خطابات البرهان.. رسائل متعددة الاتجاهات
تقرير إخباري- النورس نيوز
من خلال خطاباته الجماهيرية كانت تُعرف آراء المكون العسكري السياسية وخطواتهم القادمة بيد أن أنها أصبحت عسيرة الإجماع على التأويل رغم صراحة مطلقها الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الإنتقالي، ففي كل مناسبة عسكرية من تخاريج وغيرها يبيت الجدل مُتسيّداً للمشهد كالذي حدث مؤخراً مع خطابه لجنوده بمنطقة المعاقيل العملياتية قُبيل يومين،إذ اعتبره البعض تنصلاً من الإتفاق الإطاري، فيما ذهب البعض إلى الجزم بأنه مجرد توضيح وتطمين لقواته..
ماذا قال الجنرال؟
قال: (ليست هنالك تسوية بالمعنى الذي فهمه البعض، وإنما هي نقاط تم طرحها نرى أنه يمكن أن تساعد على حل التعقيدات السياسية الراهنة، وقد وافقنا عليها ضمن اتفاق سياسي إطاري يصب في مصلحة كل السودانيين دون إقصاء لأحد، وينبغي ألا تحاول أية جهة أن تختطف هذا الاتفاق لمصلحتها الذاتية دون الآخرين أو أن تسعى لاختطاف السلطة من جديد)، مشيراً الى ان القوات المسلحة لن توافق في مرحلة الاتفاق النهائي للعملية السياسية الجارية على أية بنود يمكن أن تنال من ثوابت البلاد.
اتهامات بالتنصل
و ما إن خرج الخطاب من فاه الجنرال حتى تعالت أصوات عديدة تؤكد تنصل الجنرال عن الإتفاق الإطاري الذي وقعّه مع الحرية والتغيير وحلفائها الجدد في مطلع ديسمبر الجاري، وكان رئيس الحركة الشعبية التيار الثوري الديمقراطي ياسر عرمان من أبرز تلك الأصوات وذلك من خلال تدوينته على مواقع التواصل الاجتماعي :(إن حديث الفريق البرهان اليوم يشكل تراجعاً عن الاتفاق الاطاري ومحتوى العملية السياسية). وتابع قائلاً: (قضية الأطراف في العملية السياسية هي كعب أخيل وحصان طروادة، وإن لم يتم التمسك بالاتفاق الاطاري فإن ذلك يعني ببساطة عودة الفلول).
التفسير بالأماني
أما بالجانب الآخر للجدل برزت أصوات مناوئة لتفسيرات خطاب البرهان بأنها تنصل، كعضو اللجنة المركزية للحرية والتغيير عبلة كرار التي قالت إن البرهان يريد ان يرسل رسائل تطمين بعدم المساس بالقوات المسلحة وأن هذا يتفق مع ما جاء في الاتفاق الإطاري الذي لم يتحدث عن تفكيك القوات المسلحة نفسها؛ وفقط تفكيك التمكين بداخلها وتنقيتها من عناصر النظام المبادئ، وأوضحت كرار من خلال حديثها لـ”النورس نيوز” أن الإتفاق أشار إلى الإصلاح الأمني والعسكري بما يضمن الوصول لجيش واحد عبر عملية الدمج والتسريح التي تشمل جميع القوات الحاملة للسلاح.
وفي تفسير منها للنقطة التي أثارت الهلع ورآها الكثيرون تناقضاً في مواقف المؤسسة العسكرية وفقدان البوصلة الجنرال هي خضوع الجيش مستقبلاً للحكومة المنتخبة، معتبرين أنها ضد إعلانه لخروج الجيش من السياسة وترك الحكم للمدنيين بعد توافقهم على حكومة كفاءات تمضي بالبلاد نحو الانتخابات.
عبلة بيّنت قائلةً: لم يكن هنالك تراجع في حديث البرهان وهو فقط أمّن على نقاط مهمة تتحدث عن مدنية الدولة وخضوع الجيش للحكومة المنتخبة وأعتقد أنه يتحدث في فترة ما بعد الانتقالية ولم يتحدث عن وضع الجيش في الفترة الإنتقالية، وتابعت: وضّحَ البرهان بأنه لا وجود للتسوية ونحن كحرية وتغيير ظللنا نردد أن ماحدث ليس تسوية بل هو حل سياسي شامل، منوهةً إلى أن الشق المدني أصبح الآن أوسع من الحرية والتغيير؛ وذلك وجود شركاء مدنيين جدد وفقاً لتوسيع قاعدة المشاركة.
وذكرت عبلة أنها لا ترى أي تنصل من الإتفاق في خطابه، مشيرةً إلى أنه لايتم التنصل عن الإتفاق في خطابات جماهيرية بل بواسطة جلسات رسمية، وأردفت: الساحة السياسية الآن محتقنة؛ وأي جهة حللت خطاب البرهان كما تتمنى وكما تريد؛ ومن يرونه تنصل يُعبِّرون عن أمانيهم بفشل الإتفاق الإطاري وفشل التوقيع على الاتفاق النهائي.
التصريحات أزمة
الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء م د. إسماعيل المجذوب لم يقف على مسافة بعيدة من وجهة نظر عبلة؛ بحديثه لـ”النورس نيوز”، حيث قال يجب أن ننظر للخطاب على أنه في وسط عسكري يحتوي على مناورات وتدريب عسكري في قاعدة المعاقيل التدريبية لذلك الرسائل كلها تأتي في اطار التطمين للعسكريين، لافتاً إلى أن اغلب الخطاب كان عن عدم تفكيك الجيش وعدم السماح لاي جهة سياسية بالتدخل به، وشدد المجذوب على عدم وجود تراجع عن الإتفاق الإطاري، بل قصد البرهان إشراك بقية القوى السياسية، وتابع: الآن هنالك التزام بالاتفاق وليس الامر مجرد تفاهمات؛ وحقيقةً أزمة السياسية السودانية تكمن في التصريحات الكثيرة.