:: اليوم 25 سبتمبر 2022، عام إلا شهراً على بيان تصحيح مسار الانتقال، و لم يتم التصحيح بعد.. ولعلكم تذكرون، قبل بيان تصحيح المسار، كتبت أكثر من عشرين مقالاً، عن أخطاء البدايات، والتي نحصد ثمارها.. وقلت فيما قلت، لقد أخطأ تجمع المهنيين بتسليم السلطة للأحزاب، إذ كان عليه أن يكون شريكاً مهنياً مع العسكر في (حكومة مهام محددة)..!!
:: ولست وحدي، بل هناك آخرين، نصحوا تجمع المهنيين بأن يبعدوا الأحزاب عن السلطة في هذه المرحلة، بحيث تكون حكومة كفاءات، وليست محاصصات.. ولكن للأسف، تجمع المهنيين لم يعمل بالنصح و يُبعد مصير الانتقالية عن أجندة الأحزاب، بل سلم الانتقالية – بكل مخاطره – للأحزاب، وكان هذا التسليم مثار عجب ودهشة وغضب الثوار..!!
:: ولكن عندما عُرف السبب بطل العجب، إذ كشفت الأيام بأن تجمع المهنيين واجهة لأحزاب متنافرة، وإنهم ليسو على قلب رجل واحد، بدليل انشطارهم.. (انبشقوا)، ثم تخاصموا، ليس حول المبادئ، بل حول الكراسي..ولم يتعلموا من دروس ما بعد ثورة أبريل 1985، وذلك بالانتقال السريع من دولة المحاصصات إلى دولة المؤسسات..!!
:: لم يتعظوا، بل أعادوا إنتاج أخطاء حكومة إبريل 1985، التي أهدرت ثلاث سنوات في صراعات حزبية والتهريج المسمى عهدئذ بـ(كنس آثار مايو)، حتى تم (كنسها، هي ذاتها) قبل أن تغرس شجرة في فلاة.. ومنعاً لتكرار الكنس، كان النصح – لمن لا يتعلمون من تجاربهم – بناء دولة المؤسسات التي تحمي الحرية و السلام و العدالة .. ولكنهم لم يستبينوا النصح..!!
:: المهم.. بعد 25 أكتوبر، كان يجب تصحيح مسار الانتقال، بالشروع في بناء دولة المؤسسات (غير المتحزبة)؛ وذلك بحكومة كفاءات مستقلة.. وكان يجب فك كل أنواع الاحتكار و تقوية الاقتصاد الحر؛ لتكون المنافسة عادلة وشريفة بالجودة و السعر، و بلا محاباة أو محسوبية أو محاصصات حزبية..!!
:: وكان يجب خلق مناخ مُعافى بحرية واعية (غير مطلقة)، وديمقراطية راشدة (غير عبثية)؛ اي دون المساس بأمن البلد وسلامة المجتمع و النسيج الاجتماعي.. وكان يجب أن تشرع حكومة تصحيح المسار في الانتقال بالبلد من مرحلة الفوضى إلى مرحلة الدولة؛ ليتفرغ الشعب للبناء والإنتاج، والقوى السياسية للانتخابات..!!
:: وحكومة تصحيح مسار الانتقال، كان يجب أن تكون ذات مهام واضحة ومحددة، ولفترة محددة، لا تتجاوز (24 شهراً)، تعقبها انتخابات حُرة وبمراقبة دولية، ثم سُلطة مدنية كاملة، يعود بعدها الجيش إلى (الثكنات).. يعود بعد تسليم السلطة للشعب، وليس لصلاح مناع و لصوص زبيدة..!!
:: و كل هذا لم يحدث..لقد انتظر البرهان حلول فولكر، و ما أسماه بالتوافق السياسي، و هذا ما لم يحدث في تاريخ السودان..و اليوم، لم يعد لفولكر حلاً، بل هو في حد ذاته أزمة.. ولكن توفرت فرصة ذهبية لحلول وطنية؛ وذلك بتجميع المبادرات عبر آلية وطنية مستقلة، يتم الاتفاق عليها، وبمراقبة الآلية الرباعية، لأن البعض يريد الأجانب (ريدة الحمام لي وليدها)..!!
:: فالشاهد، كما للطيب الجد مبادرة أثارت الجدل، لنقابة المحامين – اسم الدلع لقوى الحرية والمؤتمر الشعبي – ايضاً مبادرة مشروع الدستور.. وكذلك للوفاق الوطني – اسم الدلع لحركات جوبا – مبادرة، ولتحالف الاتحادي الأصل وأحزاب أخرى مبادرة، و لجامعة لخرطوم مبادرة، و.. خمس مبادرات تقريباً..!!
:: ورغم اختلاف أصحابها سياسياً، تجد في هذه المبادرات (قواسم مشتركة)، منها فترة الانتقال وحكومة الكفاءات المستقلة، وغيرها..وبالدعوة إلى مائدة حوار، بمن حضر، تستطيع الآلية الوطنية – وبمراقبة الآلية الرباعية – صياغة مبادرة موحدة، بحيث تكون خارطة الطريق نحو المستقبل..!!