تقرير إخباري- نبيل صالح
ظلت عودة مولانا محمد عثمان الميرغني وصراع البيت ورسالة الرجل في تسجيل فيديو محل جملة من التكهنات، والشكوك إزاء رفضه للاتفاق الإطاري بين الحرية والتغيير المركزي والعسكر.
وشغلت الصراعات داخل بيت الميرغني وحرب البيانات بين التيارات المتصارعة الساحة السياسية في الايام الماضية، بينما جاء خطاب الميرغني ليزيد المشهد غموضا، وتاريخيا عرف الاتحادي الاصل بمواقفه المعتدلة في الازمات السياسية وجنوحه للوسطية والحوار، بيد ان الميرغني الذي ابرم اتفاقا سياسيا مع الراحل د. جون قرنق في 1988م بشكل ثنائي رفض التسوية المرتقبة، وحذر من الاتفاقات الثنائية، واعرب المراقبون عن دهشتهم من موقف الميرغني المغاير لمواقف الاتحادي الاصل ، ووصف البعض خطوة الميرغني بأنها تأتي في سياق صراع المحور الاقليمي والاستخباراتي وقال المحلل السياسي د. عبداللطيف محمد عثمان انه رغم تحفظات العديد من القوى السياسية على دستور تسييرية المحامين لكن تحفظ الميرغني حسب خطابه على الاتفاق كان محل تفسيرات عديدة، ويؤكد بأن ايادي خفية تمسك بخيوط اللعبة في المشهد السوداني وقال عثمان لـ(النورس نيوز)، ان عودة الميرغني في هذا التوقيت ليست من اجل الوقوف على خلاف الاشقاء حول الاتفاق نفسه، بل للحشد السياسي ضد الاتفاق الذي يمهد لاستقرار السودان والذي بدوره يهدد اقتصاديات وانظمة في دول الجوار، واضاف ان هذا يبدو جليا في لغة الميرغَني في الفيديو.
فيما ما زالت تداعيات توقيع حزب الاتحادي الأصل على الإعلان السياسي مستمرة حيث تسببت في تجميد نشاط رئيس القطاع السياسي إبراهيم الميرغني وإحالته للتحقيق هذه الخطوة كشفت حالة الخلافات والانقسام بين ابناء الميرغني حيث يدعم جعفر مجموعة التوافق الوطني بينما يساند رئيس قطاع التنظيم الحسن وثيقة الدستور الانتقالي ويفسر البعض تباين الموافق بين الرجلين محاولة للعب أدوار مزدوجة ودخول العلمية السياسية بـ(صرفتين) كلهما في مصلحة الحزب.
ولكن مراقبين يرون الخلافات في الحزب تأتي في سياق اختلاف التقديرات السياسية لقادة الحزب تجاه الأزمة السياسية وقبول الدستور الذي أعدته لجنة المحامين وبالتالي فإن ذلك أدى إلى ظهور تيارين في الحزب لديهما رؤية تختلف عن الأخرى.
ويقول المحلل السياسي د.علي مالك بأنه لا يتجادل إثنان أن مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي، وراعي الطريقة الختمية في السودان، هو أحد أدوات استخبارات دولة جارة في السودان. ويعتقد مالك ان هذه الدولة مُتخوِّفة من الاتفاق القادم الذي بدأت بوادره تلوح في الأفق بين المكون العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير (قحت)، بالتالي من عودة المدنيين مرة أخرى لقيادة المشهد، لذا تريد لنفسها موطيء قدم داخل المكونات المدنية التي ستنشأ وستنضم لقحت بعد توقيع الاتفاق، كما هو متوقَّع، واضاف بأنها تريد من مولانا وحزبه أن يلعب لها هذا الدور، عسىٰ ولعلها تستطيع أن توجِّه به مسارات الأمور في الاتجاه الذي تريده. وتابع (هذه القراءة في تقديرنا تؤكدها تصريح أحد قيادات الحزب – على هامش خبر عودة مولانا – عندما قال أن: “الحزب الاتحادي وضع توقيعه على وثيقة الدستور التي أعدتها اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، على الرغم – وهنا المهم – من بعض التحفاظات عليها”. وهذا يعني أن الحزب جاهز للعب دور “خميرة العكننة”، وشق الصفوف داخل قحت، في الفترة التي ستلي توقيع الاتفاق القادم.
وتهدد الخلافات التي تضرب آل البيت بانقسام جديد في الحزب مما يجعله عرضة للضعف وفقدان تأثيره على المشهد السوداني ويقول المحلل السياسي سعد محمد احمد ان كل تحركات الميرغني وتصريحاته تأتي متسقا مع اجندة دول اقليمية، واضاف لـ(النورس نيوز) ان الاتحادي الأصل ليس لديه موقف مبدئي طوال تاريخه السياسي، وشارك في النظام السابق وكل الانظمة التي سبقت نظام الحركة الاسلامية ما يشكك في حرص الحزب على التمهيد لانتقال الديمقراطي وتابع (سيبقى الميرغني حجر عثرة للاتفاق المرتقب ولكن هدفه من ذلك غير واضح سواء كان بالفعل حريص على اتفاق جماعي يدفع بالتحول الديمقراطي الي الأمام او ينفذ اجندة دول اخرى.