آراء و مقالات

محمد عبد الماجد يكتب: العذر الأقبح من (القطوعات)..

(1)

 لا ادري متى يكون التيار الكهربائي مستقراً؟ وما هو الفصل الذي يعتبر الفصل المثالي للإمداد الكهربائي في السودان؟ وهم في كل فصل يشكون ويرجعون القطوعات الى احدى طبائع الفصل البيئية والفيزيائية.

 عندما يأتي فصل الخريف وتمتلئ الخزانات ويفيض النيل يرجعون في الهيئة القومية للكهرباء القطوعات نسبة لتراكم (الطمي) في الخزانات وارتفاع نسبته التى تعكر صفو استمرار التيار الكهربائي.

 وعندما يأتي فصل الصيف يتحدثون عن ارتفاع نسبة الحرارة وتأثيرها على انسياب التيار بسبب الضغط الذي يكون على الماكينات ومحطات الكهرباء بسبب ارتفاع درجة الحرارة وزيادة الاستهلاك للكهرباء.

 عندما يأتي فصل الشتاء يتحدثون عن انحسار المياه في حوض النيل رغم ان وزارة الري يفترض ان تكون اخذت كفايتها من المياه التى تجمع في الخزانات… المياه تحفظ في (السدود) في مواعين تسمى (خزانات) مما يعني ان الدولة (تخزن) احتياجاتها من (المياه) التى تملأ في فصل الخريف، ولا حاجة للدولة لمياه النيل في الشتاء حتى تشكو من انحسارها.

 الامر الغريب ان استهلاك الكهرباء في فصل الشتاء يقل بصورة كبيرة وهذا امر تشعر به حتى في عداد كهرباء منزلكم واستهلاكك الخاص – اذ تنخفض نسبة الاستهلاك الى النصف ويتضاعف الاستهلاك في الفصول الاخرى – لكن وزارة الطاقة والكهرباء لا ترى في فصل الشتاء إلّا انحسار المياه في النيل لتجعل من ذلك سبباً في قطوعات الكهرباء.

 في فصل الخريف يعدون بان الاستقرار في الكهرباء سوف يكون في فصل الشتاء وفي فصل الشتاء يقولون ان الاستقرار في الكهرباء سوف يكون في فصل الصيف وهكذا دواليك.

(2)

 نحن في السودان نجتهد في صناعة (الازمات) حتى نجعلها مبرراً لإخفاقاتنا، نستثمر في الازمات ونفرح بها لأننا نستفيد منها – يحدث منّا ذلك في كل القطاعات حتى على المستوى الشخصي – نعمل من اجل تبرير (الفشل) وجعله مقبولاً ومنطقياً لنخسر بتلك (الاعذار) الكثير ونتسبب في ايقاف عملية الانتاج وربما الحياة بأكملها.

 لو كنا نجتهد في (الحلول) بمثل اجتهادنا في ايجاد المبررات وخلق الاعذار لكان السودان الآن في مكان اخر.

 هذه هي مشكلة الشخصية السودانية – الامر ليس قصراً على الدولة وحدها – هذه هي العقلية التى نتحرك بها ونسابق بها عالم يتقدم ويتطور في كل المجالات ونسابق نحن بالمحاولة الدائمة لأن نجد (اعذاراً) لفشلنا وإخفاقاتنا.

 الاشكالية الكبرى اننا نكرر فشلنا ونستنسخ اخفاقاتنا– فنحن في كل فصل نكرر ازمات الموسم الماضي ولا نتعلم منها او نعمل لمعالجتها وهي ازمات (ثابتة) ومتكررة منذ استقلال السودان.

 الأنكأ من ذلك استغلالهم لعوامل الطقس وطبائع الفصول في التعليل للإخفاق – رغم ان العالم من حولنا ودول اقل منّا في المنطقة استطاعت ان تتغلب على كل الظروف وتطوع البيئة والمناخ للاستفادة من كل العوامل الطبيعية حتى القاسية في خدمة الشعب والوطن.

 ارتفاع درجة الحرارة في السودان مشكلة وسبب لقطوعات الامداد الكهربائي والمائي، وارتفاع درجة الحرارة في الدول المتقدمة محمدة وشيء يستفيدون منه في توليد الطاقة وإنتاج الكهرباء وليس قطعها.

 لم يكتفوا بمحاربة هذه البلاد بأزماتها ومعاناتها وسلبياتها وإنما يحاربون هذه البلاد بنعمها وخيراتها الطبيعية وايجابياتها.

(3)

 بغم

 التطور والنمو والتقدم – والصناعة والزراعة والتجارة والتعليم والصحة وكل شيء ارتبط بالكهرباء – انقطاع التيار الكهربائي يعني توقف الحياة وتعطل الانتاج.

 السودان لا يحاربه اعداؤه ولا يعرقل نهضته خصومه – السودان يحاربه ابناؤه بهذا الفشل وتلك الاعذار التى تكون دائماً اقبح من الذنب.

 وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *