جعفر عباس يكتب: في بلد العم سام..
الرحلة التي كانت تتشوق اليها ام الجعافر ولم تجد من يهبب لها هي رحلة أمريكا عندما تم قبول ولدي في جامعة هناك وقررت السفر معه، وكانت الحجة التي اقنعت بها ام الجعافر بعدم مرافقتي هي انها سفرة فيها الكثير من التلتلة، ولكن وبمجرد ما قلت لها ان الرحلة المباشرة من الدوحة الى نيويورك تستغرق 16 ساعة ثم انتظار ثلاث ساعات فرحلة أخرى لساعتين، صاحت: بري، وهذه الكلمة الصغيرة من اقوى عبارات الرفض النسائية السودانية، فقط اشترطت علي عدم زيارة هوليوود خوفا من الشلابات لأنها كانت على علم بمغامراتي العاطفية مع ناتالي وود التي انتحرت كما سعاد حسني عندما سمعت بخبر زواجي، ثم كلوديا كاردينالي التي أنهيت علاقتي بها بعد ان علمت انها انجبت 4 عيال مجهولي الآباء
نزلت وولدي مطار جيه اف كيه في نيويورك، فزجوا بنا في صالة منفصلة مخصصة أيضا للسوريين والإيرانيين، وفجأة وجدنا كلبا في حجم عجل يتجول بيننا ويشمنا ويشم امتعتنا، ولحسن حظي لم يقترب الكلب مني قط ولو فعل لهتفت بأعلى صوت معلنا “اعترف بان اسمي الحقيقي جعفر بن لادن خذوني الى غوانتنامو بس بلاش الكلب يا أولاد الكلب”
بعد نحو ثلاث ساعات سمحوا لنا بالدخول فأخذنا طائرة صغيرة متجهة الى ستيت كولدج حيث جامعة ولدي (بنسلفانيا ستيت)، وفي المطار قالوا لنا ان أمتعتنا ستصل في اليوم التالي وعندما أيتنا لاستلامها دلونا على غرفة بها عشرات الحقائب، وقالوا ادخلوا واسحبوا امتعتكم ولم يسألنا احد عن ديباجات الأمتعة او الهوية الشخصية: إنها الثقة الكاملة في ان كل واحد منا سيسحب فقط حقائبه ولن يسطو على حقائب الآخرين، وتذكرت قطارات الأنفاق في لندن حيث يسافر الملايين يوميا دون ان يمر عليهم كمساري: انت وضميرك في أمر التذاكر، وأذكر انني وخلال اول زيارة الى لندن لم اجد شباك تذاكر في محطة البداية ولم اكن أعرف كيف احصل على تذكرة من الماكينة الخاصة بذلك، فتسللت الى القطار ولأن حظي كان كما حظ من يعضه الكلب “يوم المولد” فقد جاء مفتش تذاكر- وهذا لا يحدث الا نادرا جدا، ولما جاء الدور علي طلب مني “تيكيت” فتصنعت البلاهة وقلت له: تيكيت مورننق.. فقال لي: دو يو هاف أ تيكيت؟ هل عندك تذكرة؟ فقلت: نو نو مي سودان، فتناول من راكب آخر تذكرته ورفعها في وجهي، هنا اكتسى وجهي بابتسامة ومددت له ورقة فئة العشر جنيهات، ويا للعجب: انصرف الرجل عني دون تحصيل قيمة التذكرة ومعها غرامة مالية كما يقتضي القانون
كان لؤي وخمسة من زملائه من نفس المدرسة قد التحقوا بتلك الجامعة سويا، والمدهش انهم كانوا سويا منذ مرحلة الروضة وفي نفس المبنى والى ان اجتازوا المرحلة الثانوية، وكان من بينهم عبد الرحمن ابن صديقي عثمان حاج موسى اللذين وصلا معنا الى الوجهة النهائية وأقمنا سويا في نفس الفندق الى حين ان يتنقل الشبلان الى حرم الجامعة، فقرر لؤي وعبد الرحمن ان يقيما في نفس الغرفة على ان نتشارك نحن الوالدان غرفة أخرى، ومن فرط الإرهاق في ليلتنا الأولى نمنا فور وضع رؤوسنا على المخدات، ولكنني استيقظت مذعورا لأنني حسبت ان هناك اسدا هجم علينا في الفندق (وشعار تلك الجامعة اسد)، وانتبهت جيدا وادركت ان شخير عثمان يشبه زئير اسد شديد الجوع، وعانيت الويل كي احظى ببعض النوم وفي اليوم التالي قلت له: أنوم أنا أولا وانت خارج الغرفة تماما، ونمت جيدا وصبيحة اليوم التالي كنا نحن الأربعة نجلس في كافتيريا الفندق عندما قام عثمان بتشغيل شخير في هاتفه، فقلت له: الحمد لله ضميرك استيقظ وسجلت لنفسك الزئير ولكنه عرض علي مقطع فيديو لشخصي وانا نائم واعزف موسيقى نشاز خخخخخ خوخو خاااخ