قال جيلبير أنغبو رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية «إيفاد» التابع للأمم المتحدة: «إن القمة العالمية للحكومات منصة دولية للحوار وتبادل الآراء لإيجاد حلول جماعية لأزمة الغذاء الناشئة، والهشاشة العالمية، وتحقيق الأمن الغذائي، والمشاركة في مبادرات تستشرق المستقبل لتحقيق حياة أفضل للجميع».
لافتا إلى أن الأزمة الأوكرانية تؤدي إلى أزمة غذائية عالمية ذات آثار وخيمة كالجوع والفقر في البلدان النامية، إذ تشير التقديرات إلى أن الأزمة يمكن أن ترفع أسعار الغذاء العالمي بنسبة 20% زيادة عن السابق، لأن روسيا وأوكرانيا لاعبان رئيسيان في النظام الغذائي العالمي.
وأضاف في حوار مع «البيان»: «الصندوق الدولي للتنمية الزراعية قدم منذ تأسيسه في عام 1977 حتى اليوم دعماً تبلغ قيمته أكثر من 23.2 مليار دولار أمريكي على شكل منح وقروض منخفضة الفائدة لتمويل مشاريع في البلدان النامية».
مشيراً إلى أن عام 2021 كان عاماً مليئاً بالتحديات بالنسبة لأفقر الناس في العالم. وركز الصندوق على إيجاد حلول طويلة الأجل للتصدي لتزايد الفقر والجوع، وحقق هدفاً يتمثل في وضع برنامج للقروض والمنح بقيمة 3.5 مليارات دولار، تساعد 130 مليوناً من أفقر الناس في العالم على تحسين دخولهم وأمنهم الغذائي وتغذيتهم.. وتالياً نص الحوار:
– ما تأثيرات الأزمة الأوكرانية على أسعار الأغذية؟
تؤدي الأزمة الأوكرانية إلى أزمة غذائية عالمية ذات آثار وخيمة تتمثل بالجوع والفقر في البلدان النامية، وكانت أسعار المواد الغذائية ترتفع بشكل كبير حتى قبل الصراع. كما ارتفعت منذ النصف الثاني من عام 2020 ووصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في فبراير 2022 بسبب ارتفاع الطلب وزيادة تكاليف المدخلات والنقل وتعطل الموانئ.
وتشير التقديرات إلى أن الصراع يمكن أن يرفع أسعار الغذاء العالمي بنسبة 20% زيادة عن السابق، لأن روسيا وأوكرانيا لاعبان رئيسيان في النظام الغذائي العالمي.
ويعتمد عليهما أكثر من 50 بلداً في 30% من وارداتها من القمح. وروسيا أيضاً أكبر منتج للأسمدة في العالم، حيث تمثل 15% من تجارة الأسمدة النيتروجينية. ويصعد الصراع بشكل متزايد من أسعار الأسمدة التي وصلت بالفعل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق قبل الصراع، مع عواقب وخيمة على الأمن الغذائي العالمي.
وهذه الآثار محسوسة بالفعل في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، حيث تعتمد العديد من البلدان اعتماداً كبيراً على الواردات من أوكرانيا وروسيا، وينتشر الأثر إلى أكثر بلدان العالم ضعفاً، بما في ذلك القرن الأفريقي.
وكما هو الحال دائماً، فإن أفقر سكان الريف في العالم سيتضررون بشدة، ولن يكونوا قادرين على تحمل ارتفاع أسعار الغذاء والأسمدة والطاقة، لأن قدرتهم على الصمود قد تآكلت بشكل حاد بسبب آثار تغير المناخ والكوارث الطبيعية الأكثر تواتراً، والجائحة في السنوات القليلة الماضية.
فجوة غذائية
ماذا عن موقف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية من الأزمة الأوكرانية بالنسبة لتوافر الأغذية؟
الحقيقة إذا بقيت أسعار النفط عند مستويات مرتفعة واستمرت الأزمة الأوكرانية في تقييد صادرات أوكرانيا وروسيا إلى ما بعد موسم 2022 /2023 فستكون هناك فجوة كبيرة في العرض في الأسواق العالمية للحبوب وبذور دوار الشمس، حتى مع قيام البلدان المنتجة البديلة بتوسيع إنتاجها، وهذا من شأنه أن يحافظ على الأسعار الدولية المرتفعة.
وعلى المدى القصير، يجب أن تظل التجارة وسلاسل التوريد الدولية تعمل بكامل طاقتها وتبقى مفتوحة. ويجب على الحكومات أن تتخذ تدابير من قبيل تدخلات الحماية الاجتماعية الموجهة توجيهاً جيداً، والإعانات المقدمة للمؤسسات الزراعية لضمان أن يتمكن أفقر السكان – ولا سيما في المناطق الريفية – ليس فقط من الاستمرار في شراء الغذاء، ولكن أيضاً الحصول على الأسمدة والطاقة لمواصلة الزراعة.
