النورس نيوز _. وكالات عالمية
تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، على شرفة أحد المنازل في كابول جدلا حول قرار الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.
ووفق تحليل نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية فإن الذكرى السنوية المقبلة للانسحاب الأمريكي من أفغانستان كان من المؤكد أنها ستثير جولة من الجدل حول مدى حكمتها، لكن بلورت الضربة بطائرة مسيرة التي استهدفت أيمن الظواهري، ونفذتها وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، الجدل بطريقة معمقة.
بالنسبة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن وحلفائه، أوضحت العملية الدقيقة التي قضت على أحد رعاة هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 بدون وقوع ضحايا مدنيين، أنه يمكن شن الحرب على الإرهابيين بدون انتشار كبير للقوات الأمريكية بالميدان.
وبالنسبة لمنتقديه، أوضح الاكتشاف المذهل بأن الظواهري عاد إلى كابول تحت حماية حركة طالبان كما هو واضح، أن أفغانستان أصبحت مرة أخرى ملاذا لأعداء أمريكا.
وقالت كيت بيتمان، التي ساعدت في كتابة تقارير للحكومة الأمريكية عن الفساد والمخدرات وانعدام المساواة بين الجنسين وغيرها من القضايا في أفغانستان، خلال مناقشة استضافها معهد الولايات المتحدة للسلام: “الضربة الأمريكية الناجحة تبرر لمن دافعوا عن استراتيجية مكافحة الإرهاب عبر الأفق في أفغانستان. لكن إيجاد الظواهري للمأوى في كابول قد يشير أيضًا إلى تهديد أخطر مما كان متوقعا”.
وأضافت: “قد لا يكون لملاحقة وقتل الظواهري صدى لدى العامة بنفس الطريقة التي أحدثتها الغارة التي استهدفت أسامة بن لادن عام 2011، لكن هناك من نظر إليها على نطاق واسع على أنها انتصار للولايات المتحدة”.
وتابعت: “لكن يواجه الرئيس الآن سؤال ماذا سيفعل ردًا على ما تبين بأن طالبان تؤوي مجددًا زعيم جماعة مكرسة لقتل الأمريكيين. وكان اتفاق السلام الذي أفضى لانسحاب القوات العام الماضي، والذي تفاوض عليه الرئيس السابق دونالد ترامب قبل مغادرته المنصب ثم نفذه بايدن، قد حدد ألا تسمح طالبان لأفغانستان بأن تصبح نقطة انطلاق لعنف القاعدة في المستقبل ضد الولايات المتحدة كما كانت قبل هجمات 11 سبتمبر/أيلول”.
وفي حين وصفت إدارة بايدن وجود الظواهري بانتهاك واضح للاتفاق، المعروف باسم “اتفاق الدوحة” نسبة إلى العاصمة القطرية التي أبرم فيها الاتفاق، قال بعض المحللين إن طالبان قد تؤكد أنها لم تخرج عن التزامها بها، لأن إيواء رئيس القاعدة الهارب لا يشبه أن تكون مثل نقطة انطلاق لهجمات جديدة.
لكن لا ينظر البيت الأبيض إلى الأمر بنفس الطريقة، حيث قال جون كيربي، منسق الاتصالات بمجلس الأمن القومي، للمراسلين، الثلاثاء: “طالبان لديها الخيار. يمكنهم الالتزام باتفاقيتهم” لمنع الإرهابيين من دخول أراضيهم “أو يمكنهم اختيار الاستمرار بمسار مختلف. إذا اختار السير بمسار مختلف، سيؤدي ذلك إلى عواقب”.
لكن لم يحدد كيربي أو المسؤولون الآخرون نوع العواقب التي يفكر فيها بايدن. ولا توجد رغبة في البيت الأبيض، أو بمعظم واشنطن في هذا الصدد، لعودة قوة عسكرية كبيرة إلى أفغانستان. ونجحت قيادة طالبان التي وصلت إلى السلطة في أعقاب الانسحاب الأمريكي أغسطس/آب الماضي في تحدي الضغط الدولي مع إعادة فرض نظام قمعي، يتضمن تجديد قمع حقوق النساء والفتيات.
وبحسب تقارير الاستخبارات الأمريكية، عاد الظواهري إلى أفغانستان في وقت سابق من هذا العام، حيث انتقل مع عائلته إلى منزل في أحد الجيوب الحصرية في كابول، حيث عاش الدبلوماسيون الأمريكيون وغيرهم قبل تسليم المنطقة إلى عناصر طالبان.
وقال بروس الذي كان مستشارا لعدة رؤساء لشؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأجرى مراجعة لسياسة أفغانستان للرئيس باراك أوباما عندما وصل إلى المنصب: “عدنا إلى ما كنا قبل 11 سبتمبر/أيلول، وللأسف هذا يعني عودة طالبان والقاعدة معا. عشرون عاما من الجهود ذهبت هباء. لا بد أنه شعر بالأمان التام، وثق (الظواهري) مئة بالمئة أنه لا شيء يمكن أن يضيره”.
ومن الواضح بالفعل أن طالبان كانت تعرف بوجود الظواهري، ووفرت له الحماية؛ فقد كان يعيش في منزل يملكه مساعد كبير لسراج الدين حقاني، وزير داخلية طالبان وجزء من شبكة حقاني الإرهابية التي تربطها صلات وثيقة بالقاعدة، بحسب مصدرين مطلعين على مكان الإقامة.
وبعد الضربة، حاول أعضاء شبكة حقاني إخفاء أن الظواهري كان موجودا في المنزل ومنعوا الوصول إلى المكان، بحسب مسؤولين أمريكيين كبار.
وكان بايدن قد برر قراره بالانسحاب العام الماضي بأن القاعدة لم تعد موجودة هناك، لكن قال كيربي، الثلاثاء، إن ما قصده الرئيس هو أن التنظيم لم تعد له قوة كبيرة في أفغانستان في تلك المرحلة، لافتا إلى أن تقييمات الحكومة وقتها استنتجت أن وجود التنظيم “صغيرا وليس قويا جدا”.
وقالت لوريل ميلر، القائم بأعمال الممثل الخاص لأفغانستان وباكستان في عهد أوباما، إن الضربة تثبت أن استراتيجية مكافحة الإرهاب عبر الأفق “يمكنها أن تنجح -ونضع خطا تحت (يمكنها)- ولكن ليس أنها ستنجح بشكل عام”.
وأضافت: “كان الظواهري حالة خاصة. ولا تمحي هذه العملية تلقائيًا التقييم القائل بأن العمل من خارج البلد له قيود كبيرة”.
وقال دانيال بايمان، خبير الإرهاب بجامعة جورج تاون، إن الضربة التي استهدفت الظواهري أثبتت أنه بإمكان الولايات المتحدة شن حرب بدون وجود قوات على الأرض، وأنه بدون قوات على الأرض ستصبح أفغانستان ملاذا للقاعدة مرة أخرى”.
وأضاف: “كلاهما على حق”، في إشارة إلى حلفاء ومنتقدي الرئيس.
وقال بايمان إنه أيا كان من سيخلف الظواهري فيفترض أنه سيكون أكثر حذرًا، ويحد من الاتصالات والاجتماعات، ما سيصعب القيادة الفعلية للتنظيم، “لذا حتى القدرة على تهديد القيادة العليا، قد يكون مفيدا”.