همس الحروف
بلاغ إلى الرأي العام .. لن نتركك لوحدك يا وجدان
الباقر عبد القيوم علي
قضية الإنسانة في المقام الأول و السودانية بالميلاد في المقام الذي يليه مباشرة ، المواطنة وجدان كمال واولادها ، و الذين يكفل لهم الدستور حق العيش بكرامة على أرض الوطن ، فمن حق أي مواطن كائن من كان أن يكفل له الدستور حق الحياة الكريمة و الإنسانية المطلقة و السلامة الشخصية ، و كما يمنع الدستور حرمان أي إنسان من حقوق الحياة تعسفاً ، و لكل شخص الحق في الحرية و الأمان و السكن و التعليم و العلاج ، ولا يجوز إخضاع أي أحد من المواطنين للقبض أو الحبس أو حرمانه من حريته أو تقييدها إلا لأسباب تتم وفقاً لإجراءات يحددها القانون ، بإعتبار ان كل ما ذكر هو حق أصيل من حقوق المواطنة ، و التي تكون محمية بقوة القانون .
المواطنة وجدان كمال تم هدم منزلها بمدينة الكلاكلة بدون مسوق قانوني ، و هذا العمل الجائر لم يضعها تحت دائرة الظلم فقط بل تعدى إلى أكثر من ذلك حتى بلغ حدود القهر ، لأن الظلم يتم تعريفه بأنه معاملة قاسية تنعدم عندها أدنى صور العدالة و تحدث بين أفراد المجتمع ، أما القهر فهو أقسى صور الظلم التي يمتلك فاعله سلطات واسعة يستخدمها ضد المقهور ، و تندرج تحت طائلة القمع الذي يسلب فيه الإنسان كل مقومات إنسانيته من عقل و فكر و أحاسيس و مشاعر .
ما حدث لوجدان قد إستفز مشاعر الكثيرين حول العالم فضلاً عن أفراد الشعب السوداني، فكيف يتم هدم منزلها بهكذا طريقة إنعدمت عندها أبسط صور الإنسانية و غابت عندها كل الحقوق الدستورية و وقف على عتباتها القانون صامتاً و عاجزاً يصف ضعف من جلس على قمة هرم مؤسسته ، فلو حدث هذا الأمر في أي دولة أخرى تحترم قانونها لترجل عن هذا المنصب كل من له صله به في نفس اليوم الذي تم فيه ذبح القانون ببرودة دم و صلف شديدين يصفان صورة قاتمة تعبر عن أن من أمن العقاب أساء الأدب و أشان الفعل ، نعم قد يحدث الخطأ في كل مكان في العالم و لكنه يستدرك في وقته و يعترف بأنه خطأ ، و تتم معالجته بصورة تحفظ الحقوق المادية و المعنوية معاً للذين أصابهم الضرر ، فكلنا وجدان و لن نتركها لوحدها ، و ما أصابها فقد أصاب الشعب السوداني بأكمله فكلنا عرضة لهذا الأمر .
اعلام الشرطه القضائيه حاول ان ينأى بنفسه بعيدا عن هذه القضيه ببيان مهزوز لم تحترم فيه عقلية المواطن السوداني التي تميز كل الامور بدقة ، حيث حاول ان يبرئ القوه التي قامت بمسانده اداره التنفيذات بالمحكمه من الإشتراك في جريمة هدم بيت المواطنة وجدان كمال بدون أدنى مسوق قانوني ، و إن كان ذلك بالخطأ و بدون قصد جنائي ، فكان من المفترض ان يحتروا الدقة عن طريق هيئة المساحة و ان يتم إنذار الشخص المعني بالإزالة حتي لا يفقد حق الإستئناف ، و بما الإهمال الشديد من الموظفين المعنيين بمثل هذه الأعمال يدخل في دائرة اللا مبالاة و يعتبر جريمة في نظر القانون في مثل هذه التنفيذات ، فأقول لقائد شرطة المحاكم هل من الممكن أن يقوم هذا الضابط الذي يحمل رتبة الرائد بالقبض على أي مواطن بدون أمر قبض صادر من نيابة أو محكمة أو اي جهة تحمل الصفة العدلية ؟ ، و يكون ذلك فقط وفقاً لأهواء موظف بمحكمة ؟ ، فمن المؤكد لن يفعل ذلك أبداً ، و لكن كيف إشترك مع أفراد قوته في جريمة هدم منزل هذه المواطنة دون التأكد من أن كل الإجراءات المصاحبة لذلك و التي تحمي حقوق المواطنين صحيحة ، و التي يقوم عليها شعار الشرطة القائل : (الشرطة في خدمة الشعب) ، كان على الشرطة ألا تتعجل بإصدار هذا البيان الفطير الذي يصف ضعف من قام بكتابته و نشره ، لأن مثل هذا السلوك المتسرع في كتابة البيانات نجده دائماً كفيلاً بهدم القيمة الوجدانية لهذه المؤسسة العظيمة في نفوس المواطنين .
الاعتراف بالخطأ هو سلوك إنساني قويم و هو الخطوة الأولى في نشر مساحات الأمان في وسط المجتمع ، و يتبعه الإعتذار الذي يكون بمثابة رتق للفتق الذي حدث و الذي بدوره يقلل من الغبن المضاد تجاه الأفراد و المؤسسات الذين تضرر من أفعالهم ضحايا أبرياء و أن كان ذلك بأي شكل من أشكال التعدي ، و هذا الأمر يتطلب من المخطي أن يكون متحلياً بشجاعة متفردة أمام نفسه في المقام الاول ثم أمام الآخرين ، و هذا السلوك الصحي يحكمه مدى النضوج و الوعي ، فعدم الاعتراف بالخطأ أو استخدام السلوكيات المضادة في تبرير ارتكاب الأخطاء عموماً ، وتعليقها على شماعة الأعذار الواهية يعتبر هروباً من مسرح القضية ، و هذا السلوك الذي يمكن وصفه بالتكبر يقود إلى تحجيم إدراكك الناس للوقائع وملابساتها الذين كانوا شهوداً عيان على أحداثها ، فحالة الضحية وجدان تعتبر أنوذجاً لذلك .
ما حدث لوجدان يعتبر جريمة مكتملة الأركان ، و بما أن المسؤولية الجنائية مسؤولية فردية تقوم على مبدأ الاختيار و الادراك و التمييز بين الخير و الشر و بين المباح و المحظور ، أي يكون الفرد لديه القدرة على الاختيار و المفاضلة بين الدوافع التي تنعكس على نتائج ما يقوم به من فعل و هو مطمئن لذلك ، فلذا فيجب أن يحاسب عليه حتى يكون عظة لغيره ، و لكن تظل الحقوق المدنية التي تقع في إطار دائرة المسؤولية التقصيرية معلقة على عاتق التابع و المتبوع (الموظف و الجهة التي يتبع لها) بدون فرز .. فكل من شارك في ذلك فهو شريك .. لان الضحية كانت تهرول بين قائد القوة و موظف التنفيذات و سائق اللودر بدون وعي فقط لأجل معرفة الدوافع الحقيقية التي ساقتهم لهدم بيتها ، و الكل كان يركلها كالكرة للآخر و هو لا يبالي بالعواقب ، فلم تجد من يناصرها أو حتى لم تجد من يبرر لها او يبرز لها أي مستند يفيد بقانونية هذا الفعل التخريبي الذي كان محروساً بقوة القانون و محمياً بهيبة الدولة التي تمثلها القوة الشرطية .. نرجو من أولى الأمر الوقوف مع الضحايا (وجدان و أسرتها) و توفير السكن المناسب لهم حتى تتم معالجة أمرهم بصورة نهائية وتعويضهم مادياً و معنوياً .
و الله من وراء القصد .
صورة إلى السيد رئيس مجلس السيادة .
صورة الى السيد رئيس القضاء .
صورة إلى السيد النائب العام .
صورة إلى السيد وزير الداخلية .