كما أن الأزمة تسببت في ارتفاع أسعار الطاقة والأسمدة بشكل كبير، وتحتاج البلدان التي تعتمد اعتماداً كبيراً على واردات الأغذية من أوكرانيا وروسيا إلى تنويع مصادر إمداداتها.
– هل هناك حاجة لزيادة الاستثمار في الإنتاج الزراعي المحلي؟
على المدى الطويل، نحتاج إلى زيادة الاستثمارات في الإنتاج الزراعي المحلي وتنويعه بشكل كبير، ويتعين على البلدان أن تقلل من اعتمادها على الواردات، وهذا يعني الاستثمار في صغار المزارعين الذين ينتجون بالفعل ثلث الغذاء في العالم، وهو أمر حاسم بالنسبة للأمن الغذائي، ولكنها مقيدة بنقص المدخلات والتدريب والتكنولوجيا والخدمات المالية والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، وتركز استثماراتنا في المزارعين الريفيين حول العالم، وزيادة قدرتهم على الصمود في وجه الصدمات.
-ما الشراكات بين الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) ودول الخليج العربي، وخاصة الإمارات؟
لعبت دول الخليج العربي دوراً رئيسياً في إنشاء الصندوق الدولي للتنمية الزراعية في عام 1977، وكانت من الداعمين الرئيسيين للصندوق على مدى السنوات الـ 45 الماضية ويعتبر دعمها للصندوق أمراً بالغ الأهمية في مكافحة الفقر وتعزيز التنمية في البلدان النامية. ويعمل الصندوق كأداة لدول الخليج العربي لتوجيه الموارد من أجل التنمية الزراعية في البلدان الضعيفة.
وفي عام 2019، أنشأ الصندوق الدولي للتنمية الزراعية مكتب الاتصال الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي، ويهدف المكتب إلى تيسير تبادل المعرفة.
-كيف ترون مشاركة الصندوق الدولي للتنمية الزراعية في القمة العالمية للحكومات التي تعقد في إكسبو دبي؟
القمة العالمية للحكومات منتدى رئيسي لصناع القرار العالميين لمناقشة المبادرات التي يمكن أن تؤدي إلى مستقبل أكثر إشراقاً لكوكبنا واتخاذ قرار بشأنها، وهي منصة عالمية لبحث التحديات وإيجاد الحلول وخاصة في جانب الأزمة الغذائية وتحقيق الأمن الغذائي، وحقيقة أن حضور الآلاف من المشاركين وحضور حوالي 30 منظمة دولية، علامة واضحة على الاستعداد لإيجاد حلول جماعية لأزمة الغذاء الناشئة، والهشاشة العالمية، والمشاركة في مبادرات تستشرق المستقبل لتحقيق حياة أفضل للجميع.
مشاريع
-ما مشاريع الصندوق في المنطقة العربية؟
في الوقت الحالي، تصل المشاريع التي يدعمها الصندوق في جيبوتي ومصر والعراق، والأردن ولبنان والمغرب وفلسطين والصومال والسودان وسوريا وتونس واليمن إلى حوالي مليوني مزارع صغير، وتبلغ حوالي 1.5 مليار دولار أمريكي.
ويشكل تغير المناخ وندرة المياه في هذه المنطقة، شاغلين مهمين، ويعتمد غالبية السكان على الزراعة البعلية للعيش. ويركز الصندوق على وضع خيارات جديدة لكسب الرزق لسكان الريف وبناء قدرتهم على الصمود في وجه تغير المناخ. وعلى سبيل المثال، في المناطق الجبلية في المغرب، نقوم بتطوير سلاسل قيمة مستدامة للفواكه مثل اللوز أو الكرز أو التين..
وندعم أنشطة مثل تربية النحل وإنتاج ومعالجة النباتات العطرية والطبية لتنويع سبل العيش الريفية، وإشراك النساء والشباب في الاقتصاد المحلي. كما نقوم بتعزيز التقنيات الرقمية لبيع المنتجات والوصول إلى المعلومات الأساسية.
وفي مصر، قمنا بتطوير تطبيق رقمي لمساعدة صغار المزارعين على تسويق منتجاتهم عبر الإنترنت، فضلاً عن إدخال تقنيات الري الحديث والفعال لضمان حصول صغار المزارعين على المياه بشكل موثوق ومستدام وفي السودان تساعد مراكز حل النزاعات المزارعين والرعاة في حل النزاعات حول المياه وأراضي الرعي.
وبالنسبة لدولة الإمارات، يعمل الصندوق بشكل وثيق مع المركز الدولي للزراعة الملحية، لتبادل المعارف والخبرات التقنية بشأن المحاصيل التي تتحمل الإجهاد والمقاومة للتغير المناخي، وإدارة الأراضي، والتكيف مع المناخ، وسبل التصدي للتحديات الأخرى التي تواجه الإنتاج الزراعي في البيئات الهامشية. وتعد مثل هذه الشراكات حيوية لمواجهة تحديات الأمن الغذائي في المنطقة.
دعم
-كم حجم الدعم الذي قدمته المنظمة للدول الفقيرة؟
منذ عام 1978، قدم الصندوق الدولي للتنمية الزراعية أكثر من 23.2 مليار دولار أمريكي على شكل منح وقروض منخفضة الفائدة لتمويل مشاريع في البلدان النامية. وفي العام الماضي، وصلت المشاريع التي يدعمها الصندوق إلى ما يقدر بنحو 130 مليون شخص، ونحن نستهدف بشكل خاص الأشخاص الذين يحتمل أن يتخلفوا عن الركب (النساء والشباب والشعوب الأصلية والأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة) .
وعلى مدى السنوات الثلاث المقبلة، سنواصل تركيز استثماراتنا على أفقر الناس وأفقر البلدان، مع توجيه 100% من موارد الصندوق الأساسية للبلدان منخفضة الدخل، والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى. وفي هذه الفترة، سيدعم الصندوق ما لا يقل عن نصف التمويل الذي يتلقاه من المانحين في دعم مشاريع التنمية الريفية في جنوب الصحاري الأفريقية الكبرى، فيما سيوجه الربع إلى البلدان التي تواجه صراعات أو أوضاعاً هشة. ومنها سيتم استثمار ما لا يقل عن 40% في مواجهة التحديات المناخية.
تعاون
-كيف يتعاون الصندوق مع برنامج الأغذية العالمي في تعزيز الأمن الغذائي؟
تعمل وكالات الأمم المتحدة للأغذية التي تتواجد مقراتها في روما، وهي الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي، بشكل وثيق معاً لتعزيز الأمن الغذائي، مستفيدة من نقاط القوة والخبرة التي يتمتع بها كل منها. وفي العديد من أفقر بلدان العالم، ننسق أنشطتنا واستثماراتنا تنسيقاً وثيقاً.
ولدينا أيضاً برامج مشتركة، مثل تسريع التقدم نحو التمكين الاقتصادي للمرأة الريفية الذي وصل إلى 80 ألف امرأة في إثيوبيا وغواتيمالا وقيرغيزستان وليبيريا ونيبال والنيجر ورواندا منذ عام 2014، وأدى ذلك إلى زيادة بنسبة 80% في الإنتاج الزراعي، كما أطلقنا مؤخراً برنامجاً مشتركاً لمساعدة بلدان الساحل على الاستجابة لتحديات جائحة «كوفيد 19» والصراع وتغير المناخ.
إنجازات
– ما أهم إنجازات الصندوق في العام الماضي، وما خططكم لهذا العام؟
مع الآثار الاجتماعية والاقتصادية لجائحة «كوفيد 19»، وزيادة وتيرة الكوارث الطبيعية والتغيرات في أنماط الطقس، كان عام 2021 عاماً مليئاً بالتحديات بالنسبة لأفقر الناس في العالم. وركز الصندوق على إيجاد حلول طويلة الأجل للتصدي لتزايد الفقر والجوع، وحقق هدفاً يتمثل في وضع برنامج للقروض والمنح بقيمة 3.5 مليارات دولار، مما يساعد 130 مليوناً من أفقر الناس في العالم على تحسين دخولهم وأمنهم الغذائي وتغذيتهم. وقد وصل مرفق تحفيز فقراء الريف، الذي أنشئ في أعقاب الجائحة لمساعدة صغار المنتجين على مواصلة زراعة الأغذية وبيعها إلى حوالي 4 ملايين شخص في 60 بلداً.
زيادة الدعم
أكد جيلبير أنغبو رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية «إيفاد» أن الصندوق يعمل عن كثب مع الحكومات والمجتمعات الريفية والشركاء الآخرين ويستكشف سبل زيادة الدعم العالمي للمناطق الأكثر تضرراً، وسيكون التكيف مع المناخ محور تركيز مهماً آخر هذا العام، مضيفاً: يتعرض صغار المنتجين في المناطق الريفية لضربة قوية من أزمة لم يسهموا في نشوئها، ولا يصل إليهم حتى الآن سوى 1.7 % من تمويل المناخ وهذا يجب أن يتغير.