الخرطوم – نبيل صالح
باتت قيادات قوى الحرية والتغيير تنظر إلى عودة رموز النظام السابق الى الخدمة المدنية وبعض الوظائف الدستورية بشئ من الريبة ، وكان عضو المجلس المركزي لتحالف “الحرية والتغيير” ياسر عرمان، أرسل عدة تحذيرات للمجتمعَين الإقليمي والدولي، من مخاطر وشيكة تتهدد البلاد، بسبب اقتراب أنصار النظام السابق الإسلاميين من استعادة السلطة التي فقدوها مع سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير في أبريل 2019م.
وحذر عرمان وفق “الشرق الأوسط” من محاولات يبذلها الإسلاميين لخلق فتنة بين القوات المسلحة وقوات «الدعم السريع»، على أمل إضعافهما والتسلل إلى داخلهما للسيطرة على الدولة، مشيراً إلى أن حدوث ذلك قد يهدد الأمن الإقليمي.
وشكك مراقبون من نوايا المكون العسكري في اعادة الاسلاميين الى السلطة بقرارات الخامس والعشرين من اكتوبر المعروفة بالانقلابية؛ وبعد عدة ايام من انقلاب اكتوبر أصدر النائب العام قراراً بإطلاق سراح قادة المؤتمر الوطني من السجون قبل ان يتراجع لاسباب غير معروفة ، فسره البعض أن قادة الانقلاب رأوا بأنه من المبكر كشف هوية الانقلاب ومن يقف من خلفه .
وقبل اطلاق سراح وزير المالية في حكومة البشير علي محمود حسب الرسول كشف ناظر الهدندوة محمد الأمين ترك في مؤتمر صحفي، الاثنين الماضي ، عن تشكيل لجنة لتنظيم استقبال حاشد لرئيس الوزراء الأسبق ما عده البعض استفزازاً لثورة ديسمبر المجيدة وشهدائها الذين سقطوا لتحقيق حلم التغيير، وقال المحلل السياسي د.عبد اللطيف محمد عثمان؛ إن قرارات اكتوبر التي وصفها بالانقلابية كانت تمهيداً لاعادة النظام الاسلامي الى السلطة مرة أخرى ، وأضاف عثمان في حديثه لـ “النورس نيوز” أن خطاب رئيس مجلس السيادة منذ الوهلة الاولى لم يكن منحازاً لصوت التغيير اكثر من كونه اجهاض لحراك التغيير الذي كان سينهي احلام الاسلاميين مرة اخرى الى السلطة ، واستطرد ” لكن ضعف المكون المدني داخل السيادة وتآمر البعض عجل بعودة رموز النظام السابق مرة اخرى الى الواجهة والعمل بجد في انهاء المشهد الثوري تمهيداً للعودة بشكل رسمي الى السلطة .
وطبقا لمصادر مطلعة حذر السفير الامريكي بالخرطوم قودفري الحكومة من التفكير في اعادة القادة الاسلاميين الى السلطة ، وطالب غودفري البرهان بالتعجل في نقل السلطة الى المدنيين لقطع الطريق على محاولات الاسلاميين من التغلغل في مفاصل الخدمة المدنية والسلطة الدستورية ، وقال محللون سياسيون أن التحذير الامريكي جاء في وقته ، بيد أنهم حثوا المجتمع الدولي بمساندة الشارع في استرداد سلطته بوسائل اكثر جدية من البيانات وقال المحلل السياسي سعد محمد أحمد أن المجتمع الدولي بدلاً من الاكتفاء بخطابات التحذير والاستنكار عليه أن يقطع الطريق على أحلام الاسلاميين من العودة الى السلطة وأضاف سعد أن البرهان هيأ المسرح لفلول النظام السابق للعودة جهاراً وممارسة السلوك الاستفزازي ضد الثورة الا أنه اعتبر ما يجري ظاهرة صحية لجهة أنها ازاحت الستار عن نوايا ما اسماهم بالجناح العسكري للمؤتمر الوطني ومنهم قائد الجيش وبقية المكون العسكري في المجلس السيادي .
وجدد البرهان أمس خلال لقائه بمبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي أنيت ويبر تأكيده على انسحاب المؤسسة العسكرية من العملية السياسية، وأن ينحصر عملها في قضايا الأمن القومي والدفاع، ومن جانبها أكدت المبعوثة الأوروبية حرصها على التواصل مع جميع القوى السياسية لدفعها نحو التوافق، دون انحياز لأي طرف من الأطراف، وذلك بهدف الإسراع في التوصل لتوافق، يقود لتشكيل حكومة مدنية لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية، والتحضير للانتخابات الحرة والنزيهة.
وعلق مراقبون على حديث البرهان وتعهده بخروج العسكر من المشهد السياسي بأنه ليس اكثر من محاولة لكسب مزيد من الوقت للقضاء على ما تبقى من حراك الشارع .
وقال عرمان في حديث صحفي إن أنصار البشير يحاولون امتطاء القوات المسلحة كـ«حصان طروادة لاستعادة فردوسهم المفقود» وبشأن العملية السياسية ومصير القيادة العسكرية الحالية، أوضح عرمان الذي يترأس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» –التيار الثوري الديمقراطي– أن لدى العسكر مخاوف ومطالب ومطامع، وأن معالجة «المصالح والمخاوف» ضرورية من أجل انتقال ديمقراطي مدني: “أما المطامع فلا سبيل لمعالجتها، والشعب حر في اختيار نظام حكمه” واضاف عرمان ، إن الثورة حررت القوات المسلحة مثلما حررت المدنيين من قبضة تنظيم «الإخوان المسلمين» ونظام البشير المتسلط؛ مشيراً إلى أن «السودان الآن أصبح شبه دولة، مؤسساتها منهارة، وتعاني اختلالات اجتماعية وسياسية، وتواجه صراعات عابرة للحدود” .