همس الحروف … كلمة السر الذكية في صناعة السعادة … الباقر عبد القيوم علي

همس الحروف
كلمة السر الذكية في صناعة السعادة
الباقر عبد القيوم علي
أبسط تعريف للسعادة هو الرضا الذي يشبع النفس البشرية راحة ، و التي تكون نابعه من القلب و إلى قلوب الآخرين تسعى ، فالسعادة الحقيقية تكمن في العطاء و مشاركة من يظنون الخير في الناس من خلال تقديم يد العون إليهم ، بمساعدتهم وقت الحاجة ، و بتخفيف عبء الحياة عنهم و إقتسام همومها معهم و تحمل بعض قسوتها عنهم و هذا هو ما ينشر السعادة والتفاؤل في حياة الكثيرين و يعطي الناس جرعة من الامل ، مما يدفعهم للمضي قدما لاستكمال مسيرة حياتهم و كثير من الفرحة تغمر قلوبهم .
فإذا أردنا جني متعة الحياة بصورة أكبر فعلينا بالأنفاق و تأتي هذه المعاني السامية مرادفة لمعاني الآية الكريمة التي تقول : (لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْءٍۢ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٌ) ، و يجب علينا أن نعلم بأن السعادة التي نستمدها من إنفاقنا تبدأ قبل أن ندفع من أموالنا شيئآ ، أي بفهم آخر تكون بمدى إستعدادنا للإنفاق و لهذا ورد في الأثر أن النية أصدق من العمل .
الوالد و المربي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، أسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته و مغفرته ، إستطاع أن ينشئ شعب بلاده على هذه المفاهيم العظيمة والقيم النبيلة ، و لهذا نجد أن هذا الشعب العظيم إستطاع أن يحمل هذه القيم ويسير بها على نهج هذا (المربي) ، الشيء الذي أتاح لهم ولكثير من المقيمين على ارضهم فرص واسعة لإغتنام كثير من المساحات التي تصنع السعادة عن طريق الإنفاق و العطاء للإسهام في الشأن العام الذي يخص الآخرين بدون فرز في لون أو جنس أو دين ، و نجدهم قد برعوا في هذا الشأن الذي يجعلهم يتفنونون في العطاء ، وذلك بعزفهم على أوتار الرحمة بكل حب ، و لهذا نجدهم يعيشون حياة تملؤها السعادة و الرضى عن النفس ، حتى دخلت بلادهم في تصنيف أفضل الأماكن على ظهر الأرض التي يتوفر فيها العيش الكريم الذي يحفظ كرامة الإنسان مع تمتعه بقدر وافر من الرفاهية ، في مكانٍ آمنٍ ، و من أكثر الأماكن جمالاً بين دول العالم ، و كما يعيشون بين أناس يتحلون بأعظم الأخلاق و صفات الكرم و العطاء و فن الإنفاق .
قانون العطاء يمثل السعادة الحقيقية في الحياة ، فأميز ما يميز هذا الشعب العظيم هو إستعداهم للعطاء ، و زهدهم في الأخذ ، حيث لا ينتظرون مقابل في ذلك ، و ما هو معلوم بالضرورة أن أغلب البشر في هذا العالم يتلذذون بالأخذ كثقافة أكثر من العطاء ، فكان الشعب الإماراتي نعم المدرسة التي يتعلم الناس منها فنون العطاء و نشر ثقافة حب الإنفاق بين الناس .
حينما أحلت بالسودان كارثة السيول و الأمطار و التى تسببت في إنهيار كثير من منازل الناس ، قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بإصدار توجيهات سامية من معالي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله تعالى و رعاه ، بتسير جسر جوي يحمل مواد إيوائية و غذائية و صحية عاجلة تصاحبها فرق من ملائكة الرحمة من منسوبي الهلال الاحمر الاماراتي ، فلم يكتفوا بهذا القدر حينما رأوا حجم الدمار الذي طال كثيراً من القرى و الأرياف و بعض أطراف المدن ، و سرعان ما أعلنوا عن ثلاثة سفن قد حطت رحالها بميناء بورتسودان تحمل مزيداً من تلك المواد الإغاثية مساعدة منهم لمنكوبي السيول و الامطار بحمولة تزيد عن ألف و خمسمائة طن و التي إستفاد منها حوالي مليوني شخص و التي شملت إيضاً علاوة على تلك المواد الإيوائية و الغذائية و الصحية ، مستلزمات لطلاب المدارس .
لقد وضعت هذه العمليات الإنسانية و التي حملتها جسور الرحمة إلينا في نفسوس أفراد الشعب السوداني أثراً طيباً يحمل أعظم معاني الإخاء و الإنسانية التي تؤكد عمق تجذر حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما في نفوس الشعب الإماراتي و الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .) .
فهنيئا للشعب الإماراتي بهذا العطاء السخي ، و هنيئا لهم بنعمة التلذذ بالإنفاق ، و ما يصاحب ذلك من سعادة في الدارين ، و من هذا المنطلق أتقدم باجزل آيات الشكر و أجملها لمعالي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة و لجميع إخوانه حكام الإمارات و لأفراد الشعب الإماراتي فرداً فرداً ، و كما أبعث بأحر أيات الشكر لسعادة سيد شباب سفراء العرب السيد حمد بن محمد الجنيبي سفير دولة الإمارات العربية المتحدة بالخرطوم و لجميع طاقم سفارته الميامين ، و أخص بالشكر كذلك ملائكة الرحمة من موظفي الهلال الأحمر الإماراتي الذين كانوا في خط الدفاع الأول ، حيث تركوا ديارهم و خاضوا مع المنكوبين الأوحال لأجل نشر السعادة عندهم ، و لا يحملهم على ذلك إلا حب الخير و عوالى الأخلاق و الإنسانية المجردة التي تعتبر جزءً لا يتجزأ من ثقافتهم ، فاقول لهم آدم الله عليكم نعمته و زادكم فيها و متعكم بموفور الصحة والعافية و هداواة البال يا كريم يا متعال .