺷﻴﻤﺘﻮ/ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺣﻠﻪ ﺗﺸﺒﻊ ﺑﺎﻟﻜﺒﺎﺩ ﻓﻲ ﻭﻟﻴﻤﺘﻮ
أما أكبر مجالات الفشخرة والتباهي فهي الفروسية ومنازلة الأعداء الحقيقيين والافتراضيين: ﺍﻥ ﻫﺎﺝ ﻣﻨﻮ ﺭﻫبة ﻋﺪﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺑﻜﻮﻥ ﻗُﺮﺑﻮ/ ﺍﺳﺪﺍً ﺑﻜﺘﻞ ﺍﻟﺰﻭﻝ خلعة ﻗﺒﻞ ﻳﻀﺮﺑﻮ (الكترابة ال)
ثم استمع الى الشاعر العاقب ود موسى العيشابي في الفخر: نِحَنا بنسوي وما بنقول سوينا/ نحنا نفرتِق الكرنه أم صِفوف بإيدينا (تراكا قلت سوينا)، أما الشاعر ود الصقري فقال: نِحنا صَواقع البَرق الشَلع ضَحوِّيه/ ونِحنا صَغيرنا مَاموناً يلاقي المِيه… أما عكير فقد تغنى: نِحنا إن هجنا تتضلل لِيوث الكرنا/ جايعات السباع في العوق بتتذكَّرنا/ نحنا الفوق كراسي المملكة اتحكَّرنا/ نِحنا أعدانا تثبِت فضلنا وتشكَّرنا، ومهيرة بت عبود كادت تقرض الشايقية عن بكرة أمهم وأبيهم عندما غنت ل: فرسانا بكيلو العين وبفرجو الهمْ
أما الجعليون فهم فرسان الفخر بلا منازع ولهم في ذلك شعر كثير، ولعل الأبيات التالية تختزله: نحنا أولاد جعل أصحاب مكان ومهابة/ واقفين في الحرب سكين قصاد دبابة/ الكايس حنانا قلوبنا فاتحه أبوابا/ والداير يجوطه بناكلو قانون غابة (أنا شخصيا عباسي وما داير أجوطها).
ونحن أسخياء في توزيع كنيات وألقاب عجيبة على من نريد وصمهم بالشجاعة والإقدام: الكلس/ الدود/ تمساح شنو وشنو/ الشافو خلوه/ دابي الكر/ عمسيب (للضرس عرديب)
وليت عيال جعل يشرحون لنا: ما هو الفافنوس/ ما هو الغليد البوص (هل هذا مدح ام سب)، وليتهم يترجمون لنا ما يلي: كوفيتك الخودة أم عصا بولاد/ درعك في أم لهيب زي الشمس وقاد/ ….. أسد بيشة المكربت قمزاتو متطابقات/ وبرضع في ضرايع العنز الفارزات