المدير العام لقناة النيل الأزرق عمار شيلا.. في حوار مع مجلة (حواس): التحدي الاقتصادي قد يطيح بمعظم الفضائيات السودانية
النيل الأزرق لا تعبر عن أي تيار أو سلطة.. هي من الناس وإلى الناس
حوار طارق شريف ساتي
الأستاذ عمار فتحي شيلا.. شاب استطاع أن يثبت تميزه الإداري في قناة النيل الأزرق، وحقق استقراراً في العمل.
في هذا الحوار مع مجلة (حواس)، يقدم عمار شيلا رؤيته لتنفيذ التصورات الجديدة في تطوير الأجهزة والمعدات والتدريب وبناء القدرات، ويسعى جاهداً لتأسيس مقر للقناة.. وفي جانب آخر يقدم تصوراته في العديد من القضايا الإعلامية، وأبرزها التحدي الاقتصادي الذي يواجه الفضائيات السودانية بفهم وعمق ورؤية.
_ كيف وجدت قناة النيل الأزرق؟
تسلمنا بعد الأستاذ حسن فضل المولى في ظروف حساسة بعد التغيير والثورة، ظهر غياب واضح لرؤية الدولة تجاه الإعلام وتجاهل لدوره.
قناة النيل الأزرق تم تأسيسها في العام 2002 في وجود كادر مؤهل، وهذا يتضح في قدرة هذه الكوادر أن تكون في القناة وتعمل في الفضائيات الأخرى.
_ ما هي الإضافات التي قدمتها للقناة؟
تستمر القناة في تقديم الرسالة، هي من الناس وإلى الناس، والمشاهد شريك أصيل فيها.
وفي ظل هذه الظروف استطعنا أن ننشئ (النيل الأزرق2)، وهي شراكة مع عرب سات.. وأعتقد أن ذلك نجاح كبير في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، أن نتوسع ونطل على مشاهد أوسع.. وهذا كله بجهد العاملين في القناة ومجلس إدارة القناة، وعلى رأسه الأستاذ وجدي ميرغني محجوب.
على المستوى الإداري، حاولنا بقدر استطاعتنا وجهدنا أن نحسن أوضاع العاملين، وفي السنة الماضية قمنا بزيادة الرواتب بنسبة (200%)، وقدمنا خدمات التأمين الصحي للعاملين.
وفي مجال التدريب لدينا شراكة مع وزارة الثقافة والإعلام لتنفيذ خطة تدريب داخل وخارج السودان.
ماذا عن برنامج اغاني وأغاني
قبل العام 2020 كانت هنالك نصيحة من الأستاذ السر قدور “عليه الرحمة”، بأن يكون هنالك بديل لـ(أغاني وأغاني)، وعلى مدار سنوات كنا نفكر ماذا بعد (أغاني وأغاني)، أو بعد السر قدور.
في الموسم الأخير أنجزنا (60%) من الإعداد للبرنامج، وبدأنا في البروفات وأضفنا بدائل في فريق (أغاني وأغاني)، البعض لم تسمح ظروفه بالمشاركة، وكانت لدينا خيارات عديدة ومنها استدعاء الأرشيف، ثم كان التفكير في استمرار (أغاني وأغاني) وفاءً للسر قدور “رحمه الله” ومدرسته، وقدمنا الأستاذ مصعب الصاوي، وهو من أفضل أبناء جيله اهتماماً وتوثيقاً للأغنية السودانية.. وكانت مهمة مصعب الصاوي صعبة جداً أصفها بـ(المهمة الانتحارية).
أنا ممتن جداً لمصعب الصاوي الذي لو تعامل بحسابات الربح والخسارة لكان خياره مختلفاً، لكن الصاوي لديه وفاء وغيرة على النيل الأزرق، لذلك تصدى للمهمة ونجح وتميز في تقديم البرنامج بمعرفته بتاريخ الأغنية وتفرده كمقدم برامج وباحث.
_ ما هي التحديات التي تواجه الفضائيات السودانية؟
أبرز تحدٍّ هو التحدي الاقتصادي، وهو يواجه الجميع.. الإعلام في السودان (ما عنده ظهر) ولا توجد دولة في العالم لا ترعى الإعلام. وأعتقد انتقالاً من الشكوى والحلول، الدولة ملزمة برعاية الإعلام، ومجتمع بدون إعلام هو مجتمع بلا هوية، ومن أوجب واجبات الدولة رعاية الإعلام لأنه بالمقابل سيكون هنالك فتح للفضاء لإعلام بغرضه وأجندته. ولكن نجد في الواقع الدولة بدلاً عن أن ترعى الإعلام هي تأخذ ضرائب من (27%) إلى (30%) من الموارد الشحيحة التي تأتي للإعلام.. وبهذه الطريقة قد لا تكون هنالك فضائيات في السودان، وفعلاً هنالك فضائيات كثيرة قد توقفت، وأعتقد أن التحدي الاقتصادي قد يطيح بجميع الفضائيات.
_ إسهام الإعلانات هل يمكن أن يسد (فرقة) التمويل؟
قيمة الإعلانات المادية رخيصة، فضلاً عن أن هنالك نسباً تخصم من وكالات الإعلان، وإذا أضفت إليها رسوم الضرائب يكون ما يتبقى من قيمة الإعلان هو (40%).
الإعلان يمكن أن يشكل قيمة مضافة لميزانية الإنتاج، لكن لا يغطي المنصرفات.
_ ماذا عن علاقة النيل الأزرق بالمبدعين؟
المبدعون شركاء قناة النيل الأزرق، ونحن حريصون على حفظ حقوقهم الأدبية والمادية، ورغم صعوبة الظروف الاقتصادية نوفر لهم الحد الأدنى، وحريصون أن لا نبث أي عمل دون موافقة صاحبه، وحريصون أن لا نعتدي على حقوق الناس.
_ ما هي المشروعات الجديدة؟
استمرار النيل الأزرق(2)، بالإضافة إلى مشروع جديد لقنوات جديدة متخصصة وإذاعة منفصلة.. في جانب آخر، حريصون على إنتاج رسالة خاصة بالجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي، ونأمل أن نستفيد من الوسائل الجديدة في الوصول إلى جمهور أوسع. وأعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي هي إضافة وليست خصماً على الفضائيات.
نعمل أيضاً على تطوير البرامج، وإنتاج برامج جديدة خاصة بالمرأة والطفل، وبرامج توثيقة للرموز السودانية وأيضاً برنامج غنائي.
واحد من البرامج الناجحة برنامج (كالآتي) الذي يقدمه عمار شيلا؟
(كالآتي) برنامج معني بخدمات الناس، الثورة أسهمت في زيادة مساحات الحرية وارتفعت قدرة الإعلام في التعامل مع قضايا الناس. ونحرص في البرنامج أن نكّون صلة بين الناس والمسؤولين، وتقديم فكرة الإعلام الهادف والمسؤول والمجتمعي.
ولسنا حريصين في البرنامج على إضعاف المسؤولين، هذا الأمر أبعد عن مدرسة النيل الأزرق التي تعنى بالمهنية والتوازن والموضوعية.
_ هل صحيح أن قناة النيل الأزرق هي الأكثر مشاهدة؟
بالحسابات والورقة والقلم، هي القناة الأولى والأكثر مشاهدة، والنيل الأزرق هي محبوبة الجماهير والقادرة على توصيل صوتهم، ونحن نحرص على هذه العلاقة ونسعى لتقديم الأفضل، والأستاذ حسن فضل المولى هو من وضع الرؤية الأساسية للقناة وحقق نجاحاً غير مسبوق، وقبله الأستاذ بابكر حنين والأستاذ حافظ سنادة.
_ هل فقدت النيل الأزرق نجومها؟
الهجرة الداخلية للقنوات المحلية انحسرت، أصبحت هنالك هجرة إلى قنوات خارجية.. وفي النيل الأزرق هنالك نجوم الصف الأول ما زالوا موجودين ونجوم جدد بدأوا يتصدرون المشهد، وطورنا (15) وجهاً تلفزيونياً جديداً، بعضهم نجح وأثبت وجوده.
_ ماذا يشغل تفكير عمار شيلا على صعيد العمل الإداري؟
القناة لا تمتلك مقراً، والأجهزة تحتاج إلى تطوير، وأهم ما نعمل عليه هو تمليك القناة مقراً خاصاً وتطوير الأجهزة، ونعمل أيضاً على تدريب الكوادر الهندسية، ولدينا علاقات مع (عرب سات)، وفي العام الماضي دربنا عدداً من الكوادر في مصر بالتعاون مع وزارة الإعلام المصرية عبر وزارة الإعلام السودانية.. وأيضاً لدينا علاقات مع مؤسسات تدريب في دبي ومع مركز الجزيرة للتدريب.
التدريب هو الفريضة الغائبة ولا يحظى بالأولوية في السودان، وهو يحتاج إلى موارد.
_ نقاط القوة في النيل الأزرق؟
نقاط القوة، أهمها جمهور القناة ووفاؤه للنيل الأزرق، والكادر البشري المتميز، وسياسة القناة هي استقطاب كل رموز المجتمع، وأن تكون قريبة من الناس وتشاركهم أفراحهم وأتراحهم.. النيل الأزرق هي أقرب للذوق السوداني.
ونحن أيضاً نعمل على الأحداث وملاحقتها أولاً بأول وكل المستجدات في الشارع.. القناة تجاه جمهورها لا تعبر عن أي تيار أو سلطة.. هي من الناس وإلى الناس.