في ذكراها الرابعة.. ثورة ديسمبر في الميزان
الخرطوم – نبيل صالح- مضى (4) سنوات من ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام الإنقاذ في أبريل 2019م، واندلعت الثورة لأسباب سياسية واقتصادية وكان السبب الاقتصادي هو الذي كان يطغى على الحراك الجماهيري جراء تردي الاوضاع المعيشية والاقتصادية والخدمات، بيد ان الأمور حرفيا ازدادت سوءا، وان كان البعض يرى ان هناك ايادي لعبت على إجهاض الثورة قبل ان تتسلم الحرية والتغيير مقاليد السلطة بموجب الاتفاق السياسي بينها وبين المجلس العسكري.
المراقبون حملوا الأحزاب السياسية في إجهاض حلم الشعب في تحقيق أهداف الثورة بانشغالها بمصالحها الخاصة و المحاصصات، بيد أن آخرين يعتقدون أن الانقلاب العسكري في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م، دق المسمار الأول في نعش الثورة تمهيدا لؤادها لاحقا.
أهداف غير مرئية
ويقول المحلل السياسي د. مصعب فضل المرجي لـ(النورس نيوز) بأنه لا يمكننا القول بأن الثورة حققت أهدافها، وكذلك لا يمكن القول ايضا بانها لم تحقق أهدافها، وتابع (في تقديري الشخصي ان الثورة أطاحت بالمنظومة السياسية التي كانت تمسك بتلابيب السلطة وهذا كان اولى اولويات الثورة، ومن ثم حققت أهداف غير مرئية اولها كشف حقيقة هزال الاحزاب السياسية وضعف قدراتها الكوادرية والسياسية، واستطرد ( شهد السودان اكثر من انتفاضة شعبية ولكن كانت تفشل بسبب قصر نظر النخبة والأحزاب وتقاطعات مصالح مجموعات المصالح الاقتصادية والرأسمالية، والحزبية والطائفية ونعود مرة اخرى للانظمة العسكرية الدكتاتورية) ومضى بقوله انه اذا وضعنا الثورة في الميزان نجد ان كفة الاخفاق تتفوق على كفة المكاسب والإنجازات ولكن مصعب يعتقد بأن هذا الامر محتمل في حالة السودان، وقال أن القوى السياسية لضعفها وغيابها عن القضايا الأساسية تتحمل المسؤولية الأكبر في إتاحة الفرصة للثورة المضادة لانشغالهم بقضايا انصرافية، والصراع حول السلطة والتمكين.
انجازات ديسمبر
القيادي بحزب المؤتمر السوداني نور الدين صلاح الدين، رفض تحميل القوى السياسية مسؤولية انتكاس الفترة الانتقالية وعرقلة تحقيق أهداف الثورة، ويقول نور الدين أنه يختلف مع بعض الذين يرون أن ثورة ديسمبر المجيدة لم تحقق أهدافها، وأضاف (صحيح ربما لم تتحقق كل الأهداف ولكن هناك الكثير منها تحققت، وعلى رأسها إسقاط رأس النظام البائد، وحدوث اختراقات كبيرة في ملفات عديدة مثل حقوق الإنسان ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وفك العزلة الدولية ومعالجة ملف الديون وملفات عديدة، إلا أن الثورة تعرضت لردة في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م، وكانت الانتكاسة ولكن رغم ذلك ما زالت الثورة تتمتع بالنفس الطويل، وأنا متفائل بأنها ستستعيد قوتها و سيستعيد الحكم المدني مساره، ويعتقد نور الدين لـ(النورس نيوز) ان الملف الاقتصادي كان يمضي نحو الافضل نتيجة المعالجات التي بدأت لإصلاح الاختلالات الاقتصادية وتفكيك النظام الاقتصادي الموازي الذي خلقه النظام البائد، ومعالجة ملف الديون والحصار الاقتصادي، وكانت النتيجة توفير مخزون جيد من العملة الأجنبية والذهب الا ان الانقلاب الذي قام به العسكر أعاد السودان الى المربع الاول.
معاش الناس
ملف معاش الناس كان أبرز العوامل التي دفعت الجماهير للخروج لاسقاط النظام البائد عقب فشله في معالجته، وكان الناس يعتقدون بأن أفق الحلول انسد امام الاسلاميين فكان لابد من البحث عن بديل يمكنه خلق سياسات جديدة وبديلة لتلك الفاشلة والمجربة، الا ان الاوضاع المعيشية ازدادت سوءا ويقول المحلل السياسي د. عبد اللطيف محمد عثمان ان الثورة لم تفشل في معالجة ملف معاش الناس ولكنها تعرضت لجملة من العقبات ازاء الوصول الى الحل، ويعتقد عبد اللطيف أن حكومة الثورة وجدت ارثا ثقيلا من النظام البائد ولم يكن بالإمكان معالجة الاختلالات دون جراحة مؤلمة وشرعت حكومة حمدوك في إجراء هذه الجراحة لكن قرارات الخامس والعشرون من اكتوبر قطعت عليهم الطريق وعاد الوضع الى سابق عهده، وفشلت حكومة الانقلاب في استقطاب الدعم لخططها الاقتصادية جراء العزلة والمقاطعة التي تعاني منها بسبب القرارات الانقلابية.