الخرطوم – نبيل صالح
ألقى البرهان حجراً كبيراً في بركة ظلت متحركة نسبياً من بعض الأصوات التي كانت تعلو بالنعرة الجهوية ، والدعوة الصريحة للحكم الذاتي وان ذهبت بعضها بفصل الشمال عن بقية السودان، وقال البرهان في فيديو مسرب أثناء مخاطبته لجماهير في ولاية نهر النيل بأنه لا ينبغي ان نسمح لاحد الحديث نيابة عن أهل الولاية مشيرا الى ان الولاية ساهمت في بناء السودان بموادرها البشرية والمعدنية ، وقال ” ان الذين يتحدثون بأسمهم لا يمثلوهم ولا يشبهونهم ” وحمل البعض ما جاء في حديث البرهان بأنه يأتي في سياق الصراع الخفي بين أبناء الشمال النيلي وأبناء الغرب –حسب قولهم- على السلطة والثروة ، بينما استنكرت قوى سياسية ما جاء على لسان البرهان من إيحاءات قبلية قد تؤدي الى تفتيت الدولة السودانية الى دويلات .
وحذر المراقبون مما يدور من سباق لحشد قبلي وجهوي وسط ما يسمى بابناء الشريط النيلي والغرب في المجلس السيادي، واتهم فريق من المحللين البرهان وحميدتي بقيادة مخطط لتقسيم السودان ، وقال المحلل السياسي د.عبد اللطيف محمد عثمان لـ “نورس نيوز” أن هناك ثمة مخطط يحاك ضد وحدة السودان واتهم عثمان الدوائر الاستخباراتية ومن يعاونهم من قادة بعض القوى السياسية بالتخطيط لصناعة الفوضى ومن ثم تقسيم السودان الى دويلات وقال عثمان ” يجب ان نربط حديث البرهان وحميدتي وان تمعنا فيهما جيدا نجد أنه جزء من المخطط الذي حذرنا منه مراراً ” مشيراً الى ان ما يحدث من ارتفاع الاصوات القبلية هو تمهيد لحرب أهلية أو تقسيم ممنهج للدولة السودانية .
وتسربت معلومات غير مؤكدة عن وجود خلافات بين البرهان وقائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو ما دفع الرجل للاعتكاف في دارفور بحجة تحقيق الصلح بين القبائل والمكونات الدارفورية المتناحرة، ويعتقد مراقبون أن الرجل يعمل على التعبئة القبلية والجهوية لبناء حاضنة قبلية وجهوية تسانده في مسعاه في التربع على عرش السلطة في السودان ، ويمضي فريق من المحللين أن حديث البرهان يأتي في سياق سباق التعبئة القبلية التي بدأها حميدتي وقيادات الحركات المسلحة في دارفور وهم متواجدون الان وخاطب كل منهم قواته في عيد الاضحى المبارك .
واشارت معلومات غير دقيقة أن الطاهر حجر والهادي ادريس، وعدد من قيادات حركات المسلحة و خميس أبكر وعمدة المساليت السلطان بحر الدين وعدد من الإدارات الأهلية توافقوا مرحلياً حول قضايا دارفور والقضايا القومية، من بينها ملف السلطة في السودان واجمعوا على حميدتي رئيسا للسودان في المرحلة القادمة .
ويقول المحلل السياسي سعد محمد أحمد أن خطاب البرهان بولاية نهر النيل وسط عشيرته أثار جدلا كبيراً ووصفه بالخطاب عنصري رغم استدراكه في النهاية أن السودان للجميع وقال سعد لـ “النورس نيوز” أن البرهان تناول الإرث التاريخي للسودان وتابع ” هذا حقيقة لكن في مثل هذه المواقف له تفسيرات” لجهة أنه يمثل رأس هرم الدولة وويمضي سعد بقوله أن أراد البرهان دغدغة المشاعر لخلق حاضنة داعمة له من عشيرته وأهله و إرسال رسالة معينة ، بينما يرى سعد أن اللغة المتعنصرة والدونية التي تميز بها جبريل ومناوي قبل البرهان في مخاطبة مكوناتهم الجهوية والعشائرية يأتي في سياق ما ما دفع البرهان بالتفوه به ، وتابع ” اما حميدتي وشقيقه عبد الرحيم شيطنوا في خطاباتهم ما يسمونه الشريط النيلي لكسب مكونات الإقليم الغربي لكن سرعان ما اعتذروا وتراجعوا عن هذه اللغة المبتذله الا انهم يسيرون في هذا المنهج منذ أن توجه حميدتي إلى دارفور” ويقول سعد ” الذي يجمع هؤلاء الانقلابيين هو الجهل والتعنصر من أجل السلطة وفقدانهم رؤية سياسية وطنية وعدم امتلاك اي رؤية سياسية أخلاقية جمعية وطنية وأضاف أن العزاء الوحيد للشعب السوداني في مقابلة مخطط القيادات الانقلابية هو الوعي الذي يتمتع به في مواجهة الجهل وحث سعد الشارع السوداني في الاستمرار في ثورته ضد هذه العقلية او المخطط اذا صح التعبير حسب قوله ، وقال ” تبقي المسألة أن يعمل الشعب السوداني إنهاء الانقلاب لقتل الفتنة في مهدها”
ويرى الكاتب الصحفي محمد بدوي أن زيارة حميدتى للزرق وملكية المدرعات العسكرية لا تخرج من سياق الصراع بين المكون العسكري الذى يسيطر على السلطة فى الفترة الإنتقالية، وقال ” فى تقديري أن الاستعراض العسكري أثناء الزيارة قصد به إرسال رسالة على غرار إستعراض القوة العسكرية كما فعلت الحركات المسلحة عقب التوقيع على أتفاق جوبا، لكن بالمقابل الحديث الذي اثار مسالة ملكية المدرعات قصدت بشكل آخر تسليط الضوء على قاعدة الدعم السريع بالزرق فى إعادة لجند الجيش الوطنى إلى المسرح مرة آخري بالرغم أن المشهد يبدو فى هذا السياق داخليا، لكن بالنظر إلى الموقع الجغرافي الصحراوي فإنه يلفت الإنتباه إلى التحالفات التى تسند أطراف الصراع، والسيناريوهات المحتملة فى
حال وصول الأمر إلى مرحلة المواجهة، وسياسيا يمكن قراءة الأمر قريبا من الجدل حول القاعدة العسكرية الروسية على البحر الأحمر والسباق الدولى حولها ، وهنا يثور السؤال حول الانعكاس المحتمل لقاعدة الزرق العسكرية فى الشهد، و لا سيما فى ظل صراعات المحاور المرتبطة بالموارد الطبيعية فى السودان ، اضف إلى ذلك الانتشار الواسع لشركة فاغنر الروسية فى غرب إفريقيا، و موقع الزرق و العلاقة المحتملة مع الحالة الليبية المرتبطة بوجود مجموعات من المرتزقة و أخري إرهابية تسعى الأمم المتحدة الى دعم خروجهم منها، هذا إلى جانب تنسيق الاستخبارات العسكرية السودانية والاتحاد الأوروبي فى إيجاد مخرج للمجموعات المرتبطة بالحركات المسلحة المتواجدة بليبيا حيث لابد من التذكير بمؤتمر نيامي بالنيجر فى 9-12 يونيو 2022 .
وأثار إعلان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو امتلاكه لـ”سلاح مدرعات”، وتصريحاته التي أدلى بها أمام القوة المدرعة التابعة له في إقليم دارفور موجة من الاستفهامات عن نوايا الرجل الذي يعتصم بدارفور منذ نحو الشهر، وما إذا كان الرجل ما يزال غاضباً أو مغاضباً هناك، أو أنه يرسل رسائل تتجه نحو عدد من صناديق البريد في الخرطوم، وربما على رأسها “الجيش السوداني” .
وقال حميدتي، أمام قواته ” قائدكم أصبح قائداً للمدرعات في السودان، وتابع “أتكلم عن مدرعات الدعم السريع، وليس مدرعات (ثانية) أخرى”، وتابع: (نحن ما عندنا مدرعات كبيرة، بل مدرعات خفيفة من نوع (BTR)، وهي بطبيعتها تستطيع مرافقة سيارات لاند كروزر المسلحة، وقال لقواته “لا نريد مشكلات، نحن نريدكم أن تدربوا واستعدوا تكونوا جاهزين، والله لا جاب مشكلات”، وأضاف: “نحن في الدعم السريع جاهزيتنا 100 % لكنه لم يحدد لمن تستعد هذه القوات”
ويرى المحلل السياسي د.مصعب فضل المرجي لـ”النورس نيوز” أن خطاب البرهان يأتي في سياق الرد على تحركات بعض شركائه في الحكومة للسيطرة على السلطة ، وأضاف أن البرهان قال في الفيديو المسرب ” ديل على قلب رجل واحد” ما يدل على أن مخاوف البرهان يأتي من تحالف أبناء دارفور ضده وليس ضد الشمال كما لمح لذلك بعبارة “يجب ان نتوحد” واردف بقوله أن البرهان يريد بهذا الحديث استدرار موقف قبلي من عشيرته بنهر النيل بعد أن شعر بخطورة وضعه الشخصي وليس وحدة السودان كما قال وحذر فضل المرجي من تصاعد هذه اللغة وقال ” ما يحدث من سباق من تعبئة قبلية تشكل خطرا كبيرا على أمن ووحدة البلاد